أبناؤنا ومسئولية الآباء
بقلم : م.أشرف الكرم
يعيش كل منا على أحلامٍ تختلط بالأمل والأمنيات، وهي حقٌ كاملٌ للجميع طالما كانت أحلامًا مشروعة، تبني على أهدافٍ سليمة في منظومة مجتمع متكامل ينتفع بأحلام أفراده التي تتحول إلى واقعٍ يفيد الوطن ، شريطة أن يقوم بمسئولياته تجاهها إذا ما تحققت.
ومن أعظم أحلام الإنسان، أن يكون له بيت مستقر وذرية طيبة صالحة من أبناءٍ وأحفاد ، مما يطيب له خاطره وتستمتع به نفسه إذا ما رأى تلك الذرية، التي ستعينه يوما ما وتكسبه رضاءًا من الله إن هو قد أحسن فيها التربية والتوجيه.
وفي واقعنا المعاصر، نرى حالة تنتشر بشكل كبير في ربوع من أرض وطننا كثيرًا، مما يستوجب أن نقف إزاءها لندق ناقوسًا للخطر ، لعلنا نستطيع إيقاف زيادتها و تغلغلها في نسيج المجتمع بهذا الشكل الكبير.
حيث نرقب بعضا من الآباء يسارعون في طلب الرزق بأطفالٍ ويكثرون في ذلك الطلب بإلحاح، ثم هم لا يقومون بواجبهم الحتمي ومسئولياتهم الواجبة تجاه أبنائهم من التوجيه والرعاية والتربية والمتابعة والتعليم والتطوير الذاتي لهؤلاء الأبناء، بما تحمله كل تلك الكلمات من تبعاتٍ وواجبات.
بل وفي كثير من الأحيان، نجد الأب الذي يحمل ابنه على ترك التعليم الإلزامي والزج به إلى مجالات العمل الشاق في سن الطفولة تحت دعاوى ملتوية من أن الابن لا يرغب في التعليم ، أو أنه ليس صالحًا للدراسة والتعلم.
لتكون النتيجة تسرب العديد من أبناء الوطن عن المسار التعليمي، وتخرج لنا جموعًا من الشباب الغير مؤهلين علميًا أو مهنيًا أو حتى حِرَفيًّا، مما قد ينحو بهم إلى مسالك خطيرة من الأفكار الشاذة أو المتطرفة أو الأعمال المتعدية على الآخرين.
ولا يعلم هذا الأب الذي دفع أبناءه إلى الهروب من التعليم والإلتحاق بأعمال ليست حرفية ولا مهنية، وجعلهم بعيدين عن مسارات العلم الذي يطور الإنسان، أنه بهذا النحو قد أجرم، وأنه لم يجرم في حق أبنائه فحسب بل قد أجرم أيضًا في حق الوطن الذي كان سينتفع بهؤلاء الأبناء في مجالات البناء الفكري والعلمي أو التقني الذي تحتاجه البلاد.
وعلينا جميعًا رصد تلك الظاهرة السيئة التي يقضي فيها بعض الآباء على أبنائهم دون أن يدروا ، ويقتلون فيهم الحياة الحضارية والوعي والإدراك.
وعلينا مساعدة الدولة التي سنت القوانين التي تلزم الآباء بتعليم الأبناء إلى المراحل الإلزمية من التعليم الأساسي بأن نقدم من يتهاون في حق أبنائه إلى المساءلة القانونية بالطرق المشروعة، كي يكون هذا الأب المتقاعس عن مسئولياته في التربية والتعليم والتوجيه مثلٌ رادعٌ لغيره ممن لا يكترثون بتنمية ثروات الوطن البشرية التي وهبهم الله إياها لكنهم في ذلك يفرّطون.


















