×
15 جمادى آخر 1447
5 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي

السيد الجزايرلي يشرح - درس الصين العظيم

السيد الجزايرلي يشرح - درس الصين العظيم
السيد الجزايرلي يشرح - درس الصين العظيم

رأيت المشهد المهيب لمراسم وداع الأطباء وفرق الرعاية الصحية الصينية أثناء مغادرتهم مدينة "ووهان" الموبوءة، وخروج السكان والأجهزة الأمنية لوداعهم بالتلويح والهتاف والدموع والتحية العسكرية في صورة مؤثرة للتعبير الشعبي والرسمي عن شكرهم بعد أن أكملوا مهام عملهم في السيطرة على وباء "كورونا"..

وبغض النظر عما يقال عن تحميلها المسؤولية لكون الوباء بدأ منها وانتشر في كل أرجاء العالم، أو ما يقال عن أن الوباء ليس أكثر من تمرين قذر على استخدام أدوات الحروب البيولوجية بين الكبار، فالحقيقة أن هذا المشهد كان محملا بالكثير من المدلولات المهمة، لعل أولها قدرة هذه الدولة العجيبة على مواجهة التحديات بسرعة فائقة وتقنية عالية، وإرادة بشرية صلبة حولت دموع ومشاعر الهزيمة أمام الوباء المخيف إلى دموع ومشاعر انتصار عليه، وبدء العمل على تصدير خبراتها في مكافحة الفيروس كأي منتج من منتجاتها التي تغرق بها أسواق العالم..

الصين أعطت الثقافة الغربية (أوروبيا وأمريكيا) درسا مهما في آليات التعامل مع المخاطر التي تهدد وجود الشعوب، هذا الدرس سيغير جملة من المفاهيم الرأسمالية اللا إنسانية التي ترفع القيم المادية على القيم الإنسانية، ففي الوقت الذي لجأت فيه بعض الدول الغربية إلى تطبيق مفهوم "مناعة القطيع"، وهو مصطلح لا إنساني يتضمن مدلولات حيوانية لا بشرية، كانت الصين تستخدم مفهوما مناقضا تماما ينتصر لقيمة الإنسان ويرفع قيمة الرأسمال البشري على قيمة الرأسمالية المادية، فهي كدولة تؤمن تماما بأن أهميتها الآن كواحدة من أكبر وأهم اقتصاديات العالم تكمن في ثروتها البشرية وفي إنسانها الدؤوب المنتج، وأن المحافظة على ثروتها البشرية هي الهدف الأسمى، حتى وإن استخدمت أدوات ديكتاتورية لتنفيذ المهمة الصعبة التي رأت أنها سيؤدي في النهاية إلى حماية الإنسان كثروة قومية هي الأساس في بناء امبراطوريتها الاقتصادية والتكنولوجية المدهشة..

في المقابل كانت بعض الدول الغربية تفكر بطريقة أخرى، وترى أن تطبيق سياسة "مناعة القطيع" سيكون مفيدا لأنظمتها الاقتصادية ومفاهيمها الرأسمالية التي تغلب ما هو مادي على ما هو إنساني، فالوباء لا يؤثر بدرجة كبيرة على الأطفال والشباب وصولا إلى سن الخمسين، وبالتالي فإن بقاء الأصحاء الذين يتمتعون بمناعة قوية من هذه الفئات العمرية المنتجة هو الأهم، أما كبار السن الذين أفنوا أعمارهم في العمل، وأصبحوا الآن الفريسة الأسهل أمام مخالب الوباء فليذهبوا إلى الجحيم، فقد أدوا أدوارهم ولا بأس - من وجهة نظر الرأسمالية القبيحة - أن يرحلوا، فقد أصبحوا غير منتجين، وباتوا عبئا على أوطانهم بأنظمتها الاقتصادية والصحية والاجتماعية وغيرها، وما شاهدناه من كوارث بعد الانتشار واسع النطاق للوباء في دول تتمتع بقدرات اقتصادية كبرى ولديها أنظمة متقدمة في مجالات الرعاية الصحية خير دليل على أن غياب الجوانب الإنسانية في الفكر الرأسمالي يمثل الآن واحدة من القضايا المهمة التي ستجعل هذا الدرس الصيني مطروحا لسنوات طويلة قادمة كعلامة استفهام حادة، ومن المؤكد أن الإجابة عليها سيكون بمثابة الهزة القوية التي ستخلخل كثيرا من الأفكار الرأسمالية الجامدة، كما أنها ستدفع فكر الشعوب التي تعيش في كنفها إلى الوقوف أمام المرآة طويلا للتأمل والبحث عن قيم جديدة يتم ضخها في خلايا الفكر الرأسمالي لتجديده وتغذيته ببعض الجوانب الإنسانية بغرض إحداث توازن بين ما هو بشري إنساني وما هو مادي برجماتي بالمعنى الذرائعي النفعي الذي يقدم مبادئ ومفاهيم الهيمنة والانتهازية على أي مبادئ أخرى.

أتصور أن انتشار هذا الوباء، وبهذا الشكل المخيف، وضع الكثير من الأسئلة الوجودية على المحك، وكشف مواطن الضعف والخلل في الأنظمة التي كنا نتوهم أنها تتمتع بقوة مطلقة، كما كشف مواطن القوة في الأنظمة التي توهموا أنها ضعيفة وهشة، ولا شك في أن موازين القوى في العالم سيعاد ترتيبها من جديد خلال السنوات القليلة القادمة، وقد يكون هذا الترتيب الجديد طاقة نور للبشرية، ولكنه أيضا قد يكون نفقا مظلما، لكن المهم في الأمر أن العالم سيخوض تجربة مثيرة ومغايرة، وسيشهد تحالفات جديدة، وأن عالم ما بعد "كورونا" سيختلف كثيرا عما قبله.

***

السيد الجزايرلي

 

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 05:19 مـ
15 جمادى آخر 1447 هـ 05 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:04
الشروق 06:36
الظهر 11:45
العصر 14:36
المغرب 16:55
العشاء 18:17