مواجهة في زمن كورونا
بقلم : د.أحمد سماحه
حين انفصلنا وتأهبنا للمواجهة قال لي : اثبت ففي الثبات منعة، وفي المنعة عزة، وفي العزة كسب
قلت : ريح جاهلة ، وأقلام مأفونة ، وعمر مفقود .ووباء قاتل.
وقفت أتفحصه ويتفحصني ، ينظر إلى غضبي و ألمي ، وأطالع صبره وجلده.
كانت المسافة بيننا أبعد من المواجهة وأقرب إلى الحب .
هو مثلي يشبهني تماما حين يتكلم ،يفسر، يحاور.. قلبه مثل قلبي ..ونفس الندبات في الصدر من آثار الطعنات الصديقة .
يسألني :هل قرأت ماكتبه صديقنا أحمد سماحة عن الوضع العربي ثقافيَا ذات مقاله وعن الوضع العالمي الكوروني ؟
قلت: بلى
قال: ألم يقل أن الجميع انخرط في مشهد هذيان جماعي ..يختلط في هذا المشهد كل أنواع العصاب والهلوسة ومالا يطوف بذهن علماء النفس ومفسري الأحلام والكوابيس .. فما الذي يؤلمك من هؤلاء ؟
قلت: ربما الغربة وربما العزة ..عشت خارج هذا المشهد سنوات ولم أشعر بهذا الألم ، لم يتحرك خنجر ليطعنني أو قرار يلغي وجودي ويطمس فكري أو صديق خبرني وخبرته يزيحني عن منبري ..أو ..أو .. كما يحدث الآن ..
قال : انظر إلى المشهد جيدَا كما وصفه صديقك سماحه فالجميع ضد الجميع وهم ضد الفرد والفرد ضد نفسه من فرط تقديسه لأوهامه فلا تكاد تتبين أي ملمح يقودك إلى وضع بعينه من فرط كثافة هذا الانتهاك.
قلت : ما المخرج؟
قال: نفسك
صمت لأرقبه ..أحاول أن أبحر في داخله وأن أكشف عن ما يكنه لي ، أن أعري حيرته هو أيضَا ، أن أتحقق من ثباته وصدقة ، وحين عجزت أشحت بوجهي عنه ووقفت أفكر ..هدوء ما، يكتنفني وثبات يغمرني فجأة يملؤني بإرادة الصمود ، مددت يدي لأحتضنه ،
كان قد تلاشي .
هل فكر أحد أن ينفصل عن ذاته قليلَا ليحاورها وليكتشف الآخر الذي بداخله ؟


















