الاقتصاد الأمريكي في زمن الكورونا.... إلى أين؟
بقلم : د.محمد حجازي
بينما نحن نعيش الآن حربًا بيولوجية مكتملة الأركان لابد أن يتأثر معها إقتصاديات العالم. سواء النفط أو الذهب أو العقار وأسعار الاوراق المالية في البورصات العالمية وأسعار العملات.
وقد ذكر التاريخ السياسي في أوقات الحروب والأزمات أن هناك قوى إقتصادية ستنتهي ويحل محلها قوة أخرى، فقد شهد العالم عقب الحرب العالمية الثانية أُفول نجم المملكة المتحدة (بريطانيا) وصعود نجم الولايات المتحدة الامريكية بمقتضي اتفاقية بريتون وودز ،فهل سنشهد في الشهور القليلة القادمة أفول نجم الولايات المتحدة الأمريكية وصعود نجم الصين (المارد الأصفر)؟
الآن نحن نعيش علي أعتاب حقبة زمنية جديدة لم نعهدها من قبل. وقد ذكر كثير من المحللين الإقتصاديين أننا نعيش حالة اقتصادية مشابهة لما حدث فيما يسمي (أزمة الكساد الكبير أو الانهيار الكبير ) في ثلاثينيات القرن العشرين والتي وتعتبر أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين.
متى بدأت أزمة الكساد الكبير؟
وقد بدأت الأزمة بأمريكا مع انهيار سوق الأسهم الأمريكية في ٢٩ أكتوبر ١٩٢٩م والمسمي بالثلاثاء الأسود ، وكان تأثير الأزمة مدمرًا على كل الدول الفقيرة منها والغنية، وانخفضت التجارة العالمية فيها، كما أنخفض متوسط الدخل الفردي وعائدات الضرائب والأسعار والأرباح.
وكانت من أكثر القطاعات المتؤثرة بهذا الكساد هو مبيعات السيارات وقطاع الزراعة والصناعة،وذلك لأن الديون تراكمت والسيولة قلت وأفلس الكثير من المعامل والمصانع وتم تسريح العمال وانتشرت البطالة وضعفت القوة الشرائية.
وانعكس ذلك على بورصة (وول ستريت ) إذ أقدم المساهمون في الشركات الكبرى على طرح أسهمها للبيع بكثافة. وأدى ذلك إلى هبوط أسعار الأسهم بشكل حاد وجر مزيداً من الإفلاس والتسريح والبطالة.
متى تجاوزت أمريكا أزمة الكساد الكبير؟
بدأ الانتعاش الاقتصادي في أمريكا في عام 1933م مع سياسة العهد الجديد التي وضعها الرئيس (روزفلت)، حيث نصت سياسة العهد الجديد على وضع حلول للأزمة المصرفية عام 1933م وإعادة فتح المصارف .
كما قام روزفلت بإنشاء قوانين ترعي مؤسسات الرعايةالإجتماعية وضحايا الأزمة الاقتصادية في القطاع الزراعي والصناعي، وتبنى الرئيس روزفلت سياسة اقتصادية جديدة تقوم على الدخول في مشاريع كبرى بهدف تشغيل أكبر عدد ممكن من العمال لحل مشكلة البطالة.
وكان برنامج روزفلت الاقتصادي قد أثار دهشة المحللين الاقتصاديين والمراقبين من السرعة التي نفذت فيها خطته والتي عادة تستغرق اجيالاً لتطبيقها. فعندما استلم السلطة كان النظام المصرفى والائتماني في حالة شلل تام، وكانت المصارف مغلقة.
آثار الأزمة الاقتصادية العالمية :
تركت الأزمة الاقتصادية الكبرى تأثيرًا كبيرًا في الأنظمة الرأسمالية فقد تحول النظام الاقتصادي الرأسمالي الحر إلى اقتصاد موجه وخضعت بعض القطاعات الحيوية كشركة إنتاج الفحم الإنجليزية وشركة المترو الفرنسية لنظام التأميم،والمشاهد هو أن القطاعين الصناعي والزراعي إنهارا سابقًا ، ورجعا بقوة بعدما شرعت القوانين الداعمة لهما وبسرعة.
وما أشبه اليوم بالبارحة...والآن نري تأثر هذين القطاعين بالأزمة الاقتصادية العالمية ، وهناك تقارير الآن تشير إلى أن هناك حزمة من القرارت الإقتصادية القادمة لحل حالة الركود الاقتصادي التي تعيشها أمريكا الآن من شأنها إنعاش هذين القطاعين والقضاء علي البطاله لينتعش السوق بعدها .
فهل الإستثمار الآن في هذين القطاعين سيؤدي إلي أرباح؟ وماذا عن سعر الدولار الآن ؟ فهل شراء الدولار الآن يعتبر إستثمار ذكي؟لما نعرفه أن هناك إنتعاش قادم خلال ستة اشهر قادمة ؟ وماذا عن أسهم شركات النفط، هل ستشهد قفزة غير مسبوقة كما ذكرت التقارير الاقتصادية ؟ التى ذكرت أيضًا إنخفاض قادم لأسعار العقارات في بريطانيا وأوروبا وأمريكا؟وكيف تستفيد الصين من هذا الوضع؟ إذا ما عرفنا أن بريطانيا تتوقع الخروج من أزمة كورونا خلال ٦ أشهر ؟ وأوروبا تترنح بشدة.. وأمريكا في حاله ركود إقتصادي كبير؟.
هذا ما ستكشف عنه الشهور القليلة القادمة...غير أن معظم المؤشرات الاقتصادية تتجه نحو صالح الصين.


















