" خليك بالبيت" ليست باللعيبة ولا بالفنانين
علاء سحلول المصريين بالخارجبقلم : د.محمد بدير الجلب ـ رئيس المجلس العربي للعلاقات العامة
من المعقول أو المنطقي أن يصاب مريض بإنفلونزا فيصف له الطبيب علاج ما، فيتم برحمة الله شفاء المريض، ولكن ليس من المعقول أن يصاب مريض آخر بمرض الربو، فيصف له الطبيب نفس العلاج الذي وصفه لمريض الإنفلونزا بِحُجة أن العلاج كان مفيدًا وبه تم شفاء المريض الأول، ثم يجيء للطبيب مريض ثالث مُصاب بذبحة صدرية فيصف له الطبيب نفس الدواء، مقتنعًا أن الدواء تم تجربته وأنه دواء شافي، مثل هذا الطبيب نقول له : " عيب عليك سنوات الدراسة في الطب ، وقد أجرم من أعطاك رخصة طبيب، لأنك من المؤكد طبيب فاشل، وإن من البديهي أن ما ينفع لحالة لا ينفع للأخرى ، بل قد يضرها ويزيد الحالة سوءً ."
وهذا مايحدث مع كثير من البرامج الإعلامية التي تعمل على نشر الوعي الصحي والثقافي ضد وباء الكورونا الفتاك، تتعامل مع وباء الكورونا نفس تعاملها مع حالة تشجيع فريق كرة القدم القومي الذي يدخل مباراة نهائية، فتأتي هذه البرامج بفنانيين ولاعبين كرة قدم لينطق كل واحد منهم ـ وهو جالس في النادي أو البيت أو راكب سيارته أو جالس على الفوتيه في بيته ـ برسالة واحدة: "شجع فريقك" ، وكل منهم ينطقها بلسانه الرطب وبلحنه المميز ووجهه المألوف وابتسامته المرسومة، وبذلك يضمنوا نزول الجميع للشارع والهرولة إلى الاستاد لتشجيع فريقهم القومي...تفكير ومنهجية قد تكون مقبولة لحشد جماهير مراهقة تشجع فريق أو فنان ، ولكنه تفكير ومنهج عاجز إذا طُبِق على حملة توعوية تطلب من كل الشعب " خليك بالبيت".
إن الاعتقاد بأن هؤلاء الممثلين أو الفنانين هم أصحاب السلطة والقوة والتأثير على كل الجماهير لدرجة الانصياع لما يقولون هو خطأ كبير يقع فيه منفذوا تلك الحملات الإعلامية، فهؤلاء هم قوة إذا كنت تعلن عن فيلم أو مباراة كرة، لأنهم يخاطبون جماهيرهم الخاصة المهتمون بالأفلام ومباريات الكرة، أما أن تجعلهم المؤثرين والقوة الضاربة للحملة الإعلانية لمواجهة وباء كورونا وأنهم من سينصاع لهم الشعب ويسمعون كلامهم وأن عبارة " خليك في البيت" من أفواهم لها قوة السحر أو قوة الدفع التي تدفع الناس ليبقوا في البيت فهذا فهم خاطىء للتشخيص، ومثلكم مثل الطبيب الذي يصف دواء الإنفلونزا لمريض الذبحة الصدرية.
إن حالة مثل وباء الكورونا وهي ببساطة يعرفها المتعلم وغير المتعلم، الطبيب وغير الطبيب، هي كارثة صحية، لها ظواهرها الصحية والعلمية، وأبطالها ليسوا فقط نجوم الكرة والفن، فلها نجومها المتخصصين في مجالات الطلب والعلوم، وهم الأجدر أن يتحدثوا، وأن تؤسس الحملات الإعلامية على أكتافهم، وأن تكون الرسائل الإعلامية التوعوية والتثقيفية من خلالهم لأنها ستكون أكثر مصداقية، وسيتجاوب معها المتلقي بقناعة.
وأرجوكم أن تتركوا الفنانين واللاعبين من الظهور في كل مشهد أو احتفالية أو مأساة علهم يجدوا الوقت ليتفرغوا لتقديم فنًا راقيًا بدلًا من الإسفاف والاستخفاف الذي مُلِئت به الشاشات، واتركوا اللاعبين أيضًا علهم يجدوا الوقت ليتعاملوا مع كرة القدم بقوانين الاحتراف، لِيُمْتِعوا الجماهير ويذيقونهم حلاوة الفوز بدلًا من الخسارة.