دموع الماس ... بقلم الدكتور محمد حسن كامل رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب باريس
لم تتذكر سوى هذا المشهد الأخير من رؤيتها , مريم المجدولية ورابعة العدوية تتعانقان وقد اختلطت دموع الآولى بالثانية , بينما الدماء لطخت ثيابهما البيضاء ..!!
استيقظت فتاة الليل على هذا المقطع من رؤيتها العجيبة .
فكرت طويلاً وقالت لنفسها.....لماذا لا أكون مثلهما....؟ رابعة أو مريم وكلاهما تابا لله ودخلا التاريخ من باب التوبة....المفتوح دائما ولكننا لا نراه.....!!
هكذا كان الحوار بينها وبين نفسها , وظهرت في عينيها عَبْرة , ثم انحدرت دمعة وأجهشت في بكاء مرير سافرت به نحو الماضي
المظلم بالأثم......!!!
لقاء دراهم معدودة كشأن فتيات الليل......!!
وراحت دموعها تغسل قلبها حتى أمسى قلباً نقياً يناجي الله رب الوجود
نعم هي دمع التوبة ....أغلى الدموع التي تطهر القلوب من الأثام والخطايا والذنوب .
وفجأة مزق سكون الليل صوت شئ صلب رقيق يصدم الأرض , مثل حبات عقد فرّت من خيوط سجنها لتتناثر في كل حدب وصوب .
نظرت بدهشة إلى هذا الشئ.....المتناثر على بلاط غرفتها......انها قطع من الماس......ولكن من أين جاءت تلك القطع.....؟
فهي لم تعرف للماس طريقاً من قبل....!!!
وسرعان ما أكتشف السر ......دموعها تحولت إلى بلورات ماسية في الحال.....شئ ساحر .....شئ عجيب .....!!!
واستمرت في البكاء , واستمر الماس في تساقطه.....حتى جفت دموعها توقف الماس عن التساقط ....!!!
جمعت هذا الكنز في علبة وحفظته في مكان أمين......!!
تحول مخدعها إلى خلوة بينها وبين ربّها في الصلاة والدعاء والإستغفار.....بعد أن هجرت هذا العمل البغيض إلى نفسها.....!!
وتحولت حياتها إلى ناسكة ولمّا اشتد بها الفقر , تذكرت صندوق الماس , وقررت أن تبيع قطعة لتواجه شظف العيش وقسوة الحياة....!!
توجهت إلى كبير تجار الماس في المدينة , وكان رجلا ًحكيماً , طاعناً في السن , قالت له : أريد أن أبيع تلك القطعة الماسية فهل لك أن تقدرلي ثمنها......؟
نظر الرجل طويلا إلى تلك القطعة العجيبة مندهشاً وقال لها :
لم أر في حياتي قطعة ماسية بهذا الجمال.....فهي لا تقدر بثمن ....!!
عودي يا بُنية بها.....أنا لا أستطيع بكل ثروتي أن أشتريها....لا لا يا بُنية ....لن أستطيع فهي أغلى من كل ما أملك....!!
حاولت الفتاة .....وقالت له :
أرجوك أريد أي ثمن لهذه القطعة .
قال : لا أستطيع شراء هذه القطعة ....فهي أغلى من كل ثروتي.....!!
دفعت الفتاة القطعة بقوة في يده محاولة التأثير عليه .....!!
قال الرجل : لماذا يا بُنيتي..... بصوت فيه حسرة وندم !!!
ونظر إلى قطعة الماس الساحرة في يده بحسرة والتي سرعان ما تحولت إلى قطرة من قطرات الماء فرّت بين أصابعه لتفوز بها حبات الرمال.....!!!
هنا نظر الكهل للفتاة وقال لها :
ألمْ اقل لك انها أغلى من كل ما أملك.....؟
يا بُنيتي :
(( دموع التوبة لا تُباع ولا تُشترى , كذلك دموع الماس ))
دكتور / محمد حسن كامل
رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب


















