لاتكن عبدًا لعاداتك
بقلم : د.محمد بدير الجلب ـ رئيس المجلس العربي للعلاقات العامة
(تدحرجت البيضة من العش الذي كان موجودًا في أعلى الجبل، حيث تحب النسور أن تعيش، واستقرت في حظيرة دجاج أسفل الجبل، فقامت دجاجة كبيرة بالاعتناء بها حتى فقست وخرج منها نسر صغير... وتربى النسر الصغير مع الدجاج، وأصبحت عاداته هي نفسها عاداتهم. وفي ذات يوم وبينما كان يلعب في فناء الحظيرة شاهد مجموعة من النسور تحلق عاليًا في السماء، فتمنى أن يطير مثل النسور، فاستهزأ منه الدجاج، وقالوا له: أنت دجاجة مثلنا، وأننا منذ أن خُلِقْنَا نسير على أرجلنا ولا نطير بأجنحتنا، ولا نستطيع التحليق عاليًا مثل النسور...نكًس النسر رأسه واستسلم...فعاش كل عمره "دجاجة").
وكثير منا رضي أن يكون "دجاجة"، لأنه استسلم، ولم يحاول أن يكسر قواعد العادات التي اعتاد عليها، ولم يسعى لتغيير واقعه، برغم امتلاكه مقومات التغيير. ولم يحاول ولو مرة أن يجرب ـ ولو لمجرد التجربة ـ أن يحقق حلم راوده (فلو حاول النسر الدجاجة ولو لمرة واحدة أن يطير لاكتشف إمكانياته وأصبح نسرًا حقًا).
إن عاداتنا سر قوتنا وسر تقدمنا، كما أنها سر ضعفنا وسبب تراجعنا، وهي التي ترسم شخصيتنا وتحدد مساراتنا. وهي السبب في حصولنا على علامات إعجاب وقبول إذا كانت عادات حميدة تبنى وتُعمًر، أو علامات نفور وتجاهل إذا كانت محبطة ومنفرة. إن لها قوة طاغية، تحركنا في يومنا داخل بيوتنا وفي مجال عملنا، قوة مستمدة من استقرار تلك العادات داخل نفوسنا والتصاقها بشخصيتنا، حتى أصبحت علامة مميزة (براند) لشخصيتنا، وأصبحنا أكثر استسلامًا لكثير من هذه العادات التي تربينا عليها أو اكتسبناها خلال مراحل عمرنا، برغم أن بعضها يعيق انطلاقنا لنطير بأجنحة النسر.
إننا نحتاج في مرات كثيرة إلى الخروج من عباءة عاداتنا المحبطة لحركتنا وتطورنا، بنفس قوة تمسكنا بعاداتنا الحميدة، حتى ننطلق لتحقيق حلمنا ورسم شخصيتنا التي نحلم بها، ولا نكون مثل هذا النسر صاحب الامكانيات الكبيرة، والتي لو عرفها لاستطاع أن يتغير، ويصبح ... في الحقيقة نسرًا.


















