×
15 جمادى آخر 1447
5 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي

وماذا بعد كورونا؟

وماذا بعد كورونا؟
وماذا بعد كورونا؟

بقلم : صباح أبوغزالة 

لم يكن أحد يتصور شكل العالم بالوضعية الحالية التي هو عليها الآن ، قبل ستة أشهر فقط كانت حركة الطيران المدني نشطة نشاطًا ملحوظًا تعبر الأجواء من قارة إلى أخرى، وكانت حركة تبادل السلع بين الموانئ قائمة على قدم وساق ،أما المهرجانات الفنية والرياضية والثقافية فلا طارئ يلغيها أو يؤخرها. 

فجأة توقف كل شيء وحدث جمود مس حركية جل النشاطات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، حيث أن نصف سكان الأرض اختفوا في بيوتهم ،الأمر الذي خفض من التلوث الذي كان قد بلغ درجات قياسية خطيرة وظهر جليًا للمراقبين والملاحظين بداية تعافي طبقة الأوزون حسب ما نشرت مجلة la nature العلمية المتخصصة ، كما سجلوا انخفاضًا محسوسًا في انبعاثات الكربون العالمية بدرجة لم تعرف منذ أكثر من ثلاثين عامًا ما جعل أكثر من ٣٣٧مدينة عالمية تتنفس هواءً نقيًا،بعد أن خنقها التلوث. وتنجو من أسخن صيف متوقع، وكانت طلائعه ظاهرة في حرائق أستراليا وفي الاضطرابات العنيفة التي لم تنجو منها أي قارة منها. 

إن النتائج الإيجابية التي أفرزتها جائحة الكورونا لم تطل استعادة الكرة الأرضية لبعض جمالها ونقائها فقط بل مس وبعمق ـ ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانيةـ صلب النشاط السياسي العالمي حيث ظهر جليًا انحسار النظام السياسي الأحادي وبداية تبلور نظام سياسي متنوع القوى ومتعدد الرؤوس ومختلف الخلفيات والمرجعيات الثقافية والأيدولوجية.

لن أطيل الحديث عن النتائج السياسية والاقتصادية والبيئية التي أفرزتها الجائحة لأنها محور اهتمام العالم كلها، إنما أحاول في عجالة التطرق إلى النتائج الاجتماعية والثقافية التي أراها منطلق كل التغيرات،باعتبار ظهور أُولى مقدماتها على المسرح العالمي حيث استحوذت على ما نسبته ستين بالمائة من المتابعة في وسائل التواصل الاجتماعي وأراها في المؤشرات التالية:

ـ  الدعوة العلنية والصريحة لمبدأ التلاقح الحضاري عوضًا عن مبدأ التصادم الحضاري الذي نُظِر له ولعقود من الزمن الثلاثي التصادم برنار لويس ـ صمويل هنتغتون ـ فرنسيس فوكوياما، وذلك عندماعجزت الكثير من الدول المصنفة صناعية  عن التصدي للفيروس، ما جعلها تطلب العون والدعم من الدول التي تختلف عنها اختلافًا جذريًا في الثقافة والدين والتاريخ، ورأينا كيف أسرعت الصين الكنفوشيوسية إلى تقديم الدعم لايطاليا الرومانية، كما راينا كتائبًا من أطباء كوبا الشيوعية يسرعون إلى مساعدة دول رأسمالية تختلف عنهم اختلافات جذرية، وتوازى ذلك مع انخفاض ظاهر في حدة التخويف م من الحضارة الكنفوشيوسية والإسلامية التي كان يسوق لها لوبيات صناعية وأيدلوجيات معروفة. 

ـ انهيار منظومات الجماعات الإرهابية في كل الدول التي كانت تتواجد فيها وتعبث بمقدراتها لأن الدعم الذي كانت تلقاه من بعض الدول لم يعد متوفرًا نظرًا لانغماس هذه الدول في مواجهة الفيروس الذي طرق أبواب مدنها وشعوبها وجعلها لا تلتفت لأي اهتمام خارج المعركة المصيرية التي تخوضها. 

ـ فشل سياسة التصنيع العسكري التي أغرقت العالم في الحروب والصراعات والنزاعات المسلحة من أجل ضمان تسويق مأمون لما تنتجه من وسائل الدمار والخراب لترتفع مع الجائحة أصوات النخب وصانعي الرأي العام والأحرار في كل دول العالم الصناعي إلى الاستثمار في إنتاج الأدوية ووسائل الوقاية من الأمراض وهو الاستثمار الأربح والأنظف والأفيد. 

ـ فشل المشاريع الإرهابية التدميرية التي تدعمها دول ومنظمات  ومراكز بحث وغرف أجهزة مخابرات وفتاوي دم خاصة مع الدعوة التي أطلقتها هذه التنظيمات لنشر الفيروس عن طريق العطس المتعمد للإرهابيين المصابين بالفيروس في أي مكان يتواجدون فيه لضمان أوسع لانتشار للمرض وذلك ضمن استراتجية مستجدة معتمدة مع ظهور الجائحة، وهو الأمر الذي اسقط آخر ورقة توت كانت تستر عورات الإرهاب المتدثر بغطاء الدين، وثبت للعالم أن الرؤية الاستشرافية للقيادةالسياسية المصرية التي كانت تؤكد في كل مرة أن الإرهاب خطر على البشرية كلها وليس خطرًا على الدولة التي يتواجد بها ،وكانت رؤية صحيحة مائة بالمائة، فجهود مصر في مكافحة الإرهاب عبر تجفيف منابعه وعبر المواجهة الأمنية الفاعلة جهود تعود بالخير على الإنسانية كلها. 

 - ظهور أرقى مظاهر وحدة الشعور الإنساني بين شعوب العالم وذلك من خلال سلوكات التعاطف والتعاون التي انتشرت بين الدول والشعوب رأينا ذلك جليًا في غناء العالم كله مع الشعب الإيطالي وهو تحت الحجر الصحي حين خرج إلى شرفات البيوت يغني للحب والإنسانية.وضحك العالم أيضًا وهو يرى سكان هانوي في فيتنام يصنعون همبرغر على شكل فيروس الكورونا أطلقوا عليه اسم كورونا برغر ويلتهمونه بلذة كرمز لآمال البشرية كلها في الانتصار عليه. 

- بروز المدرسة الصينية في قدراتها اللامتناهية في السيطرة على الفيروس حيث أبهرت العالم في سرعة إنجاز مستشفى ضخم لمعالجة المصابين في زمن قياسي لم يحدث عبر كل التاريخ الإنساني (إنجاز المستشفى في عشرة أيام) ،وارتكزت المدرسة الصينية على قوة الدولة وفاعلية الانضباط واستثمار العلم والضرب بقوة على من يتسبب في إيذاء المواطنين وكأنهم يردون على الاجتهادات التي تسعى لضرب الأنظمةالوطنية ، وكانت جهود الصين في مواجهة الفيروس محل تنويه من منظمة الصحة العالمية. 

- بروز فاعلية جهود الدولة المصرية وهي تحمي شعبها وتتواصل مع الدول لتبادل الخبرات الطبية وتعمل على نشر الثقافة الصحية في كل مكان،  وكان لتصريحات الأطباء المصريين الدور الكبير في تنبيه الرأي العام الدولي إلى خطورة الفيروس، من ذلك كنموذج ما صرح به الدكتور جمال شعبان ـ استشاري القلب ـ لقناة صدى البلد مؤكدًا على خطورة الفيروس وذكائه وهو ما لم يسبق أن طُرِح ومنوهًا بدور الحكومة المصرية في اعتمادها على نموذج راقي في التعامل مع الفيروس بعيدًا عن التهويل والتهوين خاصة عندما ذكر أن : مصر أخذت النموذج الوسطي في التعامل مع المرض، وهو النموذج الذي اعتمدته الولايات المتحدة نفسها فيما بعد. ومتى غابت الوسطية في كل الأمور والقضايا عن مصر شعبًا وقيادة وتاريخًا وجغرافيا؟ ومتى غفلت عين الله عن المحروسة رعاية ومعية؟نلمس ذلك واضحًا في مقولة ذات الدكتور  أن ٨٥ % من المرضى في مصر يتعافون دون أن يعرفوا أنهم مصابون، وهذه النسبة تعتبر من أعلى النسب في العالم .

ولذلك اعتبرنا أسلوب تعاطي الحكومة المصرية مع الجائحة أسلوبا يؤسس لمدرسة أخرى في مواجهة هذا العدو الخفي الذكي، وفي الافق القريب نتائج إيجابية أكثر إذا استثمر الإنسان ما أوجدته الكورونا، عاشت مصر شامخة وعاش شعبها معطاءً كعادته في كل المسارات التاريخية والدورات الحضارية لشعوب الأرض قاطبة.

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 08:19 مـ
15 جمادى آخر 1447 هـ 05 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:04
الشروق 06:36
الظهر 11:45
العصر 14:36
المغرب 16:55
العشاء 18:17