للصائم فرحتان
بقلم : التميمي الحبال
تكفل رب العزة سبحانه وتعالى بجزاء الصائمين فكل عمل يقوم به الإنسان له حظ فيه إلا الصوم فقد اختص بهذه الخصوصية وقال الحديث القدسى (إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به) فأضاف الله تعالى الصوم إلى نفسه تشريفا لهذه العبادة وتكريما للقائمين بها، والعلماء الأجلاء آراء في إضافة الصوم إلى الله تعالى، أوردها الإمام النووى رحمه الله تعالى فقال ( اختلف العلماء في معناه مع كون جميع الطاعات لله تعالى فقيل سبب اضافته إلى الله ـ أنه لم يعبد أحد غير الله تعالى به فلم يعظم الكفار فى عصر من العصور معبودا لهم بالصيام، وإن كانوا يعظمونه بصورة الصلاة والسجود والصدقة والذكر وغير ذلك.
وقيل: لأن الصوم بعيد عن الرياء لخفائه بخلاف الصلاة والحج والغزو والصدقة وغيرها،أو لأنه ليس للصائم لنفسه فيه حظ أو أن الاستغناء عن الطعام من صفات الله فتقرب الصائم بما يتعلق بهذه الصفة، وإن كانت من صفات الله تعالى ـ وصفات الله تعالى لا يشبهها شئ فهى نوع من السمو الروحى.
وقيل : معناه المتفرد بعلم المقدار فى ثوابه، وقيل: هى إضافة تشريف، قيل: لأن جميع العبادات توقى منها مظالم العباد إلا الصيام.
إن الصوم عبادة لا يدخل فيها رياء وأن كل عمل من أعمال الخير والطاعة يحصل لصاحبها حظ منها لأنها ظاهرة إلا الصوم فإنه لا يدخل فيه رياء، نعم قد يكون فى الصوم الرياء بالقول كمن يخبر عن نفسه بأنه صائم، يكون الرياء فقط من جانب الإخبار، بخلاف بقية الأعمال فإن الرياء فد يدخلها بمجرد فعلها.
بمقابلة هذه الآراء بعضها ببعض يمكن استظهار ما تميزت به هذه العبادة من الفضل، وأن جميع الآراء لا تختلف في أن الإضافة إلى الله تفيد التشريف وتفيد مضاعفة الثواب لأصحابها، ويدل على ذلك قوله( وأنا أجزى به) وإذا كان الذى تكفل بالجزء هو الله فهو لا شك جزاء وافر وعظيم لا نظير له.
عن أبى أمامة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت :مرنى بعمل يدخلنى الجنة فقال: عليك بالصوم فإنه لا عدل له _ ثم أتيت الثانية فقلت زدنى، قال عليه الصلاة والسلام (عليك بالصوم) رواه البخارى ومسلم.
أما بالنسبة لما أشار إليه الحديث من ثمرة الصوم وأنه جنة أى وقاية يمنع من النار ويمنع الرفث والآثام، تظهر وقاية الصوم للمسلم من النار بمغفرة الله له ماتقدم من ذنبه وما تأخر، فعن أبى هريرة عن النبى أنه قال ( من صام رمضان إيمانًا وإحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه)


















