ضريبة النجاح
بقلم : صباح أبوغزالة
عندما تتهاوى القيم الأخلاقية والاجتماعية السامية في أي مجتمع من المجتمعات البشرية فإن مصير هذا المجتمع آيل للسقوط إما آجلًا أو عاجلًا إن لم يتدارك الأمر ويصحح الخطأ.
ومن أخطر نتائج تهاوي هذه القيم : ازدهار سوق محاربة النجاح والتصدي للناجحين عبر سلسلة من الحملات المركزة لثنيهم عن الانطلاق في دروب الحياة والكفاح .
وقد ابتليت الكثير من المجتمعات العرببة بفئة من الفاشلين والمحبطين (بتشديد الباء)الذين ليس لهم من هم إلا تحطيم الناجحين حتى يبقى الفشل هو القاعدة العامة والنجاح هو الاستتناء (الذي يحفظ ولا يقاس عليه ).
ولذلك أشار ابن مصر البار الدكتور أحمد زويل في مقولة له مشهورة أصبحت عنوانًا لمأساة العالم العربي ذكر فيها أن "الغرب ليسوا عباقرة والعرب ليسوا أغبياء ،فقط هم يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل."
ويجند الفاشلون كل الوسائل والإمكانات لتحقيق أهدافهم في الوصول إلى التدمير الشامل لكل نجاح والقضاء المبرم على كل الناجحين ،لا يستنكفون عن استعمال أي وسيلة تطالها أيديهم مجندين حتى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الإحباط واليأس عبر الرسائل الإعلامية الممنهجة أو عبر الهشتاجات التي تنتشر في أي وسط توجه إليه كأنها الأشعة الحارقة المدمرة.
وقد انتشرت في كثير من أوساطنا : الإشاعات والارجافات معتمدة على هذه الوسائل العصرية المستجدة ولم ينج من تأثيرها لا الأفراد ولا المؤسسات ولا الدول في إطار ما يعرف بحروب الجيل الرابع والخامس.
ولعل جائحة الكورونا كشفت المخبوء من هذا التكتيك الذي تحركه المخططات أو العقد ،ولا ينكر إلا جاحد جهود الدولة المصرية وهي تواجه داء العصر الذي غير وجه العالم اليوم متناغمة ومتعاونة مع دول العالم كله ،مفيدة ومستفيدة ليأتي بعضهم في إ طار خدمة الأجندات السياسية الخارجية أو في اطار التنفيس عن عقدهم النفسية فيقومون بتسفيه الجهود التي تبذلها الدولة ،ناشرين لإشاعات مغرضة ولأخبار لا أساس لها من الصحة همهم زرع الشك واليأس والإحباط.
وما نراه من حملات في مثل هذه الظروف لا يعبر إلا عن نجاح الدولة المصرية في إحتواء أزمة الكورونا بمنهجية هي غاية في الذكاء والفعالية.
ولو لم تكن ناجحًا لما تعرضت لحملات التشويه،وما يجري على الدولة يجري على أبنائها الناجحين الذين حاربوا على كل الجبهات حتى وصلوا، لأن معركتهم شرسة ومصيرية مع حزب الفاشلين أعداء الوطن والمسلحين بالمكر والخديعة.
وقد عايشت نخبة مصر قديمًا وحديثًا مثل هذه المعارك المستعرة بين الناجحين والفاشلين فدخلوا بكل ما يمثلون من ثقل معنوي على خط هذه المعارك الحامية مرجحين كفة معسكر النجاح والناجحين.
واكتفي في هذه العجالة بموقفين لعلمين من أعلامنا:
الموقف الأول للأديب الكبير الأستاذ عباس محمود العقاد الذي جاءه يومًا رجل يشتكي من هجوم الناس عليه بطلب منه العقاد أن يجمع كل المواصيع التي كتبت عنه فجمعها ثم قال له العقاد :ضعها تحت قدميك فلما فعل قال له:(لقد ارتفعت عن مستوى الأرض بمقدار هذا الهجوم عليك ولو زادوا بي نقدهم لزاد ارتفاعك).
أما الموقف الثاني أو بالأحرى الكلمة الثانية فهي تلك الكلمة الخالدة الراقية للكاتب مصطفى أمين التي قال فيها :(إذا فمت بعمل ناجح وبدأ الناس يرمونك بالطوب فاعلم أنك وصلت بلاط المجد وأن المدفعية لا تطلق في وجهك بل تطلق احتفاء بقدومك).
فضريبة النجاح إذن هي هذا الهجوم الذي يشنه الفاشلون والمعقدون الذين يمثلون السوس الناخر لتماسك لبنات المجتمع والفيروس المدمر لمناعة الوطن ،وهم أخطر معوقات الاقلاع الحضاري الواعد لأي مجتمع من المجتمعات ،وهم أخطر من العدو الخارجي لأنهم جزء من النسيج الاجتماعي للأمة ، وهم في أغلبيتهم الساحقة ليسوا مجندين من الدوائر الخارجية إنما هم عملاء مجانيين لعقدهم النفسية وعاهاتم الذاتية يتناغمون مع مخططات العدو الخارجي في تحقيق الهزيمة النفسية.
ولذلك نراهم يفعلون المستحيل من أجل إرضاء طبيعتهم الملوثة بالحسد والغيرة، وقد يفشلون في غالب الأحيان في إحداث الضرر بمن يحاربونهم ويظلون يعيشون الحسرة من عدم قدرتهم على عرقلة الناجحين حتى إنهم قد يتعرضون لشتى اأواع الامراض المزمنة الناتجة عن القلق والأرق والضغط النفسي ليصدق فيهم قول القائل :
ألا إن الحسد ما أعدله ....بدا بصاحبه فصرعه
كلمتي في الأخير للذين يشقون طريقهم وسط الأشواك والأنواء"ا مضوا ولا تلووا على شيء فأنتم الفائزون رغم كل العراقيل والمطبات واستحضروا مقولة ليس بروان" صوب نحو القمر فان سقط سهمك فسوف يسقط بين النجوم ".
أما أولئك الخائرون غربان البين، فلن يضروا القافلة مهما صاحوا ومهما شغبوا ومهما عرقلوا ومهما أشاعوا وارجفوا ومهما اصطفوا مع أعداء الوطن ، وويل لهم من انتقام الجبار ولعنة التاريخ، ليصدق فيهم قول الحق كل جلاله (وسيعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون) فالمجد للمكافحين الناجحين ...والشموخ لمصر العظمى.


















