خذوني إلى يافا
شعر: مصطفى أبوالرز ـ القطيف
(في الذكرى الثانية والسبعين للنكبة مستوحاة من وصية ابن يافا وأستاذ جامعة هارفارد البروفيسور ابراهيم أبولغد)
خذوني إلى يافا إذا حضر الموتُ
وقولوا لها إني إلى حضنِها عُدتُ
ورشوا على قبري من البحر قطرةً
على شطّهِ كم سرتُ في مائهِ غصتُ
إلى كرمةٍ في الدار بالله بلّغوا
بأني لها واللهِ في الغربةِ اشتقتُ
ومن غصنها هاتوا إلى القبرِ بُرعمًا
على القبرِ قد يحلو إلى البرعمِ النبتُ
يُظلل ُقبري مثلما كان دائماً
تناولني يُمناهُ ما قد تمنيتُ
ومن عذبِ ماء البير إن شئتُ أرتوي
ومن برتقال الدار أقتاتُ إن جُعتُ
تحنُّ عليَّ الارضُ مذ كنتُ مضغةً رعتني
فمنها الأمُّ والبنتُ والأختُ تظللني
فيها مدى العمر غيمةٌ
تُتابعني أنّى توجهتُ أو سرتُ
وقُدّامَ عيني دائما ظلَّ طيفُها
فما غاب لو أدنو ولا غاب لو غبتُ
فإن يرفض ِالأعداءُ يومًا وصيتي بيافا
أحيلوني رمادًا كما شئتُ
وذرّوا رمادي فوق قبرٍ لوالدي هناك
أكونُ الدهرَ في موتِيَ ارتحتُ
وقولوا لمن خافوا الذي عاد ميّتًا
سيرجعُ مهما طال في الغيبةِ الميْتُ
فما زال في عينيهِ رسمٌ لدارهِ
وما زال في أذنيه إذ نادتِ الصوت
سيقذفكم في التيه بحرٌ أتى بكم
ولا ثَمَّ يُنجيكم سفينٌ ولا يختُ
سيرجع ُمن أقصى المنافي مشردٌ
وأرجعُ من قبري صبيًا كما كنتُ
وأحضنُ أحبابي فلا نأيَ حينها
فذوقوا الذي عانيتُ هيموا كما هِمتُ
يُغردُ في يافا وبالضاد بلبلٌ
ويعلو أذان كان كبَّلهُ الصمتُ
أعوذ كأني غبتُ يوماً وليلةً
فقد مات موتي اليومَ
لكنني عشتُ تُراقصني يافا ويعلو نشيدُنا
يُقبِّلُني حقلٌ ويحضُنني بيتُ
وتغسلُني من لوثةِ القهربِركةٌ ٌوزيتونةٌ منها
إذا أُسرجَ الزيتُ يُضيءُ فلسطينَ الحبيبةَ كلّها
فقد زال عنها الرجس ُوالشرُّ والجِبتُ


















