البوح
شعر : محمود عبدالصمد زكريا
البوحُ فَضَحٌ ..
والسكوتُ جَريِمَةٌ ..
في البينِ بينِ بَرَاءةٌ
وقصيدةٌ مسكونةٌ بالحُلمِ .
نافذةٌ مُطرَّزةٌ بضوءِ البوحِ .
تدْفُقُ في المَدى أُنشودَةٌ
كالماءِ في الصحراءِ ..
تنبع من أصابعِ شاعرِ .. ضِدٍّ
لتكسَرَ فلقةَ الصمتِ الجبانْ.
البوحُ صُبْحٌ ..
ها هنا حُلمٌ تَعَرَّى
من رمادِ النومِ ..
هَبَّ مُشاكِسَاً ؛ فتجاوزَ المعنى .
والبوحُ مِرآةٌ
لتعكِسَ خلفَ لُجَتِها حدودَ حقيقةٍ
كشفتْ منابِعُها عن القولِ القُراحْ.
خَبَرٌ تَقَدَّمَ أسمَهُ
في الأسرِ يسألُ : أين مُبْتَدَأُ الطريقْ؟
شَفتانِ تقتتلانِ
أم أُذنانِ تصطرعانِ؟
للماضي أصابِعُ
فوقَ بصمتها رمادٌ
في دُجى ليلٍ تَعَتَّقَ ..
أو تعلَّقَ ..
مَنْ سَيُنْفضُهُ ؟!
نجومٌ
خَبَّأَتْ في خيمةِ الخُيلاءِ خيبَتها
عيونٌ كالضفادعِ ..
( ليتَ للبَرَّاقِ عيناً كي تَرى )
البوحُ نزفٌ - ربَّما –
كعِبَارةٍ بدأتْ بِحوقلةٍ
تُشيِّع‘ جُثَّةً ..
أو ثورةً ..
مَنْ ذا الذي سيقيس
عَرضَ كلامِهِ بالريحِ ؟
يقتحِمُ الخريطةَ
غائصاً في الجُرحِ
دونَ ملامَةٍ ..
لُغَةُ الفضيحةِ في دَمي
والعينُ ترصُدً لَعنَةً ..
أو ثورةً ..
هذا طريقُ للمتاهةِ مرَّةً أخرى ..
يا سيَّدَ التيه الذي يعلو المنابِرِ
هلْ تَرى ؟!!
البوحُ ذَبحٌ
طالما هذي المآذن تجمعُ القتلى
وأجراسُ الكنائِسِ
قد تَغَطَّى حُلمُها
بالأحمرِ الوحشيِّ
هذا اللونُ تعرِفُهُ مياهُ النيلِ ..
ذاهِلَةٌ يدي ..
لهذا اللونِ تاريخٌ
وماءُ النيلِ لا ينسى
ستطفو جُثَّةٌ للبوحِ
في دمِها الفضَيحةٌ مُرَّةٌ..
لا ..
لم يَعُدْ في القلبِ مُتَّسعٌ لِيُدرِكَ
لم يعد للعينِ ماءٌ كي ترى ..
هذي البِدَايةٌ لعنةٌ مكبوتَةٌ
طَفَرتْ.
فأربكت النوايا في لظى الفعلِ :
انْتَبِهْ !
أنا ذا أرى وطناً يقومُ ..
لينتهي .
موجاً يثورُ مُخَلِفَّاً زَبَداً ..
وعاصِفَةً لتكشٍفَ سِترنا
وتُبيحُ عورَتَنا ..
فهل صرنا
نداوي الجُرحَ بالملحِ ؟!!
انْتَبِهْ!!!
......................................


















