العلاقات العامة... الفارس القادم للبناء بعد كورونا
بقلم : د.محمد بدير الجلب ـ رئيس المجلس العربي للعلاقات العامة
غيرت كورونا التي اجتاحت العالم شكل الحياة في كثير من مظاهرها وقوانينها الراسخة منذ عقود طويلة، وهذا التغيير الحاصل حاليًا على كافة المستويات الاقتصادية والثقافية والعلمية والبحثية، وأيضًا الممارسات اليومية للأشخاص والجماعات، سوف ينتج عنه أشكالًا جديدة تختلف كثيرًا عن الشكل التقليدي، وبقواعد ومناهج واستراتيجيات حديثة.
فالمسارات المعتادة سوف تكون غير ملائمة، وقد تتلاشى، أو تحتاج للتعديل والتغيير، وسوف تغزو العالم بكل أركانه ثقافات ومناهج تفكير متطورة لتواكب المستجدات، ولعل أهم ثقافة ضرورية في ذلك هي ثقافة العلاقات العامة التي سوف تحتاج إليها المنظمات والشركات والمؤسسات لتعاود نشاطها مع جماهيرهاوعملائها وأصحاب المصالح المختلفة.
وكذلك سوف تحتاج إليها الهيئات الحكومية والمنظمات الأهلية وغير الأهلية لتعيد بناء صورتها الذهنية وسمعتها. فهي الثقافة الأساسية التي تحقق الانتشار بالشكل الذي يعوض عن الخسائر التي حصلت، وهي أحد أهم الوسائل التي تستعيد بها المكاسب التي فقدت في ظل التوقف الكلي أو الجزئي الذي تم خلال فترة انتشار جائحة كورونا. فالمؤكد في الفترة القادمة أن اساليب التعامل والتواصل مع الأطراف أصحاب المصالح سوف تحتاج إلى رؤية اتصالية متقدمة تحقق لكل الجهات المصالح المشتركة .
إن الحياة المقبلة هي أكثر الفترات التي سوف تحتاج إليها كافة المؤسسات والمنظمات للعلاقات العامة لتعيد الحياة إلى شرايين دمائها التي توقفت لفترة طويلة، ولتزيح الصدأ الذي تراكم على مفاصل التعامل مع الشركاء والموظفين والعملاء وأصحاب المصالح. ولن يكون منطقيًا أن تدار تلك الهيئات والمؤسسات والمنظمات بأساليب تقليدية غير علمية كانت تجمد نشاط العلاقات العامة داخلها، أو أن يستمر النظر إلى العلاقات العامة باعتبارها نشاط غير مهم ولا حاجة له. ولو أن مدراء ورؤساء الشركات التي تعاني من مشاكل تعلموا من الشركات والهيئات والجهات الناجحة لوجدوا أن العلاقات العامة هي سببًا رئيسيًا وراء النجاحات التي تحققت، ووراء الكثير من الإنجازات التي تم تشييدها.
إن شرايين الحياة لأي جهة هي الاتصال، وإن الأسمنت الذي يقوم عليه أي نجاح هو الاتصال، فنجاح الاتصال والفهم المتبادل بين الإدارة العليا والموظفين هو أحد اسرار النجاح، ونجاح الاتصال مع الجماهير المختلفة وأصحاب المصالح هو أحد اسرار النجاح، ونجاح الاتصال مع المفاوضيين هو أحد اسرار النجاح، ونجاح الاتصال مع أي جهة ذات علاقة هو أحد أسرار النجاح... وكل ذلك يتحقق مع تأسيس ناجح لإدارة علاقات عامة بكل جهة وشركة أو منظمة، مهما اختلف حجمها، أو نشاطها، مع فكر متطور من جانب القادة والإداريين لينظروا إلى العلاقات العامة نظرة داعمة وواعية... نظرة تبني النجاح.


















