كورونا ومشكلات التقاضي
بقلم : د.رشا علي الدين
أثارت جائحة الكورونا عدة مشكلات سواء على صعيد المواعيد الإجرائية والقضائية أو على صعيد الأحكام القضائية وتأجيلها. إلا أننا نخصص الحديث هنا عن مشكلات عدة واجهت وستواجه المتقاضين والمحامين خلال هذه الفاقة أو ما سيليها.
ومن أولى هذه المشكلات ما ترتب على وقف العمل بمكاتب الشهر العقاري مما منع العديد من المتقاضين من عمل التوكيلات القضائية للمحامين بغية رفع دعوي جديدة، أو توكيلهم في شأن استئناف أو نقض دعوي تم الحكم فيها خلال مدة الطعن والاستئناف المحددة قانونًا. وللأسف لم يصدر حتى الآن أي قرارات من المجالس القضائية الخاصة في هذا الشأن، رغم صدور قرار وزير العدل بتعليق العمل بالشهر العقاري إلي ما يربو من 60 يومًا.
وإذا كان القانون في كثير من الدعاوي لا يستوجب توقيع محامي علي صحيفة الدعوي، وهو ما يكفل حق المتقاضي في اللجوء للمحكمة بنفسه، إلا أن الصعوبة تثور في حالة وجوب توقيع المحامي علي صحيفة الدعوي لقبولها باعتبار هذا شرط لازم كما هو الحال في الطعن بالنقض حيث يلزم تقديمها من قبل محامي بالنقض، وهو ما يعني ضرورة وجود توكيل قضائي في هذه الشأن من المتقاضي. فما هو الحال لو انقضي ميعاد الطعن في ظل إغلاق مكاتب الشهر العقاري، وعجز المتقاضي عن عمل توكيل لمحاميه؟
والمشكلة الأخرى التي قد تواجه المحامي هي كيفية تمكينه من إيداع صحيفة الدعوي التي تستوجب قيامه بالتوجه لقلم كتاب المحضرين بالمحكمة المختصة، وإيداع الصحيفة بها، فما هو الحال في حالة الطعن بالنقض، والذي يستوجب ضرورة توجه لقلم كتاب المحضرين بالمحكمة بالقاهرة، والصعوبة هنا تظهر في حالة المتقاضين من محافظات الصعيد والمحافظات الحدودية التي توقفت بها القطارات والمواصلات العامة لعدة أسابيع على ضوء قرار رئيس الوزراء بالحظر ومنع التنقل.
ومن هنا أصبح من المهم الحديث عن استخدام التكنولوجيا والوسائل الإلكترونية في مجال الخدمات القضائية وغيرها، فوجود خدمات إلكترونية في مجال الشهر العقاري صار أمرًا لا يمكن تجاوزه، فيمكن ميكنة العمل من خلال تنظيم العمل بالشهر العقاري، وتمكين المواطنين من استخراج الأوراق والتوكيلات إلكترونيًا أو حتى تقديمها، وكفالة تسليمها من خلال خدمات بريدية حكومية، كما في التوكيلات الرسمية وغيرها.
وربما الأمر الجلل هو تغيير منظومة العمل القضائي والسماح للمواطنين والمحامين بإيداع صحف الدعاوي إلكترونيًا، وتداول مستندات الدعاوي من خلال منظومة إلكترونية، وهو ما يكفل قلة التكاليف ومواجهة مشكلة المواعيد والمسافات وغيرها.
وإلى أن يحدث هذا يتعين علي المجالس القضائية التدخل لمد آجال التقاضي ومدد الطعن لمواجهة المشكلات التي ستكشف عنها الأيام القادمة عقب عودة المحاكم للعمل.


















