رامي علم الدين يكتب : نسر الصعيد
كتب : رامي علم الدين
الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ابن صعيد أسيوط.. لماذا تغني العديد من رموز الفكر العربي بذكرى الزعيم جمال عبدالناصر، واعتباره رائد حركات التحرير والإصلاح في العالم العربي، وأبو القومية العربية، ولماذا خرج لوداعه في القاهرة وحدها قبل 50 عاماً، قرابة 6 ملايين مواطن مصري باكيًا، بخلاف الجنائز الرمزية في كل مدينة وقرية مصرية وعواصم عربية وأفريقية، في أضخم جنازة في التاريخ حتي الآن ؟
هل تعلم أنه كان داعمًا لاستقلال كل دول الخليج عن بريطانيا الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس وقتها، وساهم في تأسيس أغلب دساتيرهم، كم ساهم في تحرير ودعم الثورات التحريرية في الشمال الأفريقي، وقاد أحلام القومية العربية التي نادي بها لتوحيد العرب تحت مظلة واحدة تدير الشرق الأوسط العربى وكانت سبب التعجيل بوفاته، وحرب الغرب ضده، وشن الهجوم والمؤامرات لتعطيل مسيرته الرائدة والتي اتخذت شعار الاستقلال والحرية والعدالة الإجتماعية شعار لها في معركة البناء والتنمية وأسست للقومية العربية.
لقد كان عهده أساس لمشروع نهضة حديثة ، لم تكن لتأمن بسهولة عن قوي الغرب المستعمر، الطامع في سرقة مقدرات الشعوب العربية، والثروات، ولم يكن الطريق مفروشة بالورود لتنفيذ خطة طموحة رسمها الضباط الأحرار بثورتهم 1952 ، والتي أطاحت بالنظام الملكي وأعلنت أسس الجمهورية العربية الحديثة :
لقد تأسس جهاز المخابرات العامة، والمركز القومي للبحوث، والمحكمه الدستوريه العليا، والتي على أساسها أقيمت هيئة الرقابه الإدارية المصرية، وتحول اسم جهاز المحاسبة من هيئة للتحكيم المالي إلى الجهاز المركزي للمحاسبات الحالي
كم تأسس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وإذاعة القرآن الكريم، وصوت العرب، والشرق الاوسط وإذاعات المتخصصة
وانشات لأول مرة الهيئه العامة للثقافة، والهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، وتم وضع حجر الأساس للمؤسسة العامة للسينما ودار النشر والكتب المصرية.
ومازال مبنى ماسبيرو القائم في مبناه الشهير بشارع ماسبيرو، أمام كورنيش النيل، بل وامتد التطوير إلى إقامة الكورنيش نفسه لتزيين القاهرة، كم أسس برج القاهرة أعلى مبنى هندسي في ذلك الوقت، وستاد القاهرة الدولي، وتم وضع حجر الأساس لكل من مديرية التحرير ومحافظة الوادي الجديد بكاملها التي لم تكن موجودة قبل العصر الناصري، أعاد إقامة العديد من الشواطئ الممتدة على الساحل الشمالي للجمهورية أشهرها في ذلك العهد المعمورة باسكندرية، وجمصة بكفر الشيخ، ورأس البر بدمياط الجديدة.
كم كان للزعيم الخالد رؤية مبكرة، مفادها التحرر من الاستعمار، والاعتماد على الكوادر البشرية والايدي العاملة المصرية، من خلال إقامة العديد من المصانع والشركات الوطنية، الخالصة 100 % ، لقد كان متمردا على تحكمات الغرب، فنادي بإنشاء الكيانات الصناعية العملاقة، وضرورة التصنيع لأول مرة في مصر، بنيت في أسوان مصانع شركة كيما للأسمدة العملاقة، ومصنع تكسير الحديد والصلب، مصنع السكر والمنتجات التكميلية بمدينة إدفو، وفي قنا بني مصنع غزل ونسيج قنا، ومصنع نجع حمادي لصناعة الألومنيوم، وفي سوهاج بني مصنع تجفيف البصل، وأعاد هيكلة شركة قها في القليوبية إلى شكلها الحالي، ومعها شركات الدلتا للصلب واسكو وولوتكس للمنسوجات، وبنها للإلكترونيات،
ومثلها مصانع الغزل بكفر الدوار بالبحيرة، باضافة مصنعين كبيرين ويصل بعدد عمالها الي 32 ألف عامل مصري، إقامة مصانع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى بالغربية، ومصنع الغزل شبين الكوم بالمنوفية، ولقد كان لأسيوط مسقط رأسه حظا من التطوير، فلقد أسس مؤسسة اللحوم هناك في بداية الستينات على 360 فداناً هى جملة مساحاته فى ثلاثة قري هي : بنى سند، منفلوط، وعرب مطيرابنوب، وبنى مر بالفتح، وفرعاً صغير تابع لها فى كوم أمبو بأسوان، لسد حاجات الصعيد كله من منتجات اللحوم والألبان، وهي المشروعات التي تحولت إلى مشروع متكامل للثروة الحيوانية قدرت قيمتها عام 1973 بمبلغ 103 مليون جنيهاً، وكان الجنيه المصري يساوي دولارين ونصف وقتها، والقيمة كانت حتي وقت قريب تبلغ 10 مليار جنيهًا مصريًا.
تأسيس في دمياط مصانع الألبان و تعليب الأسماك البحرية والسلامون، والخشب المضغوط، علي مساحة100 فدان منها 70 فداناً بأرض حوض رضوان بمنطقة الشعراء وكذلك مصنع غزل دمياط، بينما في الفيوم كان أول مصنع للغزل والنسيج بمنطقة العزب بمدينة الفيوم عام 1962 لتشغيل أبناء المحافظة وتوفير فرص عمل لهم، وقد بلغ عددهم وقتها سبعة آلاف من العاملين فنيين وإداريين ينتجون مايقرب من 7 أطنان من أرقى وأجود أنواع الغزل المستخدم في صناعة النسيج في مصر، معتمدا على القطن المصري طويل التيلة والذي اختفى تقريبًا الآن.
ونالت المشروعات الإستراتيجية الوطنية العملاقة، قدرًا كبيراً من خطة النهضة الاقتصادية، ومراحل بناء الجمهورية الحديثة، المتطورة، التي تملك سلاحها ومنتجاتها ودوائها، فاعلن بناء السد العالي بأسوان، أضخم بناء على مجرى نهري في العالم في ذلك الوقت، والذي اعتمد في تمويله على تأميم شركة قناة السويس المصرية، مصنع الحديد والصلب بحلوان وألومنيوم نجع حمادي بقنا، مصنع الطائرات النفاثه بحلوان، والذي أنتج الطائره حلوان 300، مصنع الطائرة القاهرة 200، ومفاعل إنشاص، وأسمدة أبو زعبل، مصنع النصر للسيارات، أسمدة أبوقير، إيديال للثلاجات، طنطا للزيوت والكتمان، شركات الأدوية بمصانعها العملاقة، وأدفينا للأغذية، سيماف لصناعة القطارات والسكك الحديدية، والتي قال رئيس الهيئة العربيه للتصنيع بسببها اللواء محمود زغلول " إننا نعيش علي مصانع الستينيات"؟.
الحديث عن الصناعة والتجارة في العهد الناصري يحتاج إلى مجلدات، لا يتسع المجال لها الآن، وماذا ستفعل أن علمت أن أغلب هذه الشركات شركات قابضة مصرية، تحت مظلة كل منها شركات أخرى، كلها بلا إستثناء شركات وصناعات ثقيلة
كانت ممنوعة ومحرمة علي دول العالم الثالث إنشائها في ذلك العصر البائس فرضتها قوي الإستعمار والاحتلال، ساعدت على إيجاد فرص العمل والعيش الكريم للألاف، وينتجون مئات الألاف من أطنان المواد الغذائية والمنتجات والسيارات والملابس وبدأت في التصدير للخارج.
المساحة لم تعد تكفي لتناول المزيد من الموضوع؟ رغم الحروب التي يتحدثون عنها، ظلت الدولة مسئولة عن تعليم وعلاج وتعيين أبنائها ، وتم بناء حوائط الصواريخ وإعادة بناء الجيش من جديد بعد نزيف من الحروب بدأت بقرار تأميم القناة السويس واعقبتها عدة حروب لاستعادة أرض سيناء فيما بعد، كانت ديون الجمهورية المصرية في ذلك الوقت عند حدود المليار دولار، إجمالي الدين العام بعد إنشاء كل ماسبق وتكلفة الحروب ٤٠٠ مليون جنيهًا.
إن نهضة كتلك كانت يجب أن تتوقف حتي ولو بالعدوان العسكري فكانت حرب 67، كم أن بسبب فساد عهد مبارك وسوء إدارة الأصول، أغلب المشاريع القومية السابقة تم افسادها لإفشالها ثم بيعها بأبخس الأثمان في سوق الخصخصة ورجال الأعمال المنتفعين.
نعم .. أسموه حبيب الملايين وزعيم الأمة
مصلح عصره وزمانه، رمزاً وشعاراً للحرية
والوطنية والقومية العربية.
الزعيم الخالد جمال عبد الناصر
نسر الصعيد.


















