×
15 جمادى آخر 1447
5 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي

الصداقة

الصداقة
الصداقة

بقلم : صباح أبوغزالة

يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا

كل الأديان السماوية والتجارب البشرية دعت إلى بناء علاقات إنسانية راقية من أجل الوصول بالإنسان إلى حالة من الكمال البشري الذي يحول الدنيا الى جنة نفسية وقد حفل الإسلام بزخم ضخم هائل من القيم الأخلاقية حتى أن نبي الإسلام حصر الهدف من رسالته في مكارم الأخلاق فقال صلى الله عليه وسلم : إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق ..رواه البزاز وصححه الألباني. 

وقد رتع الجيل الأول من الرجال الذين تربوا في محضن النبي الكريم في رياض هذا النبل الأخلاقي فسعدوا واسعدوا وأبرز ما تميزوا به علاقاتهم ببعضهم البعض القائمة على أوثق الروابط، فقد سارت بأخبار الصداقة التي ربطت النبي الكريم بابي بكر الصديق الركبان وخلدها الصادق المصدوق في قوله من رواية البخاري : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر ولكن أخي وصاحبي ..ولم يكن بقية الصحابة إلا نسخ حية لهذه الصداقة الراقية والصحبة السامية التي جعلت رابطتهم الاخوية أوثق من أي رابطة أخرى وحولت دار الأرقم" الى دار صحبة وأخوة وصداقة.وما الإخوة والصحبة إلا مرتبة من مراتب الصداقة الراقية. 

إن القحط الأخلاقي الذي مس البشرية اليوم عامة ومس شعوبنا خاصة هو الذي راكم أزماتنا ولم نعد نستطيع تحقيق أي إقلاع حضاري ولا الوصول إلى تنمية بشرية نبيلة تنجح الأنواع الأخرى من التنميات: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فقد ضاعت من معالم الطريق إلى تحقيق بناء مجتمع جداره الداخلي متين وروابطه الاجتماعية وثيقة ..

إن المواطن الذي لا يحس بصلابة وقوة ما يربطه بالمحيطين به عرضة للتفلت والضياع و الاختراق فقد سجل الباحثون في علم النفس الاجتماعي أن الفرد غير الاجتماعي القليل الصداقات هو اكثر الأفراد استجابة للتطرف والتمرد والخروج على المجتمع..وأكثرهم أيضًا ضعفًا في رابطته الوطنية. 

ولا يجادل مجادل في أن الشعب المصري الأصيل استطاع مواجهة أزماته ومغالبة أعدائه عبر تاريخه الحافل ونضالاته العظيمة إلا بذلك الرباط العصي على الاختراق الذي كان يربط أفراده وهل تنسى المحروسة كيف أن عبد الله النديم أحد أبنائها البررة المشاركين في ثورة عرابي المجيدة استطاع التخفي من مطارديه لمدة تسع سنوات كاملة رغم ما حشد لمطاردته واستطاع التخفي بفضل اصدقائه في القرى والنجوع والكفور ...وكانت صداقات الناس يومها نموذجا فريدا قل نظيره اليوم في اوج انحصار القيم الأخلاقية الراقية. 

وقد سجلت الدراسات العلمية المعاصرة أن الإنسان الفرداني قليل الأصدقاء هو الذي ترتفع عنده مؤشرات التعاسة النفسية التي تجعله عرضة للاكتئاب والانهيار العصبي وعدم الرغبة في الحياة ..كما سجلت هذه الدراسات أن البحبوحة المادية ليست وحدها مصدرا لسعادة الانسان انما مصدر السعادة ما تمنحه له قلوب المحيطين به من حرارة وجدانية ودفء عاطفي. 

لأتوجه إلى مواطني من أبناء ألام الرؤوم مصر الحانية، بنداء ادعوهم من خلاله إلى إحياء قيم العائلة وروابط الحارة وأخلاق القرية وتعارف النجع وشلة الحي فانتم بمن يحيطون بكم سعداء وليس بانعزالكم وأنانيتكم. 

رحم الله زمانا كان المجتمع لا يجل رباطًا كما يجل رباط الصداقة ..المرأة مع جيرانها وأقاربها والرجل مع أقرانه وارحامه والأبناء مع شللهم ... وبذلك استطاعوا أن يحققوا أسمى الروابط الاجتماعية.

هذه الروابط التي اضعفتها قيم الروح الاستهلاكية الوافدة التي نمت فينا منطق الاستغناء عن غيرنا وجعلتنا نلهث وراء سراب السعادة ..لتدخل بعدها على خط علاقاتنا الاجتماعية المهتزة وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت بحق وسائل للتفاصل الاجتماعي والتمزق العائلي.

لن نستطيع مواجهة تحديات الحياة اللي تزداد تعقيدًا إلا بالعودة إلى ماكنا عليه قبل هذه المغارة الحضارية الغربية التي دمرت نظامنا الاجتماعي وهلهلت روابطنا الأسرية وحولتنا إلى كائنات تعاني من الجوع العاطفي. 

إن الصداقة الراقية كنز على درب الحياة ..لأن الإنسان كائن اجتماعي جبلة وليس تطبع وإن كل ما تقوم به وسائل التفاصل الاجتماعي من تغيير يمس علاقاتنا الاجتماعية هو محاولة لتغيير الفطرة الانسانية التي ستبقى تنتظر أجواء الانتعاش لتبعث من جديد. 

ولن نستطيع إعادة بعثها إلا إذا صبرنا على ضريبة الصداقة والعلاقة الانسانية النبيلة التي تجعلنا نصبر على أذى الناس وننفق مما حبانا الله من نبل وسمو ونعود إلى إحياء لمة الأسرة وشلة المقهى، فقد أثارت انتباهي حالة امراة يابانية كبيرة السن عندما اتخذت قرارا بوجوب أن يسلمها ابناؤها وأحفادها هواتفهم النقالة بمجرد ما يفدون إليها حتى لا ينشغلوا عن بعضهم بهواتفهم. 

حبذا لو أن المساجد والمؤسسات التعليمية والنوادي والإعلام بأنواعه وكل المجامع انتبهت لخطورة ما فعلته الحضارة المادية المعاصرة في أوساطنا وأعلنت حملة مركزة وواعية من أجل العودة إلى جذورنا كأن تدعو لتخصيص يوم في الأسبوع داخل البيت بدون نت، أو تخصيص يوم في الشهر في المجتمع بدون استعمال الفضاء الأزرق. 

أخي في الوطن والدين والانسانية ..إنت بالروح لا بالجسد انسان فهلا أعدت الاعتبار لقيم الروح ..وسعيت لتجديد ما انقطع من حبال ود مع أصدقائك وأقربائك وجيرانك وأقرانك. 

حمى الله مصر ورزق المصريين ـ الذين عرفوا عبر التاريخ بطيبتهم ـ راحة البال وهدوء النفس وطمأنينة القلب وكثرة الأصدقاء.

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 06:13 مـ
15 جمادى آخر 1447 هـ 05 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:04
الشروق 06:36
الظهر 11:45
العصر 14:36
المغرب 16:55
العشاء 18:17