رامي علم الدين يكتب : سلاح التفاوض
بقلم : رامي علم الدين
ماذا لو غضب أبو الهول رمز القوة والصمت الرهيب الحارس الأمين؟ لو غضب.. يغضب في صمت .. لو عاقب .. لا يعرف سوي القوة الغاشمة ..، «إذا انخفض منسوب النهر، فليهرع كل جنود الفرعون ولا يعودون إلا بعد تحرير النيل مما يقيد جريانه».هذه الكلمات منقوشة على لوحة فرعونية بمقياس النيل بالمنيل جنوب غربي القاهرة، هكذا كان يصلي المصري القديم لهذا النهر العظيم، حيث ارتبط فيضان النيل بطقوس شبه مقدّسة، فقد كانوا يقيمون احتفالات "وفاء النيل" ابتهاجًا بالفيضان.
بمزيد من التحديات تستقبل مصر عام ٢٠٢٠، بمزيد من التحديات في جمهورية السيسي الثانية في عامها السادس، منعطف تاريخي لا تحسد عليه، في عالم أصبح يعج بتزاحم المصالح، ثمة ملفات طارئة تطرق باب صاحب القرار، أزمة عالمية خانقة داخلية "كورونا" ، واستمرار ضربات"العملية الشاملة بسيناء ٢٠١٨"، الملف الليبي على الحدود الغربية، وما يحمله من خطر احتلال تركي عدو صريح لمصر، أزمة مفاوضات "سدالنهضة" وتعثر اللجنة الثلاثية وسط تعنت إثيوبي.
الرؤية الشاملة يملكها صانع القرار في مصر بحكم الموقع وتوافر المعلومات الكافية والأجهزة السيادية التي تقدم البيانات والمعلومات، وما يسمي "تقدير موقف"، علاوة علي مايتحمله من مسئولية تجاه الحفاظ علي أمن الوطن القومي.
علي ضوء ماسبق يظل كل مانقوم به يصنف كاجتهادات شخصية لا ترقى لما هو أكثر من ذلك، ولكن هذا لا يتعارض مع موقف مصر تجاه الملف الإثيوبي : فلاشك أن القاهرة لا تقبل أن تدخل في دائرة مفرغة لا تؤدي إلى شيء كونها تسعى لتحقيق إتفاق ملزم لضمان حقوق مصر في مياه النيل، من متابعة مايجري أثيوبيا تتبع طريقة المماطلة في التفاوض حول سد النهضة وتضييع الوقت، والالتفاف من أجل كسب مزيد من الوقت.
علي مصر أن تضع العالم كله أمام مسئوليته، فلا يمكن أن يصمت العالم على تعطييش ١٠٠ مليون مصري ويزيد، الخطر سينتقل للعالم كله، والمنطقة لا تتحمل مزيدًا من العبث من خلال أزمة دولية وإقليمية بسبب قضية السد، يجب أن يعلم العالم أن الأزمة حقيقية وأن الأمور جدية لدرجة تصل إلي الخطورة، هناك دول تشارك في بناء سد النهضة وعلينا أن نتحدث مع تلك الدول للضغط على إثيوبيا من خلال مصالحنا المشتركة معها، كما يجب التحرك الدبلوماسي في المحيط العربي لدعم التحرك المصري في هذا الملف والضغط على الجانب الأثيوبي للوصول بالنهاية لحل عادل لجميع الأطراف وكذلك العمل على وضع سقف زمني لتجنب كسب أديس أبابا المزيد من الوقت فيحل يوليو ويبدأ موسم هطول الأمطار الغزيرة علي هضبة الحبشة مما يساعدها في الملىء وتضعنا أمام فرض سياسة الأمر الواقع.
شخصياً لا انتظر ماستسفر عنه المفاوضات الجارية لأن العالم أجمع يعلم النتيجة سلفًا، وأظن مصر حسمت موقفها تجاه مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، ومع قرب موسم الانتخابات الرئاسية لا أظن أن الجانب الإثيوبي سيكون متعاوناً.
لا تمتحنوا هدوء وصبر "أبو الهول".


















