رامي علم الدين يكتب : معركة العقول
كتب : رامي علم الدين
"إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدّر ..
ولابد لليل أن ينجلي .. ولابد للقيد أن ينكسر "
رائعة التونسي أبي القاسم الشابي والتي جعلت من حكم الأتراك في تونس وهماً دمرته إرادة أهل الخضراء، فهل يثور أحفاد المختار في ليبيا علي أذناب المحتل التركي ؟
بعد رسالة الرئيس السيسي للقبائل الليبية، أعد ٦٨ من قبائل "المرابطين"و"الأشراف" قوائم بأسماء أبنائهم لقتال الأتراك والإرهابيين، وميليشيات السراج في بلادهم ، مصر دولة سلام وأمن منذ بدء التاريخ، وليست دولة معتدية ولكن حال وجود تهديدات يجب أن تدافع عن أمنها القومي والعربي ، وهو ما كان واضحاً في حديث الرئيس السيسي " أن مصر ليست دولة حرب وأنها تقوم بالبناء والتنمية ولكن إذا أجبرت على الحرب فستدافع عن أمنها القومي" ، صرح بذلك أثناء خطاب إفتتاح قاعدة "جرجوب" البحرية غرب مطروح، ذكاء الرئيس أنه جعل من مواجهة المحتل التركي في ليبيا قضية واضحة أمام العالم ورسم بشجاعة وحكمة معالم خارطة طريق الحل بوضوح، وكأن السيسي يقول : ما أفعله ضد أردوغان في ليبيا .. هو جزء بسيط مما سوف تفعله مصر في سد النهضة حال التعنت الأثيوبي في التفاوض على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل ، مسألة حياة أو موت، لوح في ليبيا باستخدام القوة دون هوادة، وأعلن عن سد النهضة قررنا أن نسير في مسار التفاوض حتي النهاية ..! هل إلتقط الأثيوبي مغزي الرسالة ؟
تهديد ليبيا تردد صداه في إثيوبيا - لا شك - كلمة الرئيس وسط جنوده لا يمكن أن تمر عادية على مسامع العالم، خاصة أحباش أفريقيا، والتي تنظر لمصر بحذر وترقب، رغم التصريحات الأخيرة والتي أظن أنها لأغراض إنتخابية.
مصر غيرت قواعد اللعبة ، حيث ظن الجميع غياب الدور المصري نتيجة سكون حذر قطعه خطاب الرئيس فجأة، كان الهدف منه تحقيق مكاسب سياسية بوسائل عسكرية دون أن تطلق مدافع قواتنا المصرية قذيفة واحدة، أو تسيل قطرة واحدة من دماء جنود مصر الذكية، أطلق الرئيس تحذيراته من "سيدي براني" علي بعد كيلومترات من حدود ليبيا وصلت رسائله كصوت المدافع لكل العالم، تلقت واشنطن الرسالة وصرح "بومبيو" وزير الخارجية علي الفور بضرورة التوصل لوقف إطلاق النار في ليبيا ، "وهو ما طالب به السيسي " وتوافق مع "إعلان القاهرة" والشروع في مفاوضات للتوصل لحل سياسي، تجمدت خطورة أردوغان وميليشيات السراج نحو مدينة سرت إنتظارًا وحذرًا لما قد يحدث ، فتحت إيطاليا إتصال مع أنقرة، أعلن ماكرون رئيس فرنسا "تركيا تلعب لعبة خطيرة" وقال" تدخلات مصر في ليبيا باتت مشروعة.. لن نتسامح مع دور تركيا في ليبيا ".
كانوا يظنوا أن لهم الكلمة العليا في معركة ليبيا في دقائق معدودة وبكلمات حاسمة غيّرت مصر بحكمة ورشد قواعد اللعبة في ليبيا، مصر ليست دولة معتدية ولا تتجاوز في حدود الآخرين ومقدراتهم، وكم ذكر السيسي "لا نريد أن يذكر لنا التاريخ أننا غزونا ليبيا لحظة ضعف"، وهو سبب إلتفاف العالم حول المبادرة المصرية، حيث أعلن الثلاثي العربي دعمها لحق مصر في تأمين حدودها وأمنها القومي إزاء مستجدات التوغل العسكري التركي في ليبيا (السعودية، البحرين، الإمارات)، وخرج قيس سعيد رئيس تونس قائلاً " السلطة الحالية في طرابلس مؤقتة ويجب أن تحل مكانها شرعية جديدة نابعة من إرادة الشعب"، كما أن مصر سلكت جميع الطرق الدبلوماسية في إطار من الشرعية في حين خالف الطرف التركي قرارات الأمم المتحدة ومؤتمر برلين، ورفض السراج الجلوس على طاولة الحوار الوطني "إعلان القاهرة".
سد النهضة والتهديد القادم من ليبيا أقل خطورة من فقدان الوعي وضعف الإرادة أو الثقة. رحم الله جيل حرب الإستنزاف وجيل أكتوبر، اتركوا القيادة تتعامل مع مخاطر الأمن القومي، نثق في حكمة صانع القرار المصري.


















