×
15 جمادى آخر 1447
5 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي

مذكرات مهاجر مجهول (5)

مذكرات مهاجر مجهول (5)
مذكرات مهاجر مجهول (5)

كتب : د.أشرف يعقوب 

وفي مدينتنا الصغيرة "تريفيزو" كنا نعيش في شقة دور أرضي وكانت عمارتنا وسط حديقة خاصة بها مليئة بالأشجار والنباتات والزهور. 

وبعد أيام من وجودي بها استيقظت يومًا ونظرت الي الشباك فرأيت كل شئ مغطى بالثلوج البيضاء الناصعة التي تساقطت طوال الليل. كانت كل الحديقة مغطاة بالثلج ، وبل وكل شئ، من اسطح المنازل الى السيارات. كل شيء حولي بدا جديدًا، سحريًا، غامضًا وحالمًا. 

احسست أني عدت طفلًا، يستكشف العالم من جديد. وبعدها أيقنت أن هجرة الإنسان لبلد جديد هي كمال، وكأنه حصل على فترة طفولة جديدة، مهما كان عمره. 

جربت هذا نفس هذا الإحساس مرة أخرى عندما هاجرت من إيطاليا إلى بريطانيا. واليوم اتذكر، واحن، إلى ثلاث فترات طفولة، الطفولة الأولى في مصر، والثانية في إيطاليا والثالثة في بريطانيا.

وأنا اعتقد ان الانسان يحب السفر ويعشق رؤية بلاد جديدة، لأنه في كل مرة يتمتع بطفولة جديدة ويستكشف عالم جديد بالنسبة له. 

تكلمنا عن لون البشرة في الفصل السابق، وسأحكي لكم قصة حقيقية حدثت لصديق مصري يعيش في إيطاليا منذ ٣٠ عاما قد تخرجون منها ببعض التأملات في هذا الموضوع. 

التقى صديقي، ولنسميه باسم، في مكان عمله بفتاة إيطالية في الخامسة والثلاثين من العمر ولنسميها فابيان، فابيانا كانت بيضاء البشرة وعيناها زرقاوان ولكن شعرها كان اسود فاحم اللون. كانت تعمل سكرتيرة في مصنع للمشروبات الروحية. كانت من قوام رشيق وجمال نادر. وأحبها من اول نظرة. ولكن كانت هنا مشكلة. فابيانا كانت متزوجة منذ عشر سنوات. لم تنجب أطفال وكانت المشكلة من ناحية زوجها الايطالي الذي أثبتت التحاليل الطبية انه عقيم، والذي كانت تعرفه منذ الطفولة حيث عاشا في نفس القرية وكانا في نفس المدرسة الابتدائية. 

والمشكلة الأخرى كانت أن صديقي المصري كان متزوجًا والآخر وله أولاد.ولكن باسم لم يستطع أن يكبح جماح عشقه المفاجئ. وطلب من سكرتيرته أن تكلمها لدعوتها للعودة لمقابلته بعذر واهي، فرفضت هي أول الأمر ولم تفهم سببًا مقنعًا لهذا اللقاء، ولكنها أخيرًا جاءت لمقابلته في مكتبه. وكان لطيفًا معها ومرحًا ومغازلًا. 

سألها أن تتفضل بشرب فنجان من القهوة معه بعد أوقات العمل. ووافقت وتقابلا في إحدى الكافتيريا. اخذها في سيارته وصعدا بعد القهوة إلى تل قريب من المدينة وتوقفا في بقعة خالية من الأشجار وسط الغابة قبل غروب الشمس بقليل. 

كان عشقًا جارفًا، بدون وعي أو تفكير وبدون احطياطات. وتعجب  أنها لم تهتم بالوقاية من الحمل، والتقيا بعد ذلك عدة مرات في الفنادق والغابات وبيوت الأصدقاء ومواقف العربات المعزولة. 

وفي صباح أحد الأيام تلقى مكالمة منها تقول له فيها أنها حامل والأحسن الا يتقابلا بعد الآن. حاول أن يتناقش معها ولكنها أنهت المكالمة بسرعة. 

حاول الاتصال بها عدة مرات ولكنها لم تكن ترد عليه، ولكن بعد حوالي ثلاثة أسابيع تلقي منها مكالمة أخبرته فيها أنها فقدت الجنين وأنها تريد مقابلته في اقرب وقت. 

وعادا للقاءات السريعة في أماكن مختلفة حيث كان عشقهما كاملًا وبدون اي وسائل لمنع الحمل. شك أحيانا ساعتها أن غرضها منه ان تحمل احس انها تريد طفلًا بأي ثمن أنه لها ليس الا متبرع. عرف انها تغير من اختها التي انجبت أطفالا وانها تحب زوجها وانها لن تتركه أبداً. ومع ذلك قرر ان يستمر معها وان يعطي لها هذه الفرحة التي لا تعادلها اخرى في حياة امرأة.

واستمرا على هذا المنوال بضع شهور حتى كلمته ذات يوم وقالت انها حامل وان من الافضل الا يتقابلا حتى يثبت حملها. قال لها اتركي زوجك وسأترك زوجتي ونربي ابننا القادم معا، فرفضت. ولكنها قالت ماذا سأفعل اذا جاء المولود قمحي اللون مثلك؟ ولم تجب على سؤالها ولم يعرف ماذا يقول وبقى متحيرا من قولها هذا.   

وتقابلا اثناء فترة حملها مرتين وقالت ان زوجها قد اقتنع ان حملها هذا هدية، بل معجزة من الله، وان عائلتها تطير من الفرح، وانها تشكره على هديته لها ولمحت ان باسم قد أخذ حقه بتمتعه بها طيلة هاتين السنتين.

وكلمته يوما لتقول له انها ولدت طفلا في صحة جيدة بعملية قيصرية ودعته لزيارتها في حديقة المستشفى حيث ولدت. وفعلا ذهب لتهنأتها وتقابلا في حديقة المستشفى وهي ما زالت بأربطة جرحها القيصري، ولكنه لم يرى الطفل. 

وبعد بضع أسابيع طلبت منه ان يقابلها في احدى الكافيتيريات وذهب اليها في الموعد فوجدها مع الطفل طفل جميل ابيض،ناصع البياض، وتبسم له الطفل اول ما رآه. قالت له "هل ترى بعينيك ان الطفل ابيض مثلي ومثل زوجي، انه ابن زوجي، انه هدية من اللهً". ان زوجي يكاد ان يطير من الفرح ولا يترك الطفل ثانية واحدة بعد عودته من العمل وانها لم ترى سعادة مع زوجها كما تراها في هذه الأيام. 

وسقط في يد باسم ووعدها بالا يراها والا يزعجها بعد الآن ولكنه طلب منها ان ترسل له إيميل بصورة للطفل كل عام في يوم عيد ميلاد الطفل فوافقتولم يراها بعد هذا اللقاء الأخير. 

وفعلا استمرت فابيانا في إرسال صورة للطفل لعدة سنوات ثم توقفت. ولكن باسم كان يتابع نمو الطفل، ومازال حتى الآن، على فيسبوك ويراه في صور عديدة مع أبوه الفخور به جدا.

هذا الطفل الآن اصبح مراهقا في السادسة عشرة من عمره ، وفي عينيه العسليتين ولونه القمحي يختلف تماما عن ابوه الذي يلازمه في معظم الصور.وصديقي حتى الآن يتساءل اذا كان زوج فابيانا مازال يعتقد ان حمل زوجته كان معجزة ، أم انه فهم بس "طنش". هل قبل الأمر الواقع في سبيل التمتع بالأبوة التي كان يتمناها كثيرا؟ 

المهم، نرجع إلينا. ذهبت بعد أعياد الميلاد لأبدأ الدراسة والتدريب في مستشفي جامعة ميلانوفي وسط المدينة. أخذت القطار من مدينة نوفارا حيث أقمت في بداية الأمر مع خطيبتي التي كانت تؤدي دراسات عليا هناك. كان صباحا شديدة البرودة وكانت السماء غائمة ومنها تتتساقط قطرات مطر خفيف وكان علي ان امشي مسافة طويلة حتى وصلت للمستشفى العريق. وبدأت ابحث بين ممراته الشاسعة عن قسم القلب حيث كنت على موعد من الأستاذ المشرف علي دراستي. 

ولنا لقاء آخر.

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 05:11 مـ
15 جمادى آخر 1447 هـ 05 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:04
الشروق 06:36
الظهر 11:45
العصر 14:36
المغرب 16:55
العشاء 18:17