×
15 جمادى آخر 1447
5 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي

خيبتنا...... رسالة "صبحي" الفنية التوعية لاستشراق المستقبل

خيبتنا...... رسالة "صبحي" الفنية التوعية لاستشراق المستقبل
خيبتنا...... رسالة "صبحي" الفنية التوعية لاستشراق المستقبل

في غابة الجشع الرأسمالي تندثر قيم العدالة والإنسانية في مواجهة القوة الاقتصادية للدول العظمى ،  والتي اتخذت من  الحروب البيولوجية رسالة صريحة للسيطرة على العالم غير عابئة أو مكترثه بالشعوب الضعيفة مسلوبة الإرادة و الموارد ، متخذة منها حقلا خصبا لتجاربها غير الشرعيه ، ولعلها وجدت فى  بلدان العالم الثالث النموذج الأمثل لمحاكاة هذه التجارب لما تتفرد به  هذه الشعوب من انخفاض الوعى وغياب القوانين والكفاءات والآليات الوقائية. 

إن تداعيات هذه اللعبه القذره والتى باتت حكرًا على المؤسسه الأمريكيه ، قد غدت رسالة التهديد الصارخة التى تصدرها إلى شعوب العالم بين الحين والآخر لاستعراض قوتها وقدرتها على استنزاف الآخرين ، ولعل ما أبرزه أحد سفراء الضمائر العلميه الحيه  الدكتور "ليونارد هورويدز " في كتابه "الفيروسات الناشئة Emerging viruses " من أن وزارة الصحة الأمريكية ومنظمة الصحة العالمية، وشركات الأدوية، والبنتاجون، قد شاركوا وتعاونوا في إجراء أبحاث هدفها «تخفيض المناعة عند الإنسان» كجزء من الأبحاث الخاصة بالحرب البيولوجية ، هو خير دليل على الخطر القادم وبقوه تجاه شعوبنا المستأنسه التى لا حول لها ولاقوه.

وإزاء هذا الكم الهائل من المخاطر التى باتت تكاد لنا  ، أضحى هناك ضرورة قصوى من  استشراف فرائض المستقبل،  لقد بات علما استراتيجيا هاما للدول والكيانات الكبرى و التي تبذر خططها المستقبلية بناء على قراءة لمستجدات وتداعيات الواقع. 

إن القول بضرورة استشراف المستقبل قد يحدو للبعض أن يأخذنا فى جدل خاص حول منافاة ذلك ، لمسلم قائم نحو " الغيبيه " و التى تثبت يقينا لرب العزة سبحانه وتعالى ، ولكن الأمر فى حقيقته ينأى تماما عن التسليم بما هو دون ذلك ، فالمقصود هنا :
ان استشراف المستقبل يحتمل الخطأ والصواب إلا فيما أخبر عنه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم يقول  تعالى: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ)  

 إن هذه الآية الكريمه فى ذاتها دعوة صريحة إلى استشراف الغد حتى يتزود الإنسان بالتقوى اللازمة، ويتجنب المفاجآت الداهمة، مع توكله وتسليمه لله ـ فالبشر جميعا مأمورون بالاجتهاد والتخطيط للمستقبل.كذلك فإن السنة النبوية قد حثت المستشرف للمستقبل على أن يستخير الله لأنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى والأمر هنا فى حد ذاته تسليما صريحا؛  بأن المستقبل من الأمور المغيبة عن البشر ،وعلمه عند الله..
وذلك إعمالا لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). 

ولعل الدافع الأساسي لنا لغزل هذه السطور ،هو البحث قدما حيال الجدل الدائر دائما حيال دور الفن وعلاقته بالواقع المجتمعى ،  وما إذا كان الأول يعكس الثاني أو يتنبأ به.

إن الوقوف على حقيقة هذا الدور تقتضى منا بداية تسليط الضوء جليا على العلاقه الكائنة بين الفن والمجتمع :
فمما لاشك فيه أن كلا من الفن والمجتمع يربطهما محرك واحد يستنبطان دورهما الأساسي من خلاله آلا وهو "الفرد "، فالفن بطبيعته وسيله للحوار الحسي بين كافة أطياف المجتمع ، والذى يستطيع من خلاله الفرد أن يبث رسائل مفهومه لكل أصناف البشريه ، دون أن تقف أمامه عثرات أو حواجز تعيقه كحواجز الزمان والمكان ، فضلًا عن ذلك فإن الفن بطبيعته رساله وليده مرتبطه بحركات الفرد اليوميه ،تجدها تارة فى حركاته بالمأكل والمشرب، وتارة أخرى تجدها فى علاقاته مع شركائه داخل المجتمع  ، إلا أنها تختلف محورها حسب النهج والسلوك النابع من الفرد ذاته فقد يتبلور هذا السلوك فى شكل من أشكال الإبداع الحسي وذاك هو الفن المعنى محور الإشكالية التى نحن بصددها.

وإذا كان المجتمع بطبيعته " نظاماشبه مغلقا تشكله مجموعة من الناس، بحيث أن معظم التفاعلات والتأثيرات تتأتي من أفراد من نفس المجموعة البشرية، فإن علاقات الأفراد تلك هى فى حد ذاتها فنًا تنظمه ظروف الحال وطبيعة تلك العلاقات.

بناء على ما سبق لا نجد غضاضة إذا جزمنا يقينًا بالمد الإيجابى لدور الفن فى التأثير على المجتمعات " فإذا أردت أن تقيس قيمة مجتمع ما فانظر إلى فنه".

وإذا كانت حقائق الأمور قد أفردت يقينا للمد الطردى فى العلاقه الكائنة بين دور الفن فى تأصيل الواقع المجتمعى ، فإنه بلا شك أيضًا قادرًا على التنبؤ بمستجداته ، فما من شك مطلقًا أنه يمكن لخيال المؤلف أو المخرج أن يقوم في بعض الأوقات بدور مهم في صناعة المستقبل من خلال استشرافه ، شريطة أن يكون استشرافه مضبوطًا بقواعد ومحددًا بالمنطق وفقًا لآليات فكرية  وبحثية لديها الملكة الخاصه على استقراء التاريخ الذى هو بلا شك تمهيدًا للمستقبل. 

إن ظاهرة التنبؤ بالمستقبل، أوتوقع الأحداث في السنوات المقبلة هي ظاهرة معروفة في مختلف الثقافات الراقيه التى تنطوى على مد علمى يلائم تلك القدرات ، وقد تتراوح هذه التنبؤات بين رؤية دقيقة لبعض الوقائع واخرى غير واقعية. ولعل فيما تحيكه السينما العالميه دائما من  سيناريوهات تصور فيها العالم في المستقبل، مايعظم قدرات الغرب دائما على استشراف المستقبل مما يسهم جليا فى التصدى لأية مخاطر محتمله.

- ولا أدل على ذلك مما ذهب إليه المخرج العالمى" ستيفن سودريرغ" عام ٢٠١١م، فى من فيلم "كونتاجيون"والذي يعد  واحد من الإنتاجات الفنية الهامه التي رسمت على نحو مثير للاستغراب قصة فيروس يظهر أول مرة في" هونغ كونغ " ؛ وينتقل من خفاش إلى خنزير إلى أحد الطهاة الذي يقتني الخنزير، وينقل العدوى لمواطنة أمريكية، كانت في زيارة عمل، عن طريق المصافحة، لتنقله الأخيرة بدورها لأسرتها عند عودتها لبلادها، فينتشر الوباء ويقع ضحيته آلاف الأشخاص ويصاب به الملايين عبر العالم....حقًا أنه استشراف المستقبل فى أبهى صوره وأدق حالاته....لكن ، يبقى السؤال الأهم : اين نحن العرب من كل ذلك ؟ ، لقد تأخرنا عن الركب كثيرًا حتى أضحينا فى ذيل القائمه فريسة خصبه لما تحيكه الدول الكبرى لنا من أخطار.

لماذا لم نتخذ ما حثتنا عليه شريعتنا الغراء من استشراف الغد دربا لنا لنأمن غدر الماكرين الحاقدين  ، هل هو قصور منا أم هو افتقار للملكه والآليه المؤهله لذلك ؟

- بالكاد الوقوف قدمًا على إجابة صريحه لهذا التساؤل تبعد كل البعد عن الشق الثانى منه لأننا نملك من المقومات الفكريه والمد الثقافى اللازم مايؤهلنا حقا للسير على ذات الدرب من استشراف المستقبل ، بل وتحقيق الأسبقيه والأفضلية فى ذلك

ولعل خير دليل على ذلك فى استشراف حرب الفيروسات المستقبليه ، مارصده جليًا رائد المسرح العظيم " محمد صبحى " والذى كان له السبق فى استشراف حرب الفيروسات القادمه والتى تختلف كلية عن الحرب بمفهومها التقليدى ؛ وذلك عام٢٠٠٤م  فى مؤلفه لمسرحية" خيبتنا" والتى تم عرضها فى عام ٢٠١٧م ، يتناول فيها  ما حدث ويحدث على الساحة العربية والعالمية وتأثير التقدم العلمى فى علم الجينات والاستنساخ على المواطنين فى العالم العربي والأمريكي، من خلال قالبا كوميديا غنائيا استعراضيا يجسد حقيقة ما تعانيه الشعوب العربيه من الشتات والفرقه والتى جعلت منها حقلًا خصبًا ومعقلًا فريدًا لتجارب هذه الحرب الباردة. 

- لقد كان محمد صبحى ، كعادته دومًا مصدرًا للمد والاشعاع الثقافى اللازم لشعوبا دق الجهل عظامها ، جاء ليثبت جليًا مدى الدور الوثائقى للفنون فى قراءة الغد ، ومن ثم التزام الحيطة والحذر ، لكننا كالعاده دائمًا لاننظر الا أسفل أقدامنا ، لا نستطيع أن ندرك حقًا قيمة ما تبثه الفنون من فرائض الفكر ورسائل التوعيه ، فكانت أجسادنا واقتصادياتنا هذه المره هى ضريبة تغافلنا عن قراءة الغد المرصود لنا. 

- لعل فى سطورى تلك ما يؤكد يقينا قيمة ماتبذره الفنون من سطر أطر الفكر الراقى الذى نحتاج إليه وبشده فى هذه الأونه ، فشتان الفارق بين مايضخه مسرح " صبحى " من فكر مستنير يرصد آفاق البحث فى علوم المستقبل ، و"مسرح مصر " الذى يقدم اسكتشات هذليه تضمر ما تبقى من ذهبية الفكر لدى شعوبنا البائسة.

وفى النهايه ، لايسعنا القول إلا أن استشراف المستقبل فرصة سانخه لصناع القرار لوضع الخطط والاستعداد لما هو آت، إما بالتنبيه لخطر داهم ومحاولة تفاديه أو بإدراك فرصة متاحة ينبغي الاستفادة منها، فهل نلحق حقا بهذا الركب الراقى أم نظل كعادتنا الأبديه محلك سر ؟

د.زكي السيد 

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 07:35 مـ
15 جمادى آخر 1447 هـ 05 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:04
الشروق 06:36
الظهر 11:45
العصر 14:36
المغرب 16:55
العشاء 18:17