فوائد قرآنية للآية {وحملناه على ذات ألواح ودسر}
كتب : عبد الموجود دسوقى
الدسر هي : المسامير .
لم تأت الآية (وحملناه على سفينة)؟
بل جاءت (وحملناه على ذات ألواح ودسر).
يريد سبحانه أن يبين لنا بساطة مكونات تلك السفينه، أمام الأمواج المتلاطمة ؛ حتى نعلم أن هذه الألواح والمسامير مجرد سبب، ولولا حفظ الله لهم ما صبرت هذه السفينة على مواجهة موج كالجبال، ولذا أكد الله على ذلك بالآية التي بعدها حيث قال سبحانه: {تجري بأعيينا }
فقد خاب من تعلق بالأسباب وحدها..
فالأسباب التي تستوجب النصر الإلهي ليست إلا ما استطعتم من قوة،
ابذلوا جهدكم!
وأفلح من تعلق برب الأرباب بعد أن أخذ بالأسباب..
أحببت أن أضيف لهذه اللوحة العقدية الرائعة إضافة صغيرة
قال تعالى
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ
اختار المولى عز وجل وصف نوح عليه السلام بأنه كُفِرَ
وأن هذه العناية الإلهية أحاطته رغم ضعف الأسباب جزاء صبره على كفر قومه وتكذيبهم إياه واستمراره بحمل الدعوة ليل نهار سرا وعلانية
مع شدة تعنت قومه
يضعون أصابعهم في آذانهم
يستغشون ثيابهم
يصرون
يستكبرون
وهذا غاية التكذيب
مقابله غاية الثبات وعدم المداهنة وعدم التنازل وعدم الفتور
فاستحق نصرا مؤزرا من الله
وعناية خاصة
دون أن يتكلف بناء سفينة شديدة البنيان ثابتة الأركان
بل مجرد ألواح ومسامير
ثم مع هذه الألواح والمسامير معية الله ورعايته
إن في هذا لبلاغا لقوم أصحاب نهى وعقول
وبالمناسبة فإن نوحا عليه سلام الله وقد خبر الحياة وعاش ألف عام وحمل فيها الدعوة في أبهى صورها أعطانا حكمتين لمعمر نغفل عنهما ونحن نقرأهما في ختام سورة نوح
لعلهما من أعظم الحكم
قال
رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا
إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا
فهذه هي الحكمة الأولى
ليس بعد الكفر ذنب ولا ينتج عن الكفر إلا الإضلال والفجور
والحكمة الثانية
رب اغفر لي ولوالدي
مما يعني أن والديه كانا مؤمنين
ولمن دخل بيتي مؤمنا
وللمؤمنين والمؤمنات
الحكمة هي أن أعظم جوهرة هي الإيمان
وأعظم الإيمان أن يهدي الله على يديك من يدخل بيتك مؤمنا
كان يكفي أن يستغفر لوالديه وللمؤمنين والمؤمنات
لكنه أتى في معرض كلامه بالدعاء خاصة لمن دخل بيته مؤمنا
فهو حامل دعوة يريد رؤية ثمرة تأثير دعوته بأن يستجاب لها
فهؤلاء المؤمنون والمؤمنات يحبهم نوح عليه السلام محبة عظيمة بحيث يختم حياته الدعوية بدعاء خاص لهم
لمكانتهم العظيمة
فالخلاصة إذن أن سيرة ودعوة نوح عليه السلام وصبره على الأذى وصبره على الحق استحق معهما أن ينصره الله حتى وإن ضعفت إمكانياته المادية
ونحن ننتظر بثباتنا على الحق أن ينصرنا الله على كل قوى الشر في العالم التي أجمعت لنا واجتمعت
الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
فزادهم إيمانا


















