محمد صبحى سفير المضمون السينمائى الراقى
كتب/د.زكى السيد
على الرغم انه لم يعطى السينما ذات المكانه التى شغلت حيز تفكيره فى المسرح ، لانه كان مؤمنا حقا أن المسرح هو تأصيل الذات الفنيه الحقيقي ، إلا أنه أبى الا ان يترك بصماته الوضائه فى مجمل الأعمال السينمائية التى شارك بها ..
عن المخضرم العظيم محمد صبحى نغزل سطورنا ..
▪إن القارئ الجيد لتاريخ صبحى السينمائى يدرك جليا ان فرائض الإبداع التى بذرها هذا القطب الكبير لم تتأتى جزافا
وإنما أرستها منهجية خاصه غلفت نسقه الادائى ، ولعل فى مجمل أعماله السينمائية مايؤكد حقيقة واحده لاجدال فيها
ان "محمد صبحى" لو أفرد للسينما ذات المساحه والمكانه التى شغلت لبه فى المسرح لقهر حالة الفراغ الفكرى الذى عانته السينما نتيجة غياب الرساله وجودة المضمون فى المحتوى المقدم ..
▪يؤكد ذلك حقا ما رصده من أعمال استطاع فيها التفوق على الذات ، فتجده فى "اين المفر " قد استطاع سرقة وميض سحر الكاميرا من بطل العمل الأول وفتى الشاشه أنذاك" محمود يس " من خلال شخصية "عباس الأحدب " تلك الشخصيه التى تعانى حدة الصراع النفسي الداخلى و التى تحتاج إلى مقومات وآليات ادائية خاصه ودراسة فكرية خاصة ، وهى أصعب أنواع الأدوار التى يمكن للمثل القيام بها لانها تطلب دراسة من نوعا خاصا للمد النفسي للشخصيه محل الأداء ...
▪بيد ان نسماته السينمائيه العطره ظلت شاهدة على قدراته الابداعيه الخاصه التى أزعجت نجوم التسويق أنذاك ، فما رصدته اول بطولة مطلقه لصبحى فى سبعينات القرن المنصرم فى فيلمه " اونكل زيزو حبيبي " والذى أرسي فيه بحثا جديدا عن دور الاراده فى قهر الصعاب وتحد جديد لامكانات الذات البشريه غلفها بطابعا كوميديا خالصا لاثناء المشاهد عن الملل المصاحب لمثل هذه النوعية من الأعمال ، كان كفيلا ببذر فكرا جديدا فى هوية ومضمون المحتوى السينمائى المقدم ..فى خطوة حقيقيه تحسب لرائد الفكر الراقى" محمد صبحى "..
▪وتتوالى الأعمال الراقيه ومشاهد الإبداع التى أصلها بمنهجية الابداعيه الراقيه ،وكعادته دوما يراهن " محمد صبحى "دائما على النسق النفسي الادائى للشخصيه ، لكنه هذه المره يثبت جليا ان للابداع أناسا تسوس فرائضه ، فما أصله " محمد صبحى " فى مشهد المجند الذى يتهكم على قياداته لمعرفة أسباب الهزيمه فى يونيو ١٩٦٧م من فيلمه "رجل بسبعة ارواح" ، والذى غلفه بنكهة ابداعية خاصه ، استطاع من خلاله ان يجرى حالة من الإسقاط على مرحلة معينه فارقه فى عمر هذا الوطن فى أعقاب نكسة ١٩٦٧م ، لخص فيه حقيقة محاور الهزيمه وأسقط الاقنعه عن الوجوه التى خلفت هذه الكارثه ، مشهد أثبت من خلاله ان الهزيمه الحقيقه لم تكن فى القدرات العسكريه الخاصه للجيش المصرى وإنما فى انعدام الهويه الفكريه والاداريه لساسة الموقف آنذاك ،..
لقد بذر "صبحى " فى هذا المشهد كافة قدرات الإبداع للوصول بالمشاهد إلى حالة الانكسار النفسي التى غلفت
قلوب وعقول الملايين من المصريين الذين مزجت حياتهم الحسرة والألم نتيجة هذا الوضع الصادم...
...رحلة عظيمه ارسي دعائمها محمد صبحى فى تاريخ السينما المصريه زان فرائضها بباقه من أجمل وارقى الأعمال ، فمن منا يغفل روائعه الراقيه ( الكرنك ،الجريح ، الفلوس والوحوش، العميل رقم ١٣ ، الشيطانه التى احبتنى، ادم بدون غطاء ، رجل بسبع أرواح ، اين المفر ....وغيرها من الأعمال التى كانت ولازالت شاهدة على جودة ومضمون المحتوى المقدم ، فأستحق وعن جدارة ان يخلد فى ذاكرة السينما الثريه ...
حفظ الله رائد الفن الراقى الباحث دائما عن المضمون
النجم الكبير " محمد صبحى " ..
