مرحبا شهر النفحات
كتب /التميمي الحبال
فإن الأيام تمر وتتوالى أحداثها ، ولكل شهر بصماته وإشراقاته ، وتتفاضل الأيام والشهور ليس فقط في البركة ، ولكن بما فيها من أعمال صالحات طيبات مباركات، وما يصاحبها من ذكريات إيمانية تترك بصماتها في حياة الأمة ونسيجها.(ألا إن لله فى أيام دهركم لنفحات، ألا فتعرضوا لها)
وإذا كان شهر ربيع الأول يمثل ربيع الإيمان في قلوب المؤمنين ، حيث يُذكرهم بخير المرسلين صل الله عليه وصحبه وسلم ، فإن الأمر في شهر ربيع الأول يختلف عن السنة كلها حيث إحياء سنة النبي صل الله عليه وسلم ، وقراءة سيرته العطرة والانتفاع بهديه الكريم صل الله عليه وسلم .. وغير ذلك من من أبواب الخير التي يتلمسها كل مسلم يترقب هلال شهر ربيع الأول ، فهو هلال خير ورشد ، كما أنه هلال هداية واستقامة ، كما قال تعالى [ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) ] ( سورة هود )
وإذا ما أراد الناس أن يرسموا صورة كاملة عن حياة النبي صل الله عليه وسلم وعن هديه وهداه ، فإنهم في حاجة إلى استغلال مواسم الخير وأيام الطاعات ؛ كي يعيشوا أيام الطاعات ومواسم الخير ، ويكون هذا بابا للمسارعة إليها قبل انقضاء الأجل أو تدافع المرض ، كما قال تعالى [إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (٩٠ ] ( سورة الانبياء )
وقد شهد الشهر الكريم أحداثا متلاحقة متتابعة مرت ببلادنا ، وبعض البلاد العربية ، وما تبع ذلك من زلازل عاصفة هزت عروشا ، وأقامت أخرى ، ولا مبدل لكلمات الله .
وهذا التتابع والتداول والتغيير هو سنة الله تعالى في أرضه وآية من آياته تعالى في كونه ، كما أنه باب للعظة والتأمل لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، ونحن نحتاج إلى أن نتأمل دروس الحاضرين بعين المتأمل المتفكر وليس بنظرة الشامت الحاقد التي لا يعرفها الإسلام .
وما جرى بمصر من تغيرات ليس أمرًا سياسيًّا فحسب ، ولكنه أمر له جوانب شرعية مهمة ، وله جوانب في الحكمة في تسيس الأمور والتفاعل معها .
فالبطانة الصالحة يصلح بها الله تعالى الحاكم ، ويعم بها الرخاء وينتشر بها الأمن كما أن صلاح الحاكم من صلاح البطانة التي حوله .
وقد مرت على بلادنا في الفترة الأخيرة أفواج من المتسلقين الطامعين الذين اغتالوا أحلام الناس وأحلام الشباب ، وتغيرت نفسية الناس تجاه هؤلاء من البطانة السيئة ، فظهر هذا التذمر الشعبي الذي هو ثورة على الظلم قبل الثورة على الرئيس نفسه ، ومن هنا فإن البطانة السيئة تعجل بالخراب، وتؤدي إلى فتن وأحقاد ، كما حدث في بلادنا .
وهذه رسالة إلى كل حاكم عربي ومسلم أن يدقق في اختيار بطانته ومساعديه ومعاونيه ووزرائه ، وينزل إلى الناس ويكون عمله بين الناس يتلمس مشاكلهم وينصفهم ، ويقيم العدل بينهم ويستشعر المشاكل القوية التي يعيشونها ، فيفرح لفرحهم ، ويتألم لآلامهم ، ثم يجلس لنفسه مراجعًا لأحوال رعيته ؛ لكي يستشعر هموم الناس ومشاكلهم ، ويتصدى لها قبل أن تكون الميادين والشوارع ملاذًا للتعبير عن أنات المظلومين ونكبات المنكوبين ، وهذه هي روح الشريعة الإسلامية في تنظيم العلاقة بين الحاكم ومحكوميه ، وقد جاء في الحديث الشريف أن النبي الكريم صل الله عليه وسلم قال :
(( مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ"وَاللَّفْظُ لِعَلِيِّ بن الْجَعْدِ.))(1) وقال أيضا صلى الله عليه وسلم : « أيما وال بات غاشا لرعيته حرم الله عليه الجنة))(2)
ومن الدروس التي يتعلمها الناس من هذه الأزمة أيضًا أن دوام الحال من المحال ولا ينبغي أن نستهين بالناس أو نحقر من شأنهم ، فإذا اجتمعت صيحاتهم فإنها تدك القلاع ، ثم لا يجدي البكاء على اللبن المسكوب .
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


















