أمانة الكلمة والرأي

الرشوة قتل لكرامة الإنسان وعزته فهي استرقاقٌ بعد حرية وذل بعد عزة ومهانة بعد رفعة والراشي والمرتشي ملعونان.

الانضباط في الكلمة سمة من سمات المؤمنين والمؤمن الحق يشعر بقيمة كلمته لأنه يعرف أنها سبيل إلى الصلاح، إعطاء الإنسان صوته لمن يستحق فهذا من أداء الأمانة... فلا بد أن يتقي الإنسان الله عز وجل في اختيار الأصلح والأكفأ.

حرم الله الغيبة وذكر شرها وحذر من خطرها وما أكثرها في هذه الأيام حتى صارت موسماً لرواج هذه المعصية، يقول صلى الله عليه وسلم «إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً من رضوان الله يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم» (رواه البخاري ومسلم).

والكلمة في الإسلام ليست حركات يؤديها المرء دون شعور يتبعها بل إن الانضباط في الكلمة سمة من سمات المؤمنين الصادقين، وصدق الله تعالى إذ يقول:[قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ] (سورة المؤمنون: الآيات 1-3).

والمؤمن الحق يشعر بقيمة كلمته حيث يعرف أنها معراج للطهر وسبيل إلى الصلاح وفي ذلك أجمل عزاء حينما تنازعه نفسه ليحارب أرباب الكلام في كثرته وتفلته دون حسيب أو رقيب يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً •يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ •وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُوْلَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيْمًا](سورة الأحزاب: الآيتان 70-71).

الأمانة والانتخابات

إن من أعظم الأمور التي أمرنا الله عز وجل بها هي الأمانة فقال سبحانه «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا» (النساء:58) والأمانة شأنها عند الله عظيم وخطر تضييعها جسيم، ألا وإن من تضييع الأمانة هو إسناد الأمر إلى غير أهله كذلك أن تجد الرجل التافه يتكلم في أمر العامة ، ولم يصل هؤلاء الى ما وصلوا إليه إلا من باب تضييع الأمانة عبر من لا يميز من يستحق الصوت ممن لا يستحق الصوت.

وفي هذه الأيام نعيش أجواء الانتخابات وما يصاحبها من مخالفات ومحاذير، ولعله من الضروري التذكير ببعض بهذه المخالفات حتى يتجنبها الإنسان ولا يقحم نفسه فيها.

ومن هذه المخالفات: تضييع الأمانة، وقد يقول قائل: ما دخل الأمانة في الانتخابات؟

الجواب: بكل اختصار إن إعطاء الإنسان صوته لمن يستحق فهذا من أداء الأمانة وحرمانه من يستحق فهذا من التفريط فيها ، فلابد أن يتقي الإنسان الله عز وجل في اختيار الأصلح والأكفأ.

الغيبة

قال تعالى (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (الحجرات:12) في هذه الآية حرم الله الغيبة وذكر شرها وخطرها ، وما أكثرها في هذه الأيام حتى صارت موسمًا لرواج هذه المعصية ، فاخذ الناس يتطاول بعضهم على بعض بالسب والاستهزاء واللعن بل وحتى القذف ( فلان كذاب – الله يلعنه – فلان يشتري ذمم الناس – فلان منافق.. وهكذا) ولو سألته لأجابك بقوله (يقولون) قال صلى الله عليه وسلم (بئس مطية الرجل زعموا) رواه احمد. فالحسنات التي يجمعها هذا المسلم في سنين تضيع وللأسف في دقائق في مجلس كهذا.

الإشاعة

هل سمعت أن فلانا المرشح لم يفعل كذا؟ أو أن فلانا المرشح فيه كذا وكذا؟ هذه كلمات نسمعها وقت الانتخابات وفي مقار المرشحين وما يدور في الدواوين، وعلى قول القائل (يقولون) فإن هذه الوكالة قد حذر الله تعالى منها بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6)، وقد حذر نبينا صلى الله عليه وسلم من نقل الكلام من غير تثبت لأنه قد يجر المسلم إلى الإثم كما ورد في حديث أبي هريرة مرفوعًا (كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع) رواه أبو داود.

الرشوة

الرشوة قتل لكرامة الإنسان وعزته، فهي استرقاقٌ بعد حرية، وذل بعد عزة، ومهانة بعد رفعة، وبعد هذا كله فالراشي ملعون والمرتشي معلون متوعد بالنار والعياذ بالله، فهذه المعصية وهذا المنكر أصبح وللأسف يروج له عبر مبررات باطلة وحجج واهية حتى أخذ البعض يسوغ كل هذا الأمر فتارة يسمونها هدية وتارة مساعدة وتارة مكافأة، ونحن نعلم أن المنكر يبقى منكرًا ولو غيرت أسماؤه.