في استراحة الجمعة.. محسن طاحون يكتب عن ” العتاب”

العتاب جزء من المحبة ..فمن نعاتبهم هم من نريد الأحتفاظ بهم، والعتاب كالحب فلا تعطيه من لا يستحقه. 

والعتاب نوع من الحرص على العلاقة مع الغير .. خاصة من نحبهم وقال أمير الشعراء أحمد شوقي :

على قـدر الهـوى يأتي العِتابُ .

ومَـنْ عاتبتُ يَفْديِه الصَحــــابُ

ولو أنيَ استطعتُ لتبتُ عنـه 
ولكن كيف عن روحي المتاب ؟

ولم أرى شخص يعاتب شخص إلا وفي قلبه قدر من الحب والتقدير له ..فلا تفهم من يعاتبك أنه يريدك أن تبتعد عنه. بل يريد ألا يخسرك فكن حريصاً عليه. 

والبعض عندما تثور بينه وبين من يحبهم شائبة من شوائب التفاعلات الحياتية.... لا يحسن التصرف ولكن يصفع الباب في وجه من يحبهم و الأفضل أن نترك الباب موارب ليدخل العتاب منه ويصلح ما أفسدته فاعليات الحياة وظروفها ومواقفها. 

فالعتاب هو رسول السلام والمحبة الذي يصلح النفوس ويعيد المياه لمجاريها بين الأحبة.

ولكن لنعلم أن كثرة العتاب من أهم أسباب فقد الأحباب إذ إنَّه يُرسل برسائلَ سلبية كثيرة من العاتب إلى المعتوب عليه، أبرزها: أن العاتب لا يحتمل لأخيه أدنى شيء منه، وأنه دائما ما يسيء الظنَّ بأخيه، وأنه ينظر إليه بعين الاتهام بالتقصير، وكلها أمور تنتهي بالصداقات الراسخة، والأخوة الصادقة إلى القطيعة الدائمة. 

وحتى نتجنب ذلك علينا ايضا أن ننظر للخطأ بواقعية فلا أحدَ يخلو من الأخطاء ومن طلب صديقاً بلا عيبٍ أو خطئٍ؛ أفنى عمره قبل أن يتحقق له ما يريد، والواجب أن نُبصرالمخطئ بالتعامل الأمثل مع هذا الخلل وننصحه برويه حتى لا يتكرر ذلك منه مرة أخرى.

وعند العتاب تجنب المجادلة والمبالغة والمعايرة وتَخيِّر أفضلِ الكلمات، وانتقي ألطف العبارات فهذا كفيلٌ بنزع فتيل أكبر المشكلات،وأعلم أن للكلمات أنوارٌ، إذا لمعتْ بروقها؛ أضاءت قلوب السامعين، وأنارتْ ظلمة الغافلين، وكن حسن الظن لان ذلك يقطع شوطاً كبيراً على طريق بناء الثقة، والتقدير، وزيادة الألفة والمحبة.

وكن في عتابك منصفاً فالإنصاف، وهو أعز خلق يتصف به الناس، وقليل من الناس من يتخلق بهذا الخلق في شتى أحواله،ذلك أن كثيراً من الناس قد يُنْصفون حال الرضا، فإذا حل الغضب، أو ضاق الأمر؛ نسوا الإنصاف، واتشحت قلوبهم بسواد الخصومة، فحينما تعاتب، اذكر الجوانب الإيجابية؛ فإن هذا يُشعر المعاتَب بالإنصاف إن ذكرت محاسنه، ثم نوهت بسلبياته؛ فهذا يدعو إلى الطمأنينة لك، أنك منصف، وأن الهدف من عتابك له ليس تجريحه، أو تقريعه، أو الاستعلاء عليه، بقدر ما هو حبك له، وحرصك عليه، وإرادة الخير له.

العتاب مهم فإجعلوه أداة للحفاظ على أحبتكم.