×
28 شوال 1445
6 مايو 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

الحلقة 24

مذكرات مجهول

المصريين بالخارج

 

"اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كمشكاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ".

بدأنا في اجراء ابحاث على استخدام الضوء في قتل الخلايا المتراكمة في الترسبات الدهنية الموجودة على جدران الشرايين المصابة بالتصلب. كانت هذه الخلايا هي المكونات الرئيسية لهذه الترسبات. و هي خلايا طلائية تنتفخ بما تبتلعه من دهون الدم و تكون ترسبات منتشرة على جدران الشرايين وبعضها يكون من ضخامة الحجم ما يؤدي لضيق مؤثر على وصول الدم للاعضاء المختلفة.

هذا وقد تتقرح هذه الترسبات فتلتصق بها صفائح الدم ومكونات اخرى تؤدي لجلطة في الوعاء الدموي مما يتسبب في النهاية في انسداده انسداداً كاملا.

هذا بالطبع يمنع وصول الاوكسيجين للعضو الذي يرويه هذا الشريان فيموت جزء منه او كله.

تتميز هذه الخلايا بخاصية غريبة تجعلها تختلف عن باقي الخلايا الطلائية في باقي الجسم. و هي ان هذه الخلايا تنمو و تتكاثر بسرعة كبيرة اكبر بكثير من سرعة نمو الخلايا الطبيعية. و هي في ذلك تشبه الخلايا السرطانية و لكنها لا تتكاثر بنفس السرعة المخيفة التي تتكاثر بها الخلايا السرطانية.
و من هنا بدأت الخطط العلاجية لقتل الخلايا السرطانية بواسطة ادوية تقتل الخلايا سريعة النمو فقط و لا تسبب ضررا كبيرا للخلايا السليمة. ففكرنا نحن لماذا لا نستخدم نفس التكنيك في قتل الخلايا الطلائية المتسببة في تصلب الشرايين.

وكان من المطروح في ذلك الوقت استخدام ادوية معينة اصلها صبغات ملونة عند تعرضها للضوء تتحول لمواد سامة تقتل الخلايا سريعة النمو فقط و لا تؤثر سلبياً على الخلايا الطبيعية.

كان الهدف هو حقن واحدة من هذه المواد في وريد المريض بالسرطان ، اياً كان نوع سرطانه ، ثم تعريض المريض لكمية كبيرة من الضوء الصناعي لمدة معينة، و كان الامل ايضا انه يمكن وضع المريض في الشمس. كان من الامل ان تتحول الصبغة التي حقنت الى سمٍ زعاف يقضي على كل الخلايا السرطانية في جسم المريض ايا كان مكانها.

ببساطة كان الامل ان يشفى مريض السرطان بواسطة النور. كانت فكرة عظيمة ففكرنا لماذا لا نفعل نفس الشئ لعلاج تصلب الشرايين. نحقن الصبغة ثم نضع المريض تحت كشافات نور شديدة الإضاءة فترة من الزمن و كنا نعتقد ان هذا سوف ينظف شرايين المريض، كلها، من الخلايا الطلائية المؤذية.

ولكن الابحاث اثبتت أن كمية الصبغة اللازمة لتغطية كل الشرايين كبيرة جدا و ان الجرعة الوافية للغرض سوف تكون سامة للمريض. واثبتت أيضًا ان الضوء، مهما كانت شدته، لا يصل للانسجة التي لا تقع مباشرة تحت الجلد.
و بالتالي اصبح من اللازم توصيل الصبغة و النور مباشرة فوق العضو المسرطن او ترسبات الشريان المصاب. و شاهدت في سويسرا تجارب باستخدام لمبات ذات اضاءة باهرة، و لكن باردة ، في علاج سرطانات الحنجرة والرئة.

كان علينا الوصول الى احدى الترسبات الكبيرة في الشرايين المهمة، مثل شرايين المخ او القلب، و حقن الصبغة مباشرة فيها بتركيز عالي، ثم نسلط ضوء بارد عليها لعدة دقائق، وذلك لقتل الخلايا الطلائية. بعد قتل هذه الخلايا ينهار الترسب الجداري على نفسه وبدون ان يتفتت، وتقوم خلايا الدم البيضاء الابتلاعية بإبتلاع الخلايا الميتة و يختفي الترسب و يعود الشريان لحالته الطبيعية.
هي فكرة رائعة ولو قدر لها النجاح فسوف تُنهي مشكلة تصلب الشرايين بالكامل بدون الحاجة للتوسيع بالبالونات او وضع الدعامات التي لا تعيد الشريان لحالته الطبيعية الاصلية.

وكان علينا أن نحصل على قساطر مزودة ببالونات بها ثقوب تسمح بحقن الترسب بالصبغة، ثم تسمح بإدخال مصدر ضوء بارد لتفعيل الصبغة. و كانت هناك شركة واحدة في العالم تصنع هذا النوع من القساطر و هي شركة ضخمة في بوسطن في الولايات المتحدة الامريكية.

حاولت جامعة بادوفا الاتصال بهم و لكنهم لم يكونوا مقتنعين بفائدة هذا البحث.

وطلبت مني الاستاذة المساعدة زميلتي ان ادرس موضوع هذا البحث جيدا و أن استعد للذهاب الى بوسطن اذا لزم الامر. و فعلا لزم ذهابي معها لمحاولة الحصول على هذه القساطر النادرة.

ذهبت الى المطار مع زوجتي التي كان بوزها شبرين لأني كنت مسافر مع واحدة ست. اخذنا الطائرة من فينيسيا الى روما ثم من روما الى بوسطن. اصابني قليل من الرهبة لأنها كانت المرة الأولى التي اركب الطائرة فيها لرحلة طولها تسع ساعات فوق المحيط الاطلسي. ولكني بعد قليل سعدت بالرحلة و تابعت رحلة الطائرة من شباكها و على الخريطة المعروضة على شاشاتها.

لاحظت و عرفت بعد ذلك ان الطائرات في ذلك الوقت كانت تعبر المحيط من ناحية الشمال الاطلسي لتقليل المسافة و لتكون قريبة من الشواطئ بقدر الامكان في حالة اذا ما حدث ما يلزمها على الهبوط الاضطراري. و بقيت في مخيلتي بانوراما سواحل جرينلاند الجنوبية والتي كانت تلمع بثلوجها في الشمس الساطعة.

وصلنا الى بوسطن الساعة السادسة مساءًا بتوقيتها الموافق لمنتصف الليل في ايطاليا، و كانت زميلتي ادريانا قد نصحتني الا اذهب للنوم الا في منتصف الليل بتوقيت امريكا و الا سأستيقظ في الثالثة صباحاً. و فعلا ذهبنا الى مطعم ياباني قريب من الفندق للعشاء والحقيقة أعجبني الاكل اليابانى جدا. خفيف وطعم، بس صلصة الوازابي حامية للغاية.و في المطعم قالت لي زميلتي اننا سوف نذهب في الصباح الى مستشفى جامعي يعمل فيه صديق للبروفيسور و هو اخصائي عالمي في قساطر القلب و كان قد وعد البروفيسور بانيان بأنه سوف يوصي علينا شركة القساطر حتى تعطينا القساطر التي نريدها.

وفي الصباح وصلنا لمكتب هذا البروفيسور العالي الصيت و دخلنا مكتبه حسب الميعاد ولاحظت ان المكتب ملئ بالشمعدانات واللوحات المكتوبة باللغة العبرية. وقدمنا انفسنا له فقالت زميلتي هذا هو الدكتور أشرف يعقوب يدرس و يعمل معنا في هذا البحث. فزغر لي زغرة منزعجة و سألني "من أي بلدٍ انت؟". فقلت له "من مصر". و هنا انقلب وجهه و ادار نظره الي زميلتي و قال "سأفكر في الأمر، ارجعا غداً". واخذنا ميعاد من السكرتيرة وخرجنا لا نلوي على شئ.

وعدنا في اليوم التالي حسب الميعاد، و لكنه لطعنا حوالي ساعة و عندما شكونا لسكرتيرته كلمته في التليفون فقال لها قولي لهما ان يعودا بعد ساعتين. و قالت لنا السكرتيرة ان هناك اجتماع علمي مهم في احدى القاعات اذا اردنا ان نحضره حتى يأتي وقت لقائنا بالبروفيسور. و فعلا ذهبنا لهذه القاعة فوجدنا بها حوالي عشرين فرد و معظم الحاضرين كانوا يلبسون على رؤوسهم الكبة اليهودية التقليدية. و كان الموضوع الذي يتحدثون فيه في غاية الاهمية و العمق من الناحية العلمية و يمثل أبحاثًا غاية في التقدم لم اسمع بها من قبل في مجال امراض القلب على المستوى الخلوي و الفسيولوجي و الجيني. كانت امكانيات القاعة و وسائل التعليم و الشرح على مستوى خرافي صعب تخيله و وصفه.
و رجعنا الى البروفيسور و دخلنا مكتبه فوجدناه على آخره من الغضب. لم نعرف لماذا و كنا نسمعه من الخارج و هو يشتم شخصا في التليفون بأشنع الالفاظ. و قال لزميلتي بسرعة انه لن يستطيع عمل شئ لنا و فتح لنا الباب للخروج و باي باي. فخرجنا و قفانا يقمر عيش.
و في الشارع قالت لي زميلتي "كان لازم تقول له انك مصري!". قلت لها "لا يمكن ان انكر هذا". و سألتني "اذن، ماذا سنفعل الآن؟". قلت لها " دعينا نتكلم مع الشركة مباشرة ". و فعلا طلبت في التليفون سنترال الشركة و اوصلوني بالمختص بزايارات الضيوف ، و الذي اعطى لي ميعاد في اليوم التالي صباحا.

وذهبنا للشركة في الصباح فكان في انتظارنا عند البوابة هذا الشخص و صحبنا في جولة في انحاء الشركة العالمية. مبني مهول وقاعات واسعة و معامل لا تنتهي وعاملون يلبسون ملابس معقدة و معقمة كملابس رواد الفضاء. كنا ندور معه و عيوننا خارجة عن مقلها من شدة الاندهاش. احسست اننا في فيلم من الخيال العلمي.

واخيراً صارحت الرجل اننا قدمنا من ايطاليا لطلب قساطر لعمل بحث علمي. فقال لي ان هذا ليس من شأنه و انه فقط يصطحب الزوار في جولة سياحية في الشركة و لكنه قال انه سيجعلنا نتكلم مع احد المدراء. وفعلا انتظرنا في بهو واسع حتى أتى الينا رجل مهيب الطلعة و أخذنا لمكتبه وسمع منا تفاصيل العمل الذي نريد القيام به. اعجب بالموضوع و اعطى لنا ارقامه وفاكساته، وقال انه سوف ينتظر منا طلب مكتوب فيه كل تفاصيل المشروع ووعد بدراسته و لمح بامكانية قبوله. ونصحنا بالذهاب الى معمل الليزر الموجود في مستشفى ماساتشوستس العام حيث كان العاملون به هم ايضا مهتمون بنفس مجال البحث.
فرحنا جداً و في نفس اليوم بعد الظهر ذهبنا لهذا المعمل و شرحنا لمكتب الاستقبال غرض زيارتنا و بعد عدة مكالمات تليفونية اعطونا موعد مع المدير في صباح اليوم التالي.
ذهبنا في الميعاد و في احدى الطرقات سألنا احدى عاملات النظافة عن مكتب المدير. اشارت لنا أين يوجد. دخلنا هذا المكتب فوجدنا رجلا طويلًا عريضاً اشقر في غاية الاناقة عرف نفسه بأنه سكرتير المدير. وقال انتظرا حتى اخبر المدير بحضوركما.

وادخلنا للمدير و فوجئنا انها مديرة ، وصعقنا عندما وجدنا ان من يجلس على المكتب الهائل بحجمها الضئيل و زيها الهندي هي نفس عاملة النظافة التي سألناها من قبل عن مكتب المدير. و عرفنا انها البروفيسورة العالمية الباكستانية الأصل طيبة حسن ، من اهم الباحثين في مجال العلاج الضوئي الدينامكي.

وسنكمل قصة بعثة بوسطن في المرة القادمة ان شاء الله.

بوسطن الهندي الضوء الخلايا السرطانية

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الإثنين 10:23 صـ
28 شوال 1445 هـ 06 مايو 2024 م
مصر
الفجر 03:31
الشروق 05:08
الظهر 11:52
العصر 15:29
المغرب 18:35
العشاء 20:01