المعلقون الهواة....وأكاديمية التعليق
م. أشرف الكرم المصريين بالخارجلا يدرك كثيرون ممن لهم مكانة وظيفية بحكم مهنتهم التي يؤدونها، أنهم قدوات لجموع المتابعين لهم، شاؤا ذلك أم أبَوا، وتزداد خطورة وأهمية قيادة هؤلاء، كلما ازدادت أعداد الجموع التي تتابعهم وتتعلق بهم.
وقد لا نجد أكثر أهمية من المعلقين الرياضيين الذين يمتهنون مهنة التعليق الرياضي بشكل عابر، دونما أي دراسات أو تنمية مهارات أو تعليم تربوي ونفسي يتلقونه لكي يكونوا على مستوى الإدراك المهني لخطورة وضعهم ومكانتهم عند تلك الملايين التي تتابعهم من خلال الشاشات، وبأن كل كلمة يقولونها هي تحرك المشاعر والوجدان لدى هذه الجموع المتابِعة، حيث نرى أغلبهم يقومون بالتعليق الرياضي، دونما أي روح رياضية مما يتوجب عليهم الاقتناع بها سلفًا قبل أن ينقلوها للمتابعين عبر الشاشات.
وللأسف الشديد، نجد أن بعضهم يصرخ -مع أو ضد- بطريقة هستيرية تستثير المشاهدين، مما يجعلهم في حالة ضغط طوال دقائق المباراة، وبالتالي يكونوا قابلين للإنفجار بمجرد إنتهاء المباراة وبدء النقاش الجدلي مع المختلفين معهم في الإنتماء الكروي.
ما أقوله ينطبق أيضا على المذيعين في البرامج الرياضية، وأيضا على المحللين الضيوف الذين تستضيفهم تلك البرامج التي اعتبر بعضها برامج لا رياضية لافتقادها لأدنى درجات الروح الرياضية.
اقرأ أيضاً
- مكالمة لترامب بمكبر الصوت تثير أزمة.. و"البيت الأبيض" يرفض التعليق
- بعد إيقاف ٥ من مذيعيها .."شبكة النهار" تعلن وقف البث الحي لبرامجها
- الأهلي يعقم ملعب " التتش" استعدادا لإمكانية استئناف الموسم الكروي
- الاتحاد المصري لكرة القدم يمدد تعليق النشاط الكروي حتى نهاية مايو
- السياحة والطيران : لن يتم غلق المجال الجوي المصري خلال مدة التعليق
- بسبب الأحوال الجوية بالامارات : مدارس تعلق الدراسة والاتحاد الاماراتي يعلق الأنشطة الكروية
- الكرملين : ليس من شأننا التعليق على موضوع عزل ترامب
ونرى ذلك أيضا في الكثير من مذيعي البرامج الترفيهية والتوك شو التي يجنح بعض مقدميها إلى إبداء الرأي في أحداث المباريات، وتزداد حدة تلك الحالة خاصة حين تكون المباراة ذات وضعية حساسة مثل مباراة الأمس بين أكبر فريقين على مستوى مصر وأفريقيا وعالمنا العربي كله، وفي نهائي أفريقي تتركز حوله أنظار الناس في قارات وليس فقط في دول.
وبدلًا من تقدير تلك الحساسية عند كل هؤلاء الذين أشرنا إليهم، وبدلًا من محاولة بث الروح الرياضية التي تُعلي تشجيع اللعبة المتقنة والجميلة، ليتعلم المتابع ذلك بطريقة غير مباشرة، نجد بعضٌ من هؤلاء لا يعبأون بمسئوليتهم ولا يقومون بدورهم التوعوي والتربوي فضلًا عن الرياضي، ويستمرون في استثارة المشاهدين.
وأذكر للعملاق المعلق الراحل "علي زيوار" أنه في أواخر أيام حياته قد طالب بأن تكون هناك أكاديمية للتعليق الرياضي، تكون بشكل مؤسسي، حتى لا يمتهن تلك المهنة كل من "هبّ ودب" ممن ليس لديهم فهمًا لأبعاد وخطورة هذه المهنة التي تُحرك جموع الناس من كلا الفريقين المنافسين.
وها أنا أضم صوتي إلى صوت المعلق الجليل الراحل وأطالب بأن لا يخرج علينا معلقًا رياضيًا قبل أن يجتاز شهورًا من التدريب والتعليم والتثقيف الفكري قبل الرياضي، وأن يتم تثقيفه بوجوب قبول نتائج المنافسة الرياضية تحت عنوان الروح الرياضية التي تستوعب الهزيمة ولا تتعالى بالفوز، مع منحه شهادات باجتيازه.
وعلى هؤلاء جميعًا أن يعملوا في خط متناغم مع محاولات النخب الوطنية المثقفة، التي تعمل على تدريب الناس على قبول الآخر المختلف في الإنتماء، والتوجهات.
وأخيرًا، أدعو إلى معالجة تلك الظاهرة -التي هي أيضا توجد خارج مصر- مما لا يجب أن نترك معها المجال لكل هاوٍ لا يكثرث بخطورة ونتائج تأجيج المشاعر والتهاب ردود الفعل، ليلقي علينا عبر الشاشات عبارات نارية هي أبعد ما تكون عن الرياضة وعن الروح الرياضية وعن ترقية وعي الناس.