هل عادت بيننا ريَّا؟
م. أشرف الكرم المصريين بالخارجتنتشر كثيرًا بيننا مدونات ومقالاتٍ مطولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها, عن وجود الكثير من أصدقائنا وأقاربنا بل وإخوتنا وأخواتنا, ممن هم حولنا ومقربين منا, لكنهم يحملون معالم الغدر بالصداقات, وقتل القرابات وسحق الإخوة, مما يصفونه بتلك المدونات على أنه خصال "ريّا" جديدة بيننا, تغتال من تعرفه وتقتل من تصادقه وتقتنص فرص القرابة لتنال من الأصدقاء والقرابات الكثير, كما كانت تفعل "ريّا" ومن معها, حين كانت تغتال المقربين بل أيضا تقتل بعضا ممن ساعدوها وقدموا لها يد العون.
وللأسف فإن تلك المقولات والنشرات والمدونات, تلاقي آذانًا صاغية وقلوبًا تقبل تلك المقولات لتعِيَها وتعتقد فيها, ثم تزيد فيها النار اشتعالًا, مما يسبب ردود أفعالٍ تجاه الأصدقاء والأقرباء, ربما تكون أكبر بكثير من مجرد الأفعال التي تصدر, ويكون سبب ذلك هو النفوس المستثارة ضد القريبين والمقربين, جراء تلك المدونات التي أشرنا إليها أعلاه.
وللحقيقة, فإن هناك بعضًا من ذلك يحدث, وشيئًا مما يذكرونه يقع, إلا أنه ليس الأغلب من العلاقات, وليس العام من الصداقات, مما يستوجب إحسان الظنون بمن حولنا وعدم استثارة أنفسنا تجاه الأقرباء أوالأصدقاء.
وإذا ما تعمقنا في الكثير من هذه الحالات التي يستشعر فيها البعض خيانة القرابة أو الصداقة, مما يصفونه بخصال "ريّا" نجد أن هناك من سوء الفهم الكثير, وأن المستقبِل للأحداث قد يفهمها على غير محاملها وبشكل خاطيء أحيانًا, وبالتالي ينطلق في وصف الآخر -قريبًا كان أم صديقًا- بأنه قد تعدى وخان.
بل ونجد أحيانًا ومع عمق فكرة الخوف من القريب والصديق, أن يكون الفعل لصالح صاحبنا أحيانًا, لكنه يفهمه بمحمل السوء ويتبارى في الخصومة والنزاع, متناسيًا ضرورة المصارحة والتحري قبل الحكم والتجني.
وفي بعض الأحيان, نجد أن الفعل هو الذي يؤدي إلى ردة الفعل السيئة من الصديق أو القريب, وذلك حين يكون الفعل متعديًا وعنيفًا, ليستتبعه رد الفعل العنيف, مما يُوصَف بأنه "ريّا" جديدة تسيء للقريب والحبيب.
إن مساندة وتقوية مفاهيم وجود الغدر والخيانة من الأقارب والأصدقاء, لمفايهم تحتاج إلى مراجعة كثيفة وكثيرة, ويتوجب علينا أن نفندها ونناقشها بعقلانية, قبل أن ننطلق في تأكيد معانيها التي قد لا تكون من الأصل صحيحة.