في استراحة الجمعة محسن طاحون يكتب عن ”الوعي”

لا يشك عاقل في أن التحلي بالوعي بات ضرورة ملحّة؛ فالكوارث التي نحياها، تحتاج منا أن نستيقظ من حالة السُبات العميق الذي نحن عليه الآن ..

جاءتنا جائحة كورونا وهووباء حصد أرواح الملايين ورأينا الكثيرين يعانون من شدة أعراضه وآلامه وتجمدت نواحي الحياة بشكل خطير وتأثرنا جميعاً من جراء ذلك ومع ذلك بسرعة نسينا ما حاق بنا وعدنا أدراجنا إلى الإهمال والتسيب ..

فترى البعض لا يلتزم بارتداء الكمامة وغيرهم يرتديها بشكل خاطيء أسفل أنفه ويمكن جهلاً منه إن هذا قد يحمل له ضرر ..

والبعض نسى قاعدة التباعد إذ عادت التجمعات والتواجد بكثافة في أماكن عامة وكأن الوبـاء إنتهى ..

وها نحن نسمع عن إجراءات قد تصل بنا ثانية إلى الإغلاق وحظر التجوال .. فهل ننتهي وننتبه ونحافظ على أنفسنا وعلى غيرنا لتستمر الحياة دون قيود .. وندعم جهود الدولة في الحفاظ علينا ..

لقد صُرفت المليارات من أجل سلامتنا ونحن بإهمال بسيط نمحوأثر ذلك .. وجل ما أخشاه أن نعود إلى القيود ونأن ونشتكي فهذا أغلقت جهة عمله أبوابها وتوقفت الراوتب وذاك سافر ولا يستطيع العودة لعمله وقد يفقده لطول فترة غيابه ..

ومستقبل أولادنا إلى الضياع فتوقف المدارس والجامعات مصيبة كبيرة .. أينعم هناك التعليم الاليكتروني ولكن هل هذا بديل يوفر درجة من الجودة أفضل من المدارس لا أعتقد هذا .. ولكن باهمالنا يستمر الوضع على ما هوعليه ..

وتتعدد مظاهر اللاوعي في جوانب أخرى كثيرة .. فالبعض لا يتحرى المصداقية فيما يراه من معلومات ويتورط في نشر معلومات قد تكون أكاذيب أوإشاعات ولا يُكلف نفسه البحث عن مصدر هذه المعلومات وقد يتسبب في إثارة القلق أوالضرر لغيره أوإثارة الناس بما قد يضر بالمصلحة العامة وقد يقع تحت طائلة القانون ويصيبه نوع من العقاب ..

ومن أشكال اللاوعي ايضا تساهلنا في ترك أجهزة الهواتف الذكية والايباد في يد أطفالنا الصغار رغم ثبات الضرر على عيونهم وعلى سلوكهم وظهور حالات الانطواء والانعزال وفقد التفاعل الاجتماعي وهدر الوقت وضعف المستوى العلمي لمن هم في سن الدراسة لانشغالهم بهذه الاجهزة أكثر من انشغالهم بدروسهم ..

ويتجلي اللاوعي في سلوك الكبار في عدم إخلاصهم وتركيزهم في أعمالهم .. وفي رعاية أسرهم مما يترتب عليه آثار غير طيبة وممكن هــذا لجهلهم بحديث رسولنا الكريم صلَّ الله عليه وسلم ؛

(إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ)رواه الإمام البيهقي رحمه الله عن أم المؤمنين عَائِشَةَ بنت الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وعن أبيها .. فهذا الحديث مُوَجّه من خير البشر صلَّ الله عليه وسلم إلى جميع أمته ذكراً كان أم أنثى، صغيراً كان أم كبيراً، حاكماُ كان أم محكوماً, كما أنه موجه لجميع أصحاب المهن ..الإنسان إذا أتْقنَ عملهُ انْتَزع إعجاب الناس ، وفرض عليهم احْتِرام دينه .. العالم يتقدم من حولنا بالعمل الجاد في شتى نواحي الحياة ونحن نجتهد في إضاعة الوقت فيما لا ينفع .. لذا أصبحنا عُبيد لهم ننتظر منهم كل شيء ولا نعلم مدى جودة ما يأتينا منهم حتى الدواء لا نستطيع تقيمه لنعرف اذا كان مفيد أومضر ..

الموضوع له جوانب متعددة لا يتسع المجال هنا في استعراضها ولكن أوصي نفسي وأوصيكم بالوعي والبعد عن السطحية في تناول الامور فقليل من الجهد ممكن أن يجنبنا الكثير من المتاعب والمشاكل والعقبات في حياتنا.

لا نريد أن نفقد مزيد من الضحايا ..