واجباتنا.. وسقف مطالب يرتفع
م. أشرف الكرم المصريين بالخارج
تزداد كل يوم مطالبنا، وترتفع مستوياتها بحيث لا تتوقف أبدًا، وهذا شيء طبيعي لا يستوقفني لأنه فطرة إنسانية خلقنا الله عليها لكي يستمر إعمار الحياة، من خلال حدوث الطلب ثم الحصول عليه ثم ازدياد الطلب لنتحرك في منظومة عمل تتيح لنا تحصيل ما يزداد من هذا الطلب.
لكن الذي يستوقفني كثيرًا، هو ارتفاع سقف المطالب لدى البعض والضغط تجاه الحصول على المستويات العالية منه، دون تحميل أنفسهم أدنى مسئولية عن تحصيل هذه المطالب، وبالتالي لا يحصلون على شيء منها -حتى لو كانت مطالب مشروعة- مما يستتبعه تأفف وتضجر، ينعكس على من هم حولهم سلبًا، وأحيانًا على مجتمعهم ووطنهم أيضًا.
فمن تلك الأمثلة نرى كثيرين ممن يطالبون بأن تكون لهم ممتلكاتٍ ثمينة من سيارة فارهة وبيت شاهق وثروات دون أن يقدموا الجهد والعمل بجدٍ وتعب حتى يحصلون على ذلك.
وهناك من يضغط تجاه ضرورة الحصول على مناصب عالية في وظائف مرموقة، دونما تأهيلٍ بتنمية قدراته الذاتية عبر دوراتٍ تدريبية أو ما شابه.
ومنهم من يطالب باقتصادٍ في وطنه قوي، يسمح له برفاهية إنسانية عالية -وهذا كما ذكرنا مطلبًا مشروعًا- إلا أنه لا يبذل ف وطنه هذا، العمل والإنتاج ذو الجودة والإتقان مما يساعد وطنه في الحصول على اقتصادٍ قوي.
ونلحظ أحيانًا من يلهث وراء الألقاب المهنية ونجده يتلبسها ويفرض على الناس مناداته بها متذرعًا بحصوله عليها عبر أكاديمياتٍ هنا أو هناك، في حين أنه لم يجد ويدرس ليحصل عليها بطرقها المشروعة.
وكثيرًا ما نجد البعض يصرخ ويطالب بمكانٍ في مستشفياتِ العزل الصحي ويعترض إذا لم تكن متوفرة، في حين أنه لا يأخذ بأي احتياطاتٍ وقائية لازمة، ليحمي نفسه وغيره من الوباء، ويقي وطنه -الذي يشكو منه- من زيادة الضغط العددي على الأسِرَّة المتاحة بالمستشفيات.
ودومًا نرى البعض منهم ينتقد ضعف الوطن ولماذا وطنه ليس كالدول القوية في كذا وكذا،، ولا نجده إلا مِعوَل هدمٍ في وطنه فلا يدفع ضرائب ولا يبني في مجالٍ ما وهو كلٌّ على هذا الوطن.
ولا أدري، كيف وصل الحال ببعضنا إلى هذا الوضع المحزن، الذي ترتفع فيه سقف المطالبات دون أن يكون لدى المُطالِب أي مسئولية يؤديها نحو تلك المَطالِب.
وأعتقد بأن المؤسسات التربوية والتعليمية والتثقيفية مسئولة بشكل مباشر عما وصل إليه حال هؤلاء البعض -وهم كُثُر- إذ لم تقم تلك المؤسسات بما عليها في ذلك، فضلًا عن أن الأُسرة أيضًا لم تقم بمسئوليتها في ذلك.
وعلى الجميع الآن مناهضة تلك الثقافة، ثقافة الأنانية والأخذ دون مسئوليات، والاستفادة دون واجبات، حتى نقضي على هذه الظاهرة المفرطة ممثلةً في تلك المطالب التي بلا أي واجب.