×
17 شوال 1445
26 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

مذكرات مهاجر مجهول الجزء الثاني (4) الورشة - 3

المصريين بالخارج

رجع حمدي لمنزل العائلة في قليوب. كان ما حدث في القنصلية الإيطالية قد اشعره بالغضب و الضعف والإهانة. لم يكن في يديه شيء يمكن له فعله. و شعر الجميع في عائلته الكبيرة انه يعاني فجاء لزيارته الاهل و الاقارب و الاصدقاء كلُّ يحاول ان يخفف عنه آلامه و ان يفكر له في حل لهذه المشكلة العويصة و ان يعطيه بريقاً من الامل و لو كاذبا.

لكن الحقيقة أن وضعه كان صعباً جدًا فعدم تواجده في إيطاليا يعني فقد عمله الحالي و خسارة قضيته و فلوسه التي يدين له بها جيوفاني. احس بالظلم و القهر و العجز.

و من هؤلاء الاهل الذين قدموا لزيارته و مواساته في محنته كان احد ابناء العم ضابط في الجيش المصري. استمع ابن العم الضابط له جيدًا ، ثم وضع يديه على وجهه و فكر قليلًا، ثم قال لحمدي "اعطني جواز سفرك". فأعطاه له حمدي حتى بدون أن يسأله لماذا. و خرج الضابط مسرعا قائلًا "سوف ارجع لك بأسرع ما استطيع، ربنا يسهل".

و مر أسبوع و كان حمدي مع مرور الزمن يزداد يأساً، بل و فكر ان يبحث عن عمل في قليوب حتى لا يعيش عالة على أحد. و في مساء احد الأيام دق ابنه عمه الضابط السابق ذكره الباب، و فتحوا له فما كان إلا ان سأل "أين حمدي؟ عندي له خبر سعيد!".

دخل حمدي الصالون حيث ادخلوا ابن عمهم، و بدون سلام و لا كلام اعطاه الضابط جواز سفره، فنظر إليه متردداً، فقال له افتحه. فتح حمدي جواز السفر بأيدي مرتعشة و في دهشة كبيرة رأي فيزا صحيحة لمدة شهر لإيطاليا مختومة بختم القنصلية الإيطالية معطاة لأعمال تجارية خاصة. سأله "كيف فعلت هذا؟". رد ابن عمه "لي زميل و صديق يعمل في جهة سيادية حكيت له موضوعك و غضب جداً من هذا الظلم الفادح و أخذ جوازك و تصرف. إنهم في هذه الجهة السيادية لهم طرقهم و هم قادرون على فعل معجزات". حضنه حمدي قائلًا " لقد انقذت حياتي فقد كنت اموت موتاً بطيئًا، شكرا لك و شكرا لجيشنا العظيم".

و هرع حمدي لأخذ أول طائرة الى روما و منها الى مطار فينيسيا ، ثم بالاتوبيس الى البنسيون الذي كان يعيش فيه فوجد غرفته مازالت فارغة و فرحت مديرة البنسيون ايما فرح بعودته. و في الصباح الباكر ذهب الى المصنع الذي كان يعمل فيه و اعتذر الى صاحب العمل فعذره و أرجعه الى موقعه المعتاد و بذلك حصل على مد لاقامته في إيطاليا بسبب عقد عمله الرسمي.

بدأت القضية في التبلور و نجح محاميه في إقناع العديد من الشهود لإثبات أن حمدي عمل في مصنعي جيوفاني. و كذلك وجد بعض المستندات و اوراق التسليم و التسلم بإمضاء حمدي تتعلق بالعمل و غيرها من الاثباتات التي لم يستطع جيوفاني ان ينكرها.

و في نفس الوقت تعرف حمدي على فتاة هي ابنة صاحب المطعم الذي اعتاد الغداء فيه بالقرب من مصنعه الجديد. كانت ارملة صغيرة السن مات زوجها في حادثة سيارة تاركًا لها ولد و بنت في الرابعة و الثانية من العمر. كانت تجلس معه حين يتناول غداءه فقد كان تعمل نادلة في مطعم ابوها و تدريجيا احبته و أدركت انه الرجل الذي يستطيع ان يرعاها و يربي معها الطفلين يتامى الأب الذي لم يرونه إلا في الصور. اتفقا على الزواج و بارك الجميع هذا الزواج المختلط، و الذي كان نادراً في تلك الايام، و ذلك لما رأوه من حبهم لبعضهم و من دماثة خلق حمدي و لطف معشره.

فاز حمدي بالقضية و رجعت اليه كل نقوده التي كسبها بعرق جبينه على مدى سبع سنوات طوال، و من هذه الفلوس صرف على زواجه و أشترى سيارة و اخذ زوجته وأولادها الى العديد من الرحلات، التي لم يكونوا يحلمون بها، الى بلد السحر و التاريخ و الجمال مصر.

عامل حمدي طفليّ زوجته و كأنهم اولاده بالضبط، و رزق منها ايضا ولد و بنت ، و عاش الزوجان و الاطفال الأربعة في سعادة في بيت كبير كان ملكاً لعائلة ابو اولاد زوجته المرحوم. و قد صرف حمدي الكثير من الأموال لتصليح وتجديد هذا البيت القديم. أما زوجته فقد تركت العمل وتفرغت لتربية الاطفال.

و مرت السنين و بعد اعوام من الوئام و السلام دب الخلاف بينه وبين زوجته. و الذي حدث هو انه طُلِب منه ان يشرف على فتح مصنع احذية جديد في بلدة صغيرة في رومانيا و آخر في أوكرانيا. كان ذلك التكليف تقديرًا لكونه اصبح من اهم خبراء صناعة الاحذية في ايطاليا. وكانت المصانع الايطالية تُنقل الى بلاد أوروبا الشرقية التي تحررت في التسعينات من قيود الشيوعية و ذلك لرخص القوى العاملة في هذه البلاد بالمقارنة بتكاليف العمال في إيطاليا.

سافر الى رومانيا و بدأ العمل في المصنع الروماني و بين الحين و الآخر كان يقود سيارته لساعات طوال من رومانيا الى بلدة بعيدة في سهول أوكرانيا الواسعة ليشرف على المصنع الأوكراني. كان العمل في هذين المصنعين اصعب و اكثر ارهاقا من عمله في ايطاليا فقد كان عليه ان يستيقظ قبل الفجر و يظل في العمل حتى ساعة متأخرة من الليل، بالإضافة لصعوبة التفاهم مع العمال لاختلاف اللغة و لعدم تعودهم على العمل بإيقاع المصانع الخاصة بعد عقود من الشغل الخفيف جدا في ايام المصانع الشيوعية.

كان يعود لإيطاليا كل كام شهر فيجد فوضى عارمة في المنزل، و اولاد متأخرين في الدراسة و زوجة لا تحترمه و تتهمه بأنه هجر العائلة و تحمله ذنب أن الأولاد لم يفلحوا و ان مصاريفهم زادت لأنهم يدخنون و يسهرون في الخارج و لا يعودون إلا في الفجر. و الابنة الكبرى لها خطيب عمره اكبر منها بثلاثين عاما. و كان يرى أن البيت الذي صرف عليه دم قلبه و قد اهملت نظافته و بعثرت أثاثاته و خربت آلاته المنزلية و اصبح يموج بإناس لا يعرفهم يتصرفون فيه وكأنهم أصحابه. حاول اصلاح ذلك و لكن هيهات أن يسمع احد كلامه. و أحس، بعد عددمن السنوات على هذا المنوال، و كأنه غريب في بيته و أن لا أحد يستريح لوجوده و هكذا اصبحت زياراته لبيته اقل في اقل.

و حدث ما يمكن توقعه في مثل هذه الحالات، لقد تعرف على فتاة رومانية جميلة و رقيقة تعمل كسكرتيرة في مصنعه و أحبها و احبته.

و بعد سنتين من بداية هذا الحب لم يجد بداً من مصارحة زوجته بهذا الحب و في رغبته في الطلاق. بالطبع هاجت و ماجت و اقامت زوبعة عارمة عليه في شغله و مع الاصدقاء و الاقارب و حتى مع الجيران. و بعد سنين حصل على الطلاق بعد أن ترك لزوجته كل شئ.

و رحل الى رومانيا ليبدأ من جديد، و تزوج الفتاة الرومانية و التي يكبرها بعدد من السنين و انجب منها طفلتين جميلتين، و كان قد استمر في العمل لدى الشركة الايطالية حتى خرج على المعاش.

والآن و قد جاوز السبعين من عمره يعيش في رومانيا مرتاحاً بمعاشه الذي يصله من ايطاليا.

و اذا ذهبتم الى مدينته الرومانية الصغيرة سوف ترونه يصحب ابنتيه الصغيرتين الى المدرسة في الصباح او الى الحدائق بعد الظهر. و قد ترونه يسير في سوق المدينة الاسبوعي و هو يتحدث مع البائعين باللغة الرومانية التي اصبح يتقنها، او قد ترونه يتمشى وحيداً في شتاء البلدة القاسي على كورنيش النهر الصغير المتجمد الذي يمر بالمدينة و يجلس على واحدة من دككه و يسرح بفكره الى ترعة جسر البحر القريبة من منزل العائلة في قليوب.

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 02:46 صـ
17 شوال 1445 هـ 26 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:43
الشروق 05:17
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:29
العشاء 19:52