دكتور ماهر جبر يكتب: إلتزامات المشتري في عقد البيع
أهم إلتزام يقع على عاتق المشتري يتمثل في دفع ثمن المبيع، وعناصر دفع الثمن هي ما يدفعه المشتري للبائع كثمن لمحل البيع بالإضافة لمصاريف الوفاء بالثمن كأ جور البريد أو عمولة البنك، فنفقات الوفاء تكون على المدين، مالم يوجد إتفاق أو عرف أو نص بخلاف ذلك، والمشتري يدفع الثمن المتفق عليه في العقد دون زيادة أو نقصان، غير أنه يمكن تصور بعض الحالات التي يلتزم فيها بدفع ما هو أكثر أو أقل من الثمن المسمى، فيجوز إلزام المشتري بدفع مبلغ أكثر من الثمن المسمى إذا ثبت أنه استغل حاجة البائع أو طيشه أو عدم خبرته أو هواه أو ضعف إدراكه ولحق البائع من تعاقده غبن فاحش، كما يجوز أن يلتزم المشتري بدفع مبلغ أقل من الثمن المسمى، كما يحدث عند ظهور المبيع ناقصاً عند التسليم حيث لا يلتزم المشتري إلا بدفع ما يقابل المقدار الموجود من المبيع، والأصل أن المشتري لا يلتزم بدفع فوائد الثمن إلا في الحالات الإستثنائية التي نص عليها القانون كوجود إتفاق يلزم المشتري بدفع فوائد الثمن من تاريخ إبرام العقد، أو من تاريخ تسلم المبيع أو من أي تاريخ آخر، كذلك في حالة إعذار البائع للمشتري بوجوب دفع الثمن نظراً لإستحقاقه، فتسري الفوائد من تاريخ الإعذار إلى حين وقت دفع الثمن شريطة ألا يكون الإعذار قد وقع قبل إستحقاق الثمن، أيضاً إذا كان المبيع منتجاً لثمار وتسلم المشتري المبيع ولم يدفع الثمن، ولا يشترط إنتاج ثمار فعلاً وإنما يكفي أن يكون المبيع قابلاً بطبيعته لإنتاج الثمار ولو لم يحصل عليها المشتري، على خلاف في الرأي بين المبيع المنتج للثمار وغير المنتج لها، لأن الأخير وإن كان غير منتجاً إلا أن المشتري ينتفع به بطريقة ما، كقراءة كتاب أو تزيين مكان بالصورة الزيتيه، لكن الحكم يختلف إذا كان المبيع منتجاً للثمار وكان المشتري قد إتفق مع البائع على تأجيل الثمن حيث لا يلتزم المشتري في هذه الحالة بفوائد الثمن وإلا انتفت فائدة اشتراط الأجل في أداء الثمن مالم يتبين من ظروف التعاقد أن قصد المشتري كان أن يلتزم بأداء الفوائد، وأن إشتراط تأجيل دفع الثمن لم يكن إلا لحاجته إليه، ويلتزم المشتري كذلك بدفع تكاليف المبيع من وقت تمام البيع كالضرائب ونفقات حفظ المبيع وصيانته واستغلاله، إلا إذا وجد إتفاق أو عرف بخلاف ذلك.
وتحديد زمان دفع الثمن من الأشياء الضرورية في العقد، فإذا لم يشترط في العقد تعجيل الثمن أو تأجيله أو تقسيطه فإن الثمن مستحق الأداء بمجرد تمام العقد، ويلتزم المشتري بدفعه أولاً ثم يتسلم المبيع، وإذا كان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً فإن مدة القسط أو الأجل تبدأ من تاريخ تسليم المبيع، إلا إذا وجد اتفاق بخلاف ذلك أو كان سبب تأخير التسليم راجعاً إلى إمتناع المشتري عن التسليم حيث تبدأ المدة في الحالة الاخيرة من تاريخ هذا الإمتناع.
أما فيما يتعلق بمكان دفع الثمن فهو المكان المعين في الإتفاق، وإذا لم يوجد إتفاق فالمشتري يلتزم بتأديته في المكان الذي يتم فيه تسليم المبيع، وإذا كان الثمن مستحق الأداء في وقت هو غير وقت تسليم المبيع، فالوفاء يجب أن يتم في هذه الحالة في موطن المشتري وقت الإستحقاق، سواء كان الثمن مستحق الأداء قبل أو بعد تسليم المبيع.
لكن التساؤل يثار حول مدى أحقية المشتري في حبس الثمن، بمعنى هل يجوز له ذلك ؟.
نعم يجوز للمشتري حبس ثمن المبيع تحت يده في بعض الحالات، كما لو تعرض أحد للمشتري في وضع يده على المبيع بدعوى حق سابق على المبيع أو ناشيء من البائع، على أن يقع هذا التعرض قبل الوفاء بالثمن، غير أنه إذا وقع التعرض في جزء من المبيع فقط فلا يجوز للمشتري أن يحبس عن البائع سوى قيمة هذا الجزء، كذلك إذا كانت هناك أسباب يخشى منها على المبيع أن يستحق أو ينتزع من تحت يد المشتري، على أن تكون هذه الخشية مبنية على أسباب معقولة، كظهور عدم عائدية المبيع للبائع أو ظهور حق رهن على العقار المبيع، وأخيراً إذا كشف المشتري عيباً خفياً في المبيع يوجب ضمان البائع، على ألا يكون الثمن مدفوعاً.
غير أن حق المشتري في حبس الثمن يسقط إذا تنازل المشتري عنه صراحة في العقد، كما لو تعهد للبائع بدفع الثمن، حتى ولو حدث له تعرض في حيازته، أو كشف عيباً في المبيع، ويعتبر المشتري متنازلاً ضمنياً عن هذا الحق إذا دفع الثمن رغم علمه بالسبب الموجب لحبسه، غير أن له الرجوع على البائع وفقاً لأحكام ضمان الإستحقاق إذا أستحق المبيع فعلاً، ويسقط هذا الحق أيضاً إذا قدم البائع كفيلاً يضمن للمشتري الوفاء بما سيرجع به على البائع، أو إذا زال سبب ثبوت حق المشتري في حبس الثمن، كما لو زال خطر الإستحقاق أو انقطع التعرض، أو قام البائع بإصلاح العيب الذي كشفه المشتري في المبيع.
