×
21 شوال 1445
29 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

مذكرات مهاجر مجهول (7)

المصريين بالخارج

 

هل يوجد من الأخطاء ما يكافئنا الله عليه؟ او بالاحرى هل هل يساعدنا الله رغم اننا نخطئ كي نتخلص من الخطأ؟
يبدو أن الله يأخذ في الاعتبار اننا أحيانًا نخطئ أخطاء اجبرنا عليها و لم يكن لنا طريق سواها لنستطيع الاستمرار و الاستقرار.
يبدو أن علاقة الإنسان مع الله هي مثل علاقته مع ابويه. أو أن الله يقدر ما في القلوب اكثر مما يبدو من الافعال. فقد يكون الفعل مشيناً و لكن القلب مخلص حتى و إن لم يكن نادمًا على أخطائه. لابد أن حكم الله على الانسان يختلف عن حكم المجتمع عليه.


كانت مانويلا قد أنهت ستة اشهر من عملها في مستشفاها الجديد في بادوفا ، و كانوا قد اعجبوا بها لدرجة أنهم عرضوا عليها ان تنتقل الي العمل عندهم و تترك مستشفى مونتيبللونا. و في اليوم الذي عرفت فيه ذلك قابلتني في بيتها بوجهها البشوش كالمعتاد و لكن هذه المرة كانت عيناها تلمعان بضوء غريب. قالت لي "إنهم يريدون ان انتقل للعمل معهم في بادوفا ". قلت لها "هذا كلام عظيم جدًا"، اخيرا سوف ترتاحي من السفر اليومي الى مونتيبللونا".


قالت "نعم، و لكن هل سيقبل رئيس القسم و إدارة مستشفى مونتيبللونا ان يتركوني؟". و اضافت "غالبًا سيرفرضون".


و فعلا بعد كام يوم قابلتها و كانت حزينة الوجه على غير عادتها و قالت" لم يوافقوا، رئيس القسم رفض لحاجته الماسة لي، قال إنه لا يضمن تغطية العيادات و الورديات من غيري".


كانت مشكلة اوقفت نقلها بالكامل.
و مر اسبوعين على هذا اللقاء و لم نتقابل بسبب بعض الظروف، و عندما تقابلنا أخيرا ، تعلقت برقبتي و قالت "وحشتني ". و بعد الغداء ذهبنا لنرتاح قليلا ، و بينما كنا بين النوم و اليقظة رن تليفون منزلها الذي كان موضوعاً على الكوميدينو، و ردت فسمعت صوت رجل على الطرف الآخر يقول لها "انا عندي خبر حلو لك يا مانويلا"، فأشرت لها بما معناه "من هذا؟". ردت بصوت خافت بعد أن كتمت السماعة بيدها "هذا هو المدير الاداري لمستشفى مونتيبللونا"، فأخفيت رأسي تحت يديّ في حركة درامية.


و طالت المكالمة، و كان المتحدث اكثر الوقت هو المدير، اما مانويلا فكانت تكتفي بالايماء و الهمهمة. و بعد انتهاء المكالمة رَفَعَتْ يديّ من على رأسي و وجهها يشع بأطياف من الفرح و عيناها تلمعان مثل عينا قطة في ظلام الغرفة المقفولة ستائرها.


قالت و هي تشهق "لقد حَُلّتْ يا أشرف و سأنتقل إلى بادوفا". و اندهشت و قلت لها "كيف؟". قالت "لقد وجدوا قائمة تعيين واحدة ما زالت مفتوحة و يمكن تعيين من عليه الدور فيها مكاني بدون الحاجة لعمل مسابقة تعيين اخرى (و هو الامر الذي يستلزم شهوراً طويلة)، و هو الآن يطلع عليها ليرى اذا كان هناك من لم يتم تعيينه، و سيكلمني مرة اخرى". قلت لها "عظيم، سوف نرى، انت محظوظة".


و بعد حوالي نصف ساعة رن التليفون مرة اخرى و كان هو نفس الرجل و الذي قال: "راجعت القائمة و بقي فيها واحد لم يعين، اجنبي اسمه أسرف ياكوبو، لا أدري اذا كان مازال في إيطاليا او رحل لبلاده". قالت له بدلال و هي تنظر اليّ "اؤكد لك انه موجود في إيطاليا " و وضعت يدها اليمنى على رأسي. قال "في الغد سوف احاول العثور عليه، اذا قبل، سوف يتم نقلك بأسرع ما يمكن". ردت "اؤكد لك أنه سوف يقبل". هذا و انا اشير لها ساخراً انني لن أقبل.


و بعد انتهاء المكالمة قلت "و لكن المسابقة كانت لمستشفى كاستل فرانكو؟ ". قالت "نعم و لكن كلا المستشفيان يتبعان منطقة طبية واحدة و قوائم التعيين واحدة في الإثنين". ثم رفعت ذراعيها عالياً و اطلقت صرخة فرح مدوية، و بعدها مباشرة احتفلنا بهذا الخبر احتفالًا لا يمكن نسيانه.


و في صباح اليوم التالي ذهبت الى مستشفى كاستل فرانكو كالمعتاد، و عندما وصلت حضرت لمكتبي زميلتي التي كانت معي في بوسطن و وجهها يشع بابتسامة راضية و قالت "عندي لك خبر سعيد جداً". و كنت أعرف أن البروفيسور مسافر للخارج في مؤتمر. و استمرت: "خبر مهم جدًا لمستقبلك". قلت لها "ما هو؟" وانا طبعا ً أعرف حقيقة الخبر من عصر الأمس. قالت "سألني المدير الاداري لمستشفى مونتيبللونا عنك، قلت له انك طبيب ماهر و اخصائي محترف في القلب و الباطنة ، فقال لي انهم يريدونك أن تحل محل دكتورة كانت تعمل في قسم الباطنة هناك و تركتهم الى بادوفا ". قلت لها :"هذا خبر رائع". قالت: " و لكن عدني انك سوف تستمر في عمل الابحاث التي بدأناها في بوسطن". قلت "طبعا، لإني اعشق البحث العلمي، و لأني اريد ان اكمل الابحاث الممتازة التي بدأناها".


و في منتصف النهار كلمني في القسم المدير الاداري لمستشفى مونتيبللونا و أخبرني عن قرارهم ثم قال "اريد لك أن تبدأ يوم الاثنين القادم في الساعة الثامنة و النصف في قسم الباطنة، في الدور الخامس، بمونتيبللونا و سيكون الدكتور انطونيو بولييزي رئيس القسم في انتظارك".


كنا يوم الثلاثاء، و على مائدة الغداء في مستشفى كاستل فرانكو ، هنأني الزملاء و لكن اكبرهم في السن، لويجي ، و كان هو نفسه مدرس مساعد في جامعة بادوفا قال:"و لكن تعيينك غير متوافق مع استمرارك في مدرسة التخصص".
كان تعليقه كمثل طعنة في قلبي قتلت فرحتي بالتعيين على الفور. قلت له :" كيف ذلك ؟ انا لن آخذ مرتب التخصص بالطبع ، و لكن لماذا لا يمكن أن استمر في دراسة التخصص، خاصة انني سوف اعمل في قسم امراض باطنة و انا ادرس أمراض باطنة، فليس هناك أي تعارض!". قال: هذه هي قواعد مدرسة التخصص في بادوفا ، و لا ادري ماذا اقول لك ، انتظر البروفيسور يوم الخميس و سنعرف ما هو رأيه".


كانت ضربة قاصمة لي فهذا يعني خسارة ثلاث سنوات قضيتها في مدرسة التخصص بالامراض الباطنة ، و يا ريت كان العمل في مستشفى مونتيبللونا مضمون مائة في المائة فأمامي هناك ستة إشهر تجربة ، يعني ان لم اعجب رئيس القسم يمكن له أن يرفض تعييني، و بذلك اصبح في الشارع لا عمل و لا مرتب مدرسة التخصص.


كان عليّ أن أذهب لبادوفا و لكن نفسي كانت مسدودة عن كل شئ، فعد للمنزل حزينًا كئيبًا ، و لكن لم يشعر بآلامي أحد فقد كنت في وادي و زوجتي في وادي آخر. و كلمتني مانويلا في البيت لأنها كانت تتوقع حضوري لبادوفا فردت عليها زوجتي و بالطبع وضعت السماعة فوراً. لم انم حتى يوم الخميس و عندما وصلت للمستشفى بدأنا على الفور مع البروفيسور في المرور على المرضي و كنت انتظر بفارغ الصبر أن ينتهي هذا المرور لأتكلم مع البروفيسور.
و أخيرًا انتهينا و قلت للبروفيسور انني اريد أن اتحدث معه. قال لي :اعرف كل حاجة، تعالى معي لمكتبي".


وصلنا للمكتب معا و جلس على مكتبه و أشار لي بالجلوس على الكرسي امامه ثم قال: لقد عرفت كل شئ من ادريانا هذا الصباح و نحن في القطار قادمين من بادوفا، انا سعيد جدًا لك ، و لكن قواعد الجامعة لا يمكن تغييرها ، و عليك انت أن تختار، تختار بين الاستمرار في مدرسة التخصص او التعيين، فماذا تقول؟. قلت له : إن فرصة التعيين هذه قد لا تتكرر الا بعد سنين طوال، ولكن هناك ستة اشهر فترة تجربة، قد يقرر بعدها دكتور بولييزي رئيس القسم في مونتيبللونا الا يوافق على تعييني بصفة دائمة، كيف لي أن أضمن الا افقد كل شئ، العمل و التخصص". قال لي: هذا هو قرارك انت و انا اقدر أنه قرار صعب جداً". و نظر لي بعين عطوفة و بدى لي أن لسان حاله يقول :"يا ريت يوافق على الاستمرار في التخصص و بذلك يبقى معي لننهي الابحاث التي بدأناها".

 

ثم قال: "سوف اعود لبادوفا بعد الغداء و سأذهب بنفسي لمقابلة البروفيسور دالبالو مدير مدارس التخصص في الجامعة و لعله يجد حلاً". شكرته جدًا و تركته و انا في غاية اليأس فقد كان البروفيسور دالبالو معروفًا بتشدده و صلابة مواقفه و كانوا يسمونه البارون نظرًا لوجاهته و صعوبة الوصول اليه.
و في المساء في البيت كلمتني مانويلا مرة اخرى و هذه المرة كانت في حوالي الحادية عشرة مساءاً، و ردت عليها زوجتي هذه المرة ايضاً، فوضعت السماعة فوراً. احسست انها هي ايضا تكاد تموت من القلق و قضيت الليلة بدون أن يغمض لي جفن.


و في الصباح في مستشفى كاستل فرانكو لم يكن البروفيسور قد وصل بعد، و فعلا قالوا لي أنه سيصل بعد الغداء. و قضيت ساعات الصباح و انا في أسوأ حال و انا اضرب اخماساً في اسداساً و لا أعرف ماذا سوف يكون مصيري.

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الإثنين 07:18 صـ
21 شوال 1445 هـ 29 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:39
الشروق 05:14
الظهر 11:52
العصر 15:29
المغرب 18:31
العشاء 19:55