×
23 شوال 1445
1 مايو 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
البيت الثقافي

د. أشرف يعقوب يكتب: مذكرات مهاجر مجهول

المصريين بالخارج


الجزء الثاني (8)
وصل البروفيسور أخيرًا ثم مر معنا على المرضى و هو ينظر لي بين الآن و الآخر و كأنه يقول: "لدي ما سوف اقوله لك".
صبرت صبرًا جميلًا و بعد انتهاء المرور أشار لي أن اتبعه لمكتبه. دخلنا المكتب و بعد الجلوس قال لي: "البروفيسور دالبالو صعب جدًا و لم يرد أن يسمح لك بهذا الاستثناء، و لكني تحايلت عليه لمدة ساعة تقريبًا و افهمته ظروفك ، و بعد جدل طويل، وصلنا الى حل". قلت له: "ما هو هذا الحل بروفيسور؟". قال:"انه سوف يعتبرك كطبيبة حامل و يعطي لك تسعة أشهر توقف عن مدرسة التخصص". قلت له:و ماذا سيحدث بعد ذلك بروفيسور ؟". قال:"سوف تعود الى الدراسة اذا لم تستمر في عملك في مستشفى مونتيبللونا، و هذا يعني بالطبع انك ستفقد سنة". فقلت :"و إن استمريت؟". قال:"لا أدري، سوف يقرر هو مصيرك حينئذ".
و رجعت للقسم و انا متحير فقراري هنا كان مصيريًا.
و في طريقي للدخول من بوابة القسم قابلني لويجي المدرس المساعد بالجامعة و ذراع البروفيسور الأيمن. رآني حزينا مهموماً فسألني عن ماذا قرر البروفيسور دالبالو. حكيت له ما أخبرني به البروفيسور بانيان. أخذ بذراعي و همس لي قائلاً:"أشرف، اسمع كلامي، اذهب و استلم وظيفتك يوم الاثنين و بطل قلق". قلت له:"لكن؟". قال لي:"ليس هناك من لكن، روح استلم شغلك يوم الاثنين في مستشفى مونتيبللونا ".
و تركني و انا محتار ، و لكني احسست ان لويجي صادق و نصيحته بنيت على خبرة و دراية بواقع الحال في منطقتنا الصحية. كلمت مانويلا في التليفون و اخبرتها بالتطورات الاخيرة و احسست انها تطير من الفرح ، و لكن آلمني قليلاً عدم اكتراثها بحالة الحيرة التي انا فيها.
و هكذا و في الساعة الثامنة و الربع من يوم الإثنين كنت امام مكتب الدكتور انطونيو بولييزي مدير اقسام الباطنة بمستشفى مونتيبللونا. ادخلتني سكرتيرته الى مكتبه فرحب بي بنظرة حانية و بلكنته الصقلية المحببة. كان رجلًا في اواخر الخمسينات من عمره، اصلع و الباقي من شعره ابيض ناصع البياض، كما كانت بشرته، اما عيناه فكانتا زرقاوان. و هذا ليس غريبًا على الصقليين فكثير منهم شقر و ذوي عيون زرقاء لكونهم من اصل نورماني. و النورمان هم أصلًا شعب من شعوب شبه جزيرة اسكندنافيا و هاجروا اولا الى نورماندي في شمال غرب فرنسا، ثم بعض منهم نجح في غزو جزيرة صقلية و استطاع طرد العرب منها.
شعرت بارتياح شديد لهذا الرجل و قضيت معه عشر سنوات من حياتي، تعلمت فيهم الكثير منه، ليس فقط في مجال الطب و لكن ايضا في كثير من مجالات الحياة.
بدأت العمل في مستشفى مونتيبللونا بحماس و ايقنت ان حجم العمل فيه أكثر بكثير من حجم العمل في مستشفى كاستل فرانكو. كان مستشفى قديم ، ضيق الممرات مظلمها، و صغير الغرف المزدحمة بالمرضى. كانت كل غرفة تسع ستة مرضى و الحمام في الطرقة. و كان الفرق شاسع بين عظمة و فخامة مستشفى كاستل فرانكو الجديد الذي وصفته سابقًا بممراته الواسعة و حوائطه الزجاجية و غرفه المنيرة و التي يوجد بها اربعة مرضى على الاكثر و بكل غرفة حمام. كانت مستشفى مونتيبللونا و كأنها من الدرجة الثانية بينما كانت مستشفى كاستل فرانكو من الدرجة الاولى. مستشفى كاستل فرانكو يعمل بها الاطباء المعينين بالواسطة ، بينما يعمل في مونتيبللونا الاطباء الغلابة الذين وصلوا بمجهودهم و كانوا هم الاطباء الاحسن و الاشطر. مستشفى مونتيبللونا يعمل بها سبعة اطباء اجانب زي حالاتي ، بينما لا يعمل في مستشفى كاستل فرانكو أي اجنبي.
و مع ذلك كان حجم العمل في مونتيبللونا اكبر بكثير، فكنت من المعتاد إن أبدأ في الثامنة و النصف و انتهي في الثامنة مساءً. حالات اخطر و عدد مرضى اكبر و امكانيات اقل.
اصبح ذهابي لبادوفا من الصعب جدًا. كنت دائما اذهب في يوم راحتي من عملي في نهاية الاسبوع لإكمال ابحاثي على الارانب و لمقابلة مانويلا و لكن ذلك اصبح مرة في الأسبوع و احيانا مرتين فقط في الشهر.
فهم البروفيسور بانيان و فريق عمله عدم استطاعتي الذهاب كل يوم و قبلوا مواعيد ذهابي الجديدة و لكن مانويلا لم تقبل هذا. لم يعد هناك وقت ان ابقى في منزلها بالساعات كما كنا نفعل عادةً، و أحيانًا كنا نتقابل على الغداء في مطعم بالقرب من كلية العلوم.
و مرت الستة الشهور بسرعة، و اخبرني الدكتور انطونيو بولييزي انه "معجب بحماسي و اخلاصي في العمل و يقدر مهارتي و خبرتي في العمل" و انه قرر ان يثبتني في العمل و اوصى ادارة المستشفى ان تعقد معي عقد عمل دائم ، و هذا ما تم فعلا بعد ايام قليلة.
و هكذا حصلت أخيرا و بعد ست سنوات على عمل ثابت كطبيب في تخصصي في ايطاليا. كانت فرحتي كبيرة جدا، و لكني لم ارى هذه الفرحة على وجه زوجتي و لم ادر وقتها سبب ذلك. و كذلك لم ار هذه الفرحة على وجه مانويلا، رغم انني رتبت ان اقضي معها يوما كاملا في بيتها. في ذلك اليوم و قبل ان اتركها لأعود لمنزلي سألتني:"هل ما زالت معاشرتك لزوجتك كاملة ؟". قلت لها ؛"نعم". نظرت لي بغضب و قالت:"انا لم اعد استطيع ان اقبل ان أكون الزوجة الثانية ، لقد مر على علاقتنا الآثمة عام و نصف عام و ليس لها معنى ان تستمر, هل انت على استعداد ان تترك زوجتك و تأتي للعيش معي ، هنا في هذه الشقة؟ ، نحن لا ينقصنا شئ". قلت لها:"لا لن اترك زوجتي، الآن على الاقل، لأن بنتي صغيرة و لا اريد أن اصدمها بانفصال والديها". قالت لي و هي ترتجف :" اذن سوف ننفصل انا و انت ، و بصراحة هناك من يريد أن يتقدم لي، و هو مناسب لي جدًا ". قلت:" لها كما تريدين ". و قبلتها على جبهتها و صاحبتني الى باب شقتها و ودعتني بكلمة "تشاو" باردة جدًا.
و لم ارها بعد هذه الليلة الا بعد عشرة سنوات في احدى المؤتمرات الطبية و حكت لي انها تزوجت ذلك الشخص و انهما لم ينجبا.
و ركزت معظم جهدي في عملي بمستشفى مونتيبللونا و اصبح ذهابي لبادوفا لعمل الابحاث اقل فأقل و بدأ البروفيسور بانيان و فريقه، و خاصة أدريانا التي ذهبت معي لبوسطن، في القلق، و الإلحاح عليَّ في الذهاب اكثر ، و بدأت علاقتي معهم في التوتر حتى حدث ما ادى لقطع علاقتي معهم لبضع سنين و هذا ما سأحكي لكم عنه في المرة القادمة.

 

مهاجر

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الأربعاء 11:55 مـ
23 شوال 1445 هـ 01 مايو 2024 م
مصر
الفجر 03:37
الشروق 05:12
الظهر 11:52
العصر 15:29
المغرب 18:32
العشاء 19:57