×
8 شوال 1445
16 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

مذكرات مهاجر مجهول ..... الجزء الثاني (9)

المصريين بالخارج

ياما روحنا و ياما جينا

رحمة الله علينا

ياما تهنا في الدروب

نجتمع ... بعدين ندوب

نرتكب كل الذنوب

و في لحظة نبكي... و نتوب

ياما روحنا وياما جينا

رحمة الله علينا

لماذا نخون، و لماذا دائماً نخون اقرب الناس لنا، و غالبًا نخون الناس التي احسنت الينا؟ هل الطبيعة البشرية هي السبب، ام اننا ننتقم ممن ساعدنا لأنه تجرأ و احسن الينا فأهاننا؟ ام أن من هو قريب منا يقول أو يفعل شيئًا مما يشعرنا بالنقص و الغضب و يولد داخلنا الرغبة في الانتقام؟ أو أن من أحسن الينا لا يفتأ، بقصد أو من غير قصد، بمناسبة او من غير مناسبة، أن يذكرنا بأن له الفضل علينا؟ لا أدري الاجابة على هذه الأسئلة، و لكني سأحكي لكم و عليكم انتم الحكم.

كنت عندما أذهب لعمل التجارب الجراحية و القسطرية على الخنازير في جامعة فلورنسا في مستشفى كاريجّي الشهير، كنت اصرف من جيبي كل المصاريف ، من تذاكر القطارات الى التاكسيات الى الفنادق و الى أكلي في المطاعم، و كنت احتفظ بكل التذاكر و الوصولات و الفواتير كما قيل لي. و كان هذا طوال صيف ١٩٩٦. كانت جملة المبلغ الذي صرفته تفوق بقليل اثنين مليون ليرة (حوالي ٢٠٠٠ يورو) و كان هذا مبلغاً كبيراً في تلك الأيام.

ارسلت كل هذه المستندات الى ادارة "المركز القومي للبحوث" الايطالي و هو الجهة التي كانت تمول هذا البحث. انتظرت ان يردوا لي هذه المصاريف فلم استلم منهم شيئًا لمدة عام و نصف عام. كلمتهم في التليفون عدة مرات و ارسلت خطابات مسجلة و غيره، و لا حياة لمن تنادي.

سكت و كتمت غضبي و لم ارد أن اثير مشاكل في فترة التجربة التي كنت امر بها في عملي بمستشفى مونتيبللونا ، و التي كان كل املي فيها ان يثبتنوني في هذا العمل الذي حصلت عليه بما يشبه المعجزة.

و لكن بعد تثبيتي عدت الى المطالبة بالمبالغ التي صرفتها على البحث الخنازيري الفلورنسي. و بعد جهد جهيد استطعت ان اتكلم مع مدير من المركز القومي للبحوث في روما. رد علي بجفاء شديد و قال انهم لا يقبلون طلبي و يشكون في المستندات التي ارسلتها و إنه احسن لي أن اسكت، و إلّا. غضبت جداً فمستنداتي كانت سليمة مئة بالمئة و كان حقي واضحاً على العيان و الأبحاث منشورة في المجلات العلمية العالمية و قلت "صحيح آخرة خدمة الغز علقة". و ادركت مدى حسرة و غضب من قال هذا المثل من فقراء المصريين في العصور البائدة عندما كان المماليك يستخدمون الناس و كأنهم عبيد لهم. و الغز كانوا من المماليك القادمين من قبائل الاوغوز التركمانية من وسط آسيا و الذين ابتلت بهم مصر في عهدٍ مظلمٍ من عهودها الطويلة.

كتمت الغضب في صدري و لم ازعج البروفيسور بانيان بهذا الإشكال و كان هو الذي ارسلني الى فلورنسا لأعمل بالسخرة لدى هؤلاء الناس.

بل و قد مرت بفكري بقوة أن البروفيسور كان يعلم بذلك و انه ارسلني و هو يعرف انهم لن يدفعوا مصاريفي. و لكن ظهر بعد ذلك أن البروفيسور لم يكن يعلم شيئًا عن هذا و زعل جداً عندما عرف مني ذلك بعد حوالي سنة.

و زاد الطين بلة انني كلمته عن رجوعي لمدرسة التخصص فقال اذهب لمقابلة البروفيسور دالبالو و تناقش معه انت بنفسك.

اخدت ميعاد مع البروفيسور دالبالو، و كان رجل نحيف مخيف طويل القامة، و الذي استقبلني بفتور شديد و قال لي أنه لا يستطيع أن يغير قواعد الدراسة في مدرسة التخصص من أجلي و أن علي أن أنسى هذا الموضوع برمته و "احمد ربنا ان عندك شغل دائم لا يجده الكثير من الايطاليين من اهل البلد". قلت له "و لكن اذا اردت أن اصبح رئيس قسم أمراض باطنة في المستشفى يجب أن أكون حاصل على هذا التخصص؟" رد "لن تكون أبداً رئيس قسم في إيطاليًا، انت فاكر نفسك مين، انت اجنبي، افهم ده كويس و لا ترفع سقف طموحاتك حتى لا تصدم". و لكني فعلاً صدمت و خرجت من عنده و انا حزين على الثلاث السنوات التي ضاعت و الفلوس التي صرفتها و التعب و الوقت الذي ذهب بغير رجعة.

و أعماني الغضب و تملكني الغيظ و تغلبت على فكري الرغبة في الثأر و قررت الانتقام من جامعة بادوفا.

‏و في الصباح التالي طلبت ادريانا في التليفون و قلت لها انني لم يعد عندي وقت للذهاب لعمل العمليات على الأرانب و ليس لدي أي نية للاستمرار في هذه الابحاث، و ان عليهم أن يجدوا شخصاً آخر لإنهاء هذا العمل. صرخت في التليفون "أشرف، لا تفعل هذا بنا، لقد استثمرنا فيك كثيرًا ، و لا يوجد أحد يستطيع انهاء هذا البحث إلا انت". قلت لها "أنا آسف جدًا". و انهيت المكالمة بسرعة معتذرا بأنهم يطلبوني لحالة حرجة.

تخيلت أدريانا و هي تدخل غاضبة على البروفيسور بانيان لتخبره ، و تخيلته و هو يتحدث في التليفون مع البروفيسور دالبالو، و أدريانا و هي تتحدث في التليفون مع البروفيسور يوري استاذ كلية العلوم في بادوفا و الذي كان معها مشرفا على الابحاث و مورد الأرانب و غيره. كان يعمل في هذا البحث حوالي عشرين نفر من أطباء علم الأمراض و بيولوجيين يعملون في تجهيز الشرائح و طبيب بيطري و مساعدين معمل و غيرهم. عرفت بعد ذلك ان هذا الخبر وقع كالصاعقة على جميع هؤلاء، و كان منهم من يدافع عني، اما الأغلبية فكانت تسب و تلعن فيّ.

و كنت قد كتبت بروتوكول آخر لتطوير البحث فقررت عدم تقديمه لهم، بل و قررت في نفسي أن أقدمه الى جامعة اخرى للاستمرار في هذا البحث. كان يعز علي أن لا اتمه.

و بحثت عن جامعة اخرى تهتم بأبحاث استخدام العلاج الديناميكي بالضوء في إيطاليا فلم أجد، و وجدت ضالتي في جامعة لوزان في سويسرا و قلت هي اقرب من بوسطن حيث كان البديل هو تقديمه الى فريق الدكتورة طيبة حسن.

و اتصلت بهم في لوزان فرحبوا بي جدأ خاصةً انهم كانوا يعرفون جيداً البروفيسور يوري احد رواد العلاج الديناميكي بالضوء في العالم. كنت بالنسبة لهم فرخة بكشك لأني كنت من فريق البروفيسور يوري الذي كان منافس لهم، و كانوا فرحين انني سوف اخبرهم بابحاثه و ادلي لهم بأسراره.

حجزوا لي تذكرة القطار من تريفيزو الى لوزان، قطار الليل، لأن الرحلة كانت تستغرق حوالي ثمن ساعات، نمت فيهم جيدًا في كابينة لوحدي درجة اولى. وصلت في الصباح الى مدينة لوزان الجميلة و ذهبت مباشرة الى الفندق الذي حجزوا لي فيه ليلة قبل اللقاء معهم و الذي كان مقررًا أن يتم في اليوم التالي.

و بعد دش سريع خرجت لأتمشى في وسط المدينة الأنيقة. لوزان تقع على بحيرة جينيف (او بحيرة ليمان كما تسمى في الجانب الفرنسي)، و هي مقر اللجنة الاوليمبية الدولية. و منها يمكن آن تأخذ عبارة لتعبر البحيرة الصغيرة جنوبًا الى فرنسا في الجانب الآخر.

و أستمتعت بجولتي في وسط المدينة العريق، و عندما جاء وقت الغداء ، جذبتني رائحة قلي مشابهة لرائحة الطعمية المقلية. نظرت حولي فرأيت مصدر الرائحة ، كان مطعم إسرائيلي أو هكذا كان اسمه على يافطته المكتوبة باللغة العبرية و الإنجليزية. كانت اليافطة تقول "طعام اسرائيلي اصلي"، اي و الله كانت اليافطة تقول هذا، و القائمة كانت تشمل فلافل و حمص و بابا غنوش و تبولة و معظم الاكل الشامي مع الكباب و الشاورما. قلت في نفسي "حتى الطعام اقتبسوه منا"، و دخلت فقد كنت في شدة الاشتياق لساندوتش طعمية و التي لم اكن اتذوقها منذ سنين. طلبت ساندوتش من الطعمية، أو الفلافل، و كانت معمولة بالحمص بدلاً من الفول كعادة اهل الشام. و جلست على الدكة الطويلة و التي تمتد بطول بار المطعم، و جلست بجانبي سيدة وحيدة في حوالي الأربعين ، شقراء، حسناء، ذات قوام نحيف، و وجه يلمع فيه الذكاء، و عندما خلعت نظارة الشمس، اذهلني جمال عيونها الزرقاوان. بدأت الحديث معها عن الطعمية و اخبرتها أن الفلافل هي طعام مصري من أيام الفراعنة، و لكني لاحظت أن لغتها الإنجليزية ضعيفة جداً. و ملاحظاً أن لكنتها فرنسية، تكلمت معها باللغة الفرنسية فردت علي بحماس. و عرفت منها انها فرنسية من مدينة بالقرب من باريس، و انها جاءت الى لوزان بالعبارة في جولة سريعة و انها تقيم في اجازتها في المدينة الفرنسية المقابلة على البحيرة مدينة إيفيان. و عزمتها بعد الغداء على كوب شاي في البار المقابل للمطعم "عشان نحبس". و تحدثنا كثيراً و ضحكنا كثيراً على لغتي الفرنسية الضعيفة و التي تعود لايام المدرسة الثانوية ، و قالت عمومًا "انا افهمك جيداً". ثم اكملنا جولتنا في المدينة حتى حل المساء بعد يوم طويل جدًا من ايام يوليو ١٩٩٧. قلت لها اذا ارادت أن نتعشى معا، قالت نعم، و ذهبنا لمطعم شيك و بينما كنا نأكل حكت لي عن نفسها و انا اخبرتها عن نفسي. قالت انها مدرسة مطلقة و عندها ابنة في الثامنة عشر من عمرها و انها تقضي أجازتها في بيت اصدقاء في إيفيان. انتهينا في حوالي العاشرة و صاحبتها لأخذ العبارة لتعود الى إيفيان. و عندما ركبت كلودين، و هذا كان اسمها، رجعت للفندق و نمت ، بعد أن تمّمت على اوراقي و راجعت سريعًا بروتكول البحث.

و في الصباح ذهبت الى مبني معهد البوليتكنيك الفيديرالي حيث كنت سأقدم بروتوكول بحثي. ذهلت عندما رأيت بوسترات في كل المبنى تعلن عن وجود محاضرة يقدمها الدكتور "أشرف يعقوب من جامعة بادوفا ". لم يقولوا لي أنني سوف اقدم "محاضرة". لم أكن قد جهزت شرائح او منشورات او غيره. انا كنت اريد أن اقدم بحثي لهم فقط.

و قابلني جورج ، الباحث الذي تحدثت اليه على التليفون باللغة الإيطالية، لأنهم في لوزان يستعملون اللغة الإيطالية ايضا الى جانب الفرنسية و الألمانية السويسرية و التي تختلف عن الالمانية الاصلية، و كان هو من نظّم كل شئ. سألت جورج عن هذه المحاضرة الغير متوقعة و الغير متفق عليها، قال لقد فكرنا فيها بالامس و ارادها شخصياً مدير المعهد. قلت له: "و لكن انا لم احضّر شيئًا لإلقاء محاضرة!"، قال: كلمنا عن ابحاثكم في بادوفا "، و دفعني دفعاً على منصة القاعة الضخمة. و هالني أن وجدت في القاعة ما لا يقل عن ثلاث مئة شخص، فإستجمعت شجاعتي و قدمت نفسي و تحدثت عن الأبحاث التي كنا نعملها في بادوفا و بروتوكول البحث الذي اطمح في عمله معهم. و انتهيت بعد حوالي نصف ساعة ، ثم امطروني بعدة أسئلة جاوبت عن معظمها و اعتذرت عن البعض الذي كان يتعلق بعلوم الفيزياء البحتة.

و بعد المحاضرة اخذوني في جولة لرؤية معاملهم و شرحوا لي الأبحاث التي يقومون بها ، و ادركت انهم متقدمين جدًا في هذا النوع من الأبحاث بالنسبة لبادوفا. قال لي جورج انهم معجبون ببرتوكول بحثي و سوف يمولونه و لكن كان عليّ أن أحضر لمعهدهم مرة واحدة في الاسبوع. و قال لي ايضا انني يجب أن ادرس الجانب الفيزيائي لأنه مهم جدًا و قد يعطي لي افكار جديدة. و بعد ذلك ذهبنا الى مطعم إيطالي للغداء. و بعد الغداء تركوني على وعد بأن اراجع اوقات عملي و مدي موافقتها لإمكانية حضوري للوزان مرة في الأسبوع.

كان ميعاد قيام قطار العودة لتريفيزو ، قطار الليل، هو الحادية عشر مساءً ، و هكذا تسلحت بالصبر و كان الجو جميلًا لحسن الحظ و تسكعت عدة ساعات و انا ادور وحيدا في شوارع المدينة الجميلة. و تناولت عشائي بساندوتش طعمية عند الاسرائيلي.

ثم توجهت لمحطة القطارات قبل موعد القطار بحوالي ساعة. و بعد معرفة الرصيف الذي يوجد عليه قطاري ذهبت اليه، و هناك رأيت مفاجأة لم تكن تخطر على بالي. كانت تقف على رصيفي كلودين، و التي ما إن رأتني حتى اقبلت عليّ معانقة و مقبلة و قالت انها سعيدة برؤيتي مرة أخرى، و كم كانت خائفة أن أكون قد غيرت ميعاد قطاري. و كنت قد قلت لها انني سوف اعود في قطار الليل الى فينيسيا و انها حضرت من إيفيان خصيصًا لأنها ارادت أن تراني مرة اخرى.

كنا قد تبادلنا العناوين و ارقام التليفونات و تواعدنا أن نتراسل. قالت لي لماذا لا تبقي بعض الايام معي في إيفيان، قلت لها لا أستطيع بسبب ظروف العمل. و صعدنا معا الى القطار حيث اوصلتني الى كابينتي و انتظرت معي حتى قبل ميعاد القطار بدقائق و تركتني و وقفت تودعني بيديها من على الرصيف و انا ابتسم لها مودعاً من شباك القطار.

و تمددت على سرير الكابينة و ظللت طوال الليل، بينما القطار يشق بنا جبال الالب كسيل دافق، افكر فيما اذا كان ممكناً أن اوفق بين العمل و الذهاب أسبوعيًا الى لوزان، أو حتى كل اسبوعين ، و بدا ذلك مستحيلًا.

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الثلاثاء 08:09 صـ
8 شوال 1445 هـ 16 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:56
الشروق 05:27
الظهر 11:55
العصر 15:30
المغرب 18:23
العشاء 19:44