أخلاقنا الإسلامية إلى أين ؟
بقلم / حسن بخيت
توقفت قليلا أمام السلوكيات المرفوضة التى طرأت على المجتمعات العربية والإسلامية ، وأصبحت ظواهر مجتمعية ثابتة ومقبولة لدى الجميع ، ظواهر غريبة ، حوادث لايصدقها عقل، أجيال ضائعة ، شباب تائه لا يعرف لنفسه هوية ولا هدف ، أطفال أبرياء سقطوا في مستنقع الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية للوالدين سواء كان الفقر أو الانفصال أو الطلاق ، حتى السلوك الأخلاقي لأبناءنا الصغار سواء في البيوت أو المدارس لم يسلم منه المجتمع في الأونة الأخيرة ، حوادث العنف والإنحلال التى تصيب بالفزع وتسلب الطمأنينة وتعكر المزاج العام ، لدرجة جعلت كل أسرة تتحسر على مستقبل أولادها وما أصابهم من انفلات أخلاقى، وسلوكيات غريبة وغير مألوفة لا في ديننا الإسلامي ، ولا في عاداتنا وعرفنا العربي .
كنت منذ أيام في زيارة لأحد الأصدقاء ، وحكى لي أنه حزين أن يرى ابنه الشاب وهو يضيع منه، لقد كان يتمنى أن يرى فيه ملامح التربية التى تربى عليها هو وتربينا عليها نحن أيضا ، أيام كان الإبن يفتخر بتربية أبيه له، والابن ينحنى ويقبل يد الأب، ولا يجلس إلا إذا طلب منه أبوه الجلوس، ولا يحشر نفسه فى الكلام مع الكبار إلا إذا أخذ أبوه رأيه، أو سمح له بالحديث، وعندما يتحدث لا يمكن أن يرتفع صوته على صوت الأب أو الجلوس .
حتى المؤسسات التربوية والتعليمية أصاب تلاميذها وطلابها ما أصاب الأسرة والمجتمع، فلم يعد نجد معلماً يحظى باحترام التلاميذ ،ويقفون له باحترام لإلقاء التحية فور دخوله للصف ، انما نجد معلماً يتطاول عليه التلاميذ ، وعندما يدخل الصف ويلقي التحية على طلابه لا يكاد يسمع رداً عليها ، ويرى الحزن والبؤس على وجوه تلاميذه لأنهم كانوا يتمنون عدم رؤيته ..
السؤال هنا : من وراء تغير مجتمعاتنا العربية والإسلامية المعروفة بالأدب والإحترام والتسامح والتعاون وكل مكارم الأخلاق ؟
هل الدراما بنوعيها التليفزيوني والسينمائي وبرامج الفضائيات التى انتشرت بشكل مرعب ؟ ، وأصحابها الغير المؤهلين لينفثوا سمومهم من خلالها، لتتحول الى ابواق للسباب والعنف والمخدرات والدعارة ، ، فبات امرا طبيعيا ان تتحول العبارات الخارجة والقيم الا أخلاقية الى الشارع ، والى أبناءنا في البيوت وفي المدارس لتصبح من صفات لأجيال ضائعة ، فأصبح الممثل الفلاني ولاعب الكرة العلاني هما الاسطورة، وبات تاجر المخدرات والبلطجى والفاسد والجاهل محور الاهتمام - أو ربما يكون السبب أن التربية الأخلاقية داخل الأسرة انقلبت موازينها بسبب كثرة الطلاق والانفصال والمشاكل الأسرية ، وغياب الأب عن بيته سواء كان يلهث وراء الأموال أو لاهيا وراء نزواته وشهواته وسهراته على المقهى ،ولا أحد ينكر غياب الدور السلوكي والأخلاقي للمؤسسة التعليمية ، لدرجة أصبحت معظم المدارس تخرج أجيال بلا أخلاق ولا تعليم ..
السؤال الأخر : كيف نعيد للبيت العربي احترامه؟
في وقت أصبحت الظروف الاجتماعية التى نعيشها الآن لا توفر الوقت الكافى للأم لرعاية أولادها وتربيتهم تربية صحيحة لأنها تائهة بين بيتها ومباشرة عملها الذى أصبح مصدر إضافى لدخل البيت بجانب دخل زوجها .
الأمر خطير ، والفرصة لا تزال سائحة أمامنا جميعا ...
ولذا أوجه دعوة صريحة وواضحة إلى جميع المسئولين عن التربية والتعليم ، اجعلوا مادة الأخلاق علما قائما بذاته فى مناهج ومقررات التعليم فى جميع المدارس والجامعات ليتخرج فى هذا العلم المتخصصون الذين يستطيعون تعليم هذا العلم لابنائنا واجيالنا ، فعلم الاخلاق هو اول طريق الاصلاح فى حياتنا اليومية ، ولا يقل عن اى مادة علمية فى قيمتها ، لكى يخرج الطالب من محرابه الدراسي قادراً على تمييز الأفكار المنحرفة ، لتكون «التربية الأخلاقية» منظومة متكاملة من خلال معلِم متمكن مدرك لرسالته في بناء الإنسان المعتز بهويّته وتقاليده وإرثه التراثي، الفاعل في حاضره، والمتطلّع لمستقبل مشرق ....


















