في استراحة الجمعة : أول فرصة... فاغتنموها
محسن طاحون المصريين بالخارج
تمر الأيام سريعة ومتلاحقة لا نشعر بها لكثرة انشغالنا بالدنيا وأحوالها وتقلباتها وبأفراحها وأطرحها .. وتقطع بنا السُبل .. وتكالبت علينا الكُرب .. فهذا فقد عمله .. وهذا سافر ولا يستطيع العودة .. وهذا انحرم من أسرته فهم في بلد وهم في بلد آخر وتعذر السفر بينهم ..
وأحوال كثيرة إن دلت ظاهرها أن هناك وباء إلا أن في مضمونها هناك غضب من الله علينا..
الغالبية العظمى منا يغرد خارج السرب .. أخذتهم الدنيا والحجج كثيرة وغير متناهيه ولكن في حقيقة الامر نحن في حاجة ماسة للوقوف لحظة مع أنفسنا .. نلتقط فيها انفاسنا .. نعيد فيها حساباتنا .. لنصحح مسارات حياتنا .. ونصلح ما فقدناه بيننا وبين خالقنا ..ونصلح من بيننا وبين خلق الله ..
وننصر أنفسنا من كل ظلم أوقعنا أنفسنا فيه ..والظلم أشكاله كثيرة ومتعدده .. فبعدك عن تقوى الله والصلاة ظلم شديد لنفسك .. وأكل حقوق الناس وأشكاله كثيرة ظلم لا يغفره ربك ولا يتسامح فيه رغم انا خالقنا العلي الكبير المتعال قد يتسامح في حقه ويغفر لنا ..
وإساءتك لمن هم حولك سواء كانوا أهل بيتك أو جيرانك أوزملاءك في العمل أو أصدقاءك أو أي إنسان وضعته ظروف الحياة في طريقك أو انحرافك في مجال عملك والانصياع لشياطين الإنس الذين يسهلون لك الرشوة والفساد وخيانة الامانة ..
كلها وغيرها الكثير أشكال من ظلم النفس ونكون في كل هذه الاحوال بعدين عن المولى عز وجل ولا يكون سعيد بنا لانها كلها من غواية الشيطان الذي قال لرب العالمين : قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [الحجر:36-40]
فالشيطان بذلك يعمل ما يستطيع لإغواء الناس، وصدهم عن الحق وإخراجهم من الهدى إلى الضلالة حتى يكونوا معه في الجحيم، قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6].
وقال تعالى: قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ [ص:84-85]كما قال جل وعلا: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ [الأنعام:112].
الكلام واضح وصريح ونص قرآني نقرؤه ولكن يمر علينا مرور الكرام ونبقى في حضن الشيطان إنني لست بعالم دين .. ولا مصلح اجتماعي ..
ولكنها حقيقة وتذكره لنا جميعا خاصة إننا مقبلين على أيام مباركة لا تتكرر إلا كل عام ولكن قد نكون من العايدين وقد لا نكون حفظكم الله جميعا وأطال في عمركم المديد بكل خير ..
لذا علينا أن ننتبه ألا تمر هذه الايام المباركة دون أن نعود فيها إلى الله ونصلح كل أمورنا وننظف أنفسنا من الحقد والكراهية والخصومة والانشغال التام بفاعليات الحياة خاصة التي ينتج عنها ضرر للغير كما ذكرت سلفا..
وأول فرصة هي ليلة النصف من شعبان وهي الليلة التي تسبق يوم ١٥ شعبان وتبدأ مع مغرب يوم 14 شعبان وتنتهي مع فجر يوم 15 شعبان.
ولهذه الليلة أهمية خاصّة في الاسلام ، لأنه تم فيها تحويل القبلة من بيت المقدس الى البيت الحرام لمكة المكرمة - بالعام الثاني من الهجرة على أرجح الآراء - بعد أن صلى المسلمين قرابة الستة عشر شهراً تقريباً تجاه المسجد الاقصى ولأنه ورد فيها عدة أحاديث نبوية تبيّن فضلها وأهميتها، وتعودنا أن نحييها بالصلاة والذكر وقراءة القرآن والدعاء .. فلا يفوتكم إحياء هذه الليلة المباركة
وجاء في الحديث :«إن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه» رواه الامام أحمد في مسنده وابن حيان في صحيحه وغيرهم .
الكافرون يُمهلهم لعلهم يرجعون. ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه: فأهل الحقد والكراهية لا يُغفر لهم حتى يتركوا حقدهم ويُطهروا قلوبهم فهم محرومون من المغفرة ليلة النصف من شعبان.
استعدوا واغتنموا هذه الفرصة وربنا يبلغنا وإياكم جميعا الفرصة الكبرى رمضان الكريم لا فاقدين ولا مفقودين .. وكل عام وأنتم جميعا بخير ..