حسن بخيت يكتب : تسامحوا قبل فوات الأوان
حسن بخيت المصريين بالخارجتمضي بنا الحياة دوما" وتنقلنا من حال إلى حال ، ومن يوم إلى يوم ، ومن عام إلى عام ، وفجأة نتذكر اشياء فعلناها بقصد أو من غير قصد ، وكانت لها تأثير على شخص أخطآنا فى حقه ، ومنعنا كبرياؤنا من الإعتذار له ولو بكلمة واحدة ، رغم أنها كلمة بسيطة فى لفظها ومعناها لكنها عند البعض كبيرة لأنها تمثل له عزة النفس والكرامة ، فالكلمة كالسحر ، فالحروب تقوم بكلمة ، وتضع أوزارها بكلمة أخري ،، لأن الكلمة إذأ انفصلت عن العقل أصبحت عبثا" ، وإذأ تناقضت مع الفعل أصبحت نفاقا" .
وها هو شهر رمضان المبارك قد اوشك على القدوم ، فما هي الا ساعات قليلة تفصل بين مجيئه ،، فهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، فهل ترغب عزيزي القاريء أن يدخل هذا الشهر الكريم وفى قلبك شحناء وكراهية وخصام وبغضاء ؟ ، بكل تأكيد : لا احد يرغب في ذلك الا من طبع الله على قلبه الغشاوة ،، فهيا بنا جميعا ، نسارع بالإعتذار ،، فالإعتذار ثقافة جميلة وراقية ، ونوع من الرقي والتحضر ، وكلنا معرضون للخطأ ، ولا يوجد أحد منا خالي من العيوب ولا النقص ، ولا من سيطرة الأهواء النفسية أحيانا".
قد نسمع أن رجلا" يقاطع أمه أو أباه ، وتمر الأيام وتزداد الفجوة بينهما حتى يأتى الخبر المفجع بموت أحدهما وهو عليه غضبان ، ووقتها لن ينام من الندم ، وستتملكه الحسرة باقى أيام عمره ، ويتمنى أن يعود الزمن فيذهب اليهما ويتحمل كل العناء والتعب ليرضيهما ، ولكن هيهات هيهات ، فالذاهب لا يعود ، ولا ينفع الندم وقتها .
أو نسمع عن زوجة تغضب زوجها وتجلده بسوط كلماتها اللاذعة المؤذية ، أو نري زوجا" يظلم زوجته ، ولا تري منه الا التسلط والبخل والقسوة ، وربما تزداد الفجوة بينهما وتحدث المشاكل والضغوط ،، ولا يمكن لأحد منهما التنازل عن رأيه ولا موقفه ، ويتم الطلاق بينهما وتنهار الأسرة ويتشتت الأبناء .
أما أكثر ما نسمع به في وقتنا الحالي هو الخصام والبغضاء والشحناء بين الأخوة والأصدقاء والأصحاب والجيران ، وربما تكون العداوة بسبب أمور تافهه ، ولا تليق بمعني الصداقة والأخوة او الجيرة .
وأخيرا : رسالتي لكل من يقرأ لي " تسامحوا قبل فوات الأوان " فالوقت ضيق وما تستطيع فعله الان لا تؤجله للغد ، ربما يسبقنا القدر ، وتكون النهاية قد أقتربت ، فأفتح قلبك المغلق بمفاتيح التسامح ، واطرق الأبواب المغلقة بينك وبين من عاديتهم ، او أخطأت في حقهم ، أو اختلفت معهم ، اجلس مع نفسك قبل فوات الأوان ، ولا تتردد فى المبادرة والأعتذار ، علما" بأن الإعتذار ليس تحقيرا" لشأنك ، بل هو نوع من تقدير نفسك ، ورفع سقف احترامك ومحبتك للغير ، وصاحب الحكمة ، والنفس الطيبة السليمة من يراجع نفسه ويتسامح فيما بينه وبين الأخرين ، ولا يمتلىء قلبه بالكراهيه والبغضاء والخصام ،، فقد لا يأتى الغد ، فلا نعلم كم نعيش ومتى نرحل ، فبادر واعتذر الى كل من أسأت اليه ، وسامح كل من أخطأ فيك -- اللهم بلغنا شهر رمضان -- وكل عام وأنتم .