اللَّهم إني صائم!!
بقلم. خاطر الشافعي المصريين بالخارج
إطار هش من بقايا أحلام، وومضة من عبق الذكرى تداهم النفس بقوة، فما تكاد تتحرر من فكرة حتى تداهمها أفكار، وما تزال الأحلام تترى، حتى يفزعها وهن اللحظة، ويغمرها نزيف الأخلاق، وتقبع مُنزويَّةً في الركن الهادئ من شاطئها المهجور، تتأمل ما هو كائن، وتقارنه مُجبرةً بما كان، وما هو مُفترض أن يكون.
مُرعبٌ جداً أن تتخيل حصادك خاوي الوِفاض!!!
أين ذهبت بشاشة الوجوه؟!
أليست البسمة صدقة - كما أخبرنا الحبيب المُصطفى صلى الله عليه وسلَّم؟!
لماذا اكفهرَّت الوجوه؟!
لماذا عجزت اللغة عن قراءة ملامح الوجوه؟!
لماذا كثرت الأقنعة؟!
والله.. ما تبدَّلت الحروف.. ولكنه خريف المعاني!!
و
و...
ويستمر الرجل يحملق من نافذة (الباص) - وهو في طريقه إلى عمله - بعدما ضاق ذرعاً بما يحدث داخله، فتلك مشاحنة بين الراكب والمُحصِّل حول (أجرة الركوب)، وذاك صراعٌ على (الكرسي) حول من يسبق بالجلوس، وهذا طفلٌ يصرخ على كتف أمه بعدما أفزعه الضجيج، وصورٌ كثيرة تُرهِق الأعصاب.
آثر الرجل الهروب بنظره عما يدور، بيد أنَّه يسترق السمع، فاللحظة داخل باص - عدد الواقفين فيه يفوق الجالسين - حبلى بكثيرٍ من الأحداث.
يحاول الرجل التركيز في المشهد من الخارج..
الشوارع تبدوا - كعادتها - مُزدحمة بالبشر..
يحاول قراءة الوجوه..
أعجزته لغته..
لا فارق أبداً بين الداخل والخارج..
أغمض الرجل عينيه - على نفسه - أملاً في الراحة..
وفجأة.. صاح المُحصِّل: الأجرة يا أستاذ؟
مدَّ الرجل يده في جيبه..
تصبَّب عرقاً..
لم يجد محفظته!!!
سُرِقَت..
كرَّر المحصل: الأجرة يا أستاذ؟
تنهَّد الرجل..
تمتم قائلاً: اللَّهم إني صائم!!!.