«هي الفلوس دي حلال؟ اصل أنا ماشقتش بيها - أنا بربي يتامى»...بقلم حسن بخيت
خالد الخليصى حسن بخيت المصريين بالخارجكلمات تكتب بماء الذهب نطقت بها سيدة مصرية بسيطة ، قد تكون لا تجيد القراءة ولا الكتابة ،، أثناء لقائها بأحد المذيعين في الشارع " أحمد رأفت " والذي يقدم فيديوهات بأداء وأسلوب وطريقة خفيفة وجميلة لمساعدته للفقراء والمحتاجين عن طريق عمل مسابقات سهلة ،، يمكن لأى فرد حلها للفوز بمبلغ مالى لمساعدة أصحاب الحاجة .
لكن : هل يدرك هؤلاء اللصوص وأكلي المال العام مدى قيمة هذه الكلمات القليلة التي لخصت الكثير؟! فهي تحمل في طياتها معاني كثيرة ، وأهداف عظيمة ،، فهي تبرز أصالة وشهامة الأمهات المصريات العفيفات والمكافحات ، وضرورة التحري في الحصول على الأموال .
هل يدرك هذه الرسالة ؟ أصحاب الأيادي القذرة الملطخة بعرق الكادحين من الفقراء والمساكين من أبناء هذا الوطن الغالي ، الذين قلبوا سلم القيم ، وأفرغوا البلاد من كل خير وجمال بقبح أطماعكم الشريرة والغير متناهية ،، وكأنهم يتعاملون مع البشر كما يتعامل الزناة مع العاهرات المرخصة الرخيصة ، يطؤنها ما دامت ذات حليب صدر فيمصونها ، ويتركونها عارية دون احترام .
هل يدرك هذه الرسالة ؟ هؤلاء الفاسدين والمرتشين ،، الذين جعلوا الرشوة وصور الفساد ضمن سياق حياتنا الطبيعة، فأية خدمة يراد إنجازها لن تتم سوى بالرشوة (الإكرامية .. حتي شهر رمضان الكريم لم يرحمه هؤلاء من اكرامية الافطار والسحور )
لعلها رسالة إلى الجميع :
إلى كل محامي أصبح يحتال على الموكل ويتفنن في استنزاف جيب موكله تحت عناوين (الرشوة والاكراميات والمنح والرسوم وغيرها) ليحتال علي القانون ليبريء المجرم ويدين البريء ، ونسي ان المحاماة هي الرحمة والخبرة ورسالة العدل والتضحية بأسمى معانيها.
إلى كل مهندس أصبح يغش في عمله ويزوِّر التقارير باستلام مشروع اما أنه لم ينفَّذ أصلاً، أم نفذه بطريقة عشوائية وغير مطابقة للمواصفات ليسرق من وراءه تروة هائلة .
إلى كل طبيب يتاجر بأعضاء المرضي بلا رحمة إما بسرقه الاعضاء ، أو بإجراء عملية جراحية من أجل المادة فقط وليس لحاجة المريض اليها ، أو مص دم وجيوب الفقراء وصفقات البزنس بينه وبين معامل التحاليل والأشعة .
إلى كل صيدلي بات يغش في دواءه ويتفق مع الطبيب بطريقة خرجت عن كل الاعتبارات الإنسانية والمهنية والأخلاقية .
إلى كل متسول يتسول في الشوارع او امام أبواب الجوامع فهو يتفنن في إظهار مظاهر الحاجة وإختلاق الأكاذيب لدفع المواطن ان يضع يده في جيبه ليدفع له مبلغ من المال رغم أنفه .
إلى كل مواطن يقوم بربط انابيب المياه أو أسلاك للكهرباء من خارج العدادات، وأحياناً بمساعدة مهندسين وفنيين من دوائر الكهرباء والمياه، فيستهلكون ما استطاعوا مجاناً ودون حساب .
إلى كل تلميذ وطالب يمارس الغش في الامتحانات ، وبمساعدة معلمه وأستاذه "الفاسد" بتزويده بأسئلة الامتحان ،، او بالسماح له بالغش داخل اللجان .
إلى كل موظف أوكلت له مهمة متابعة الفاسدين وهو نفسه غارق في الفساد، ويتأخر عن عمله ويسرق ساعات عمله ويسيء معاملة المواطن .
إلى كل طماع جشاع يتفق مع التجار لزيادة أسعار سلعة ما . وبائع الخضروات الذي يغش في بضاعته ، وتاجر الجملة الذي يحتكر السلعة لمص جيوب الفقراء والمحتاجين .
إلى كل صحفي واعلامي يقوم بكل صور وتزييف الحقائق ، ويكون ذلك عندما تنعدم الضوابط والأخلاقيات ولا يكون هناك ميثاق شرف إعلامي، فتتوه الحقيقة وسط إعلام جذاب ينقل الزيف للناس على أنه حقيقة، فالرشوة مقابل حصولك على المعلومة، والمال من أجل تشويه الحقائق الثابتة وتغير قناعات الناس
إلى كل من يرتدي ثوب الاصلاح ويعوم في الفساد ، ويتحدث عن الاديان قولا لا فعلا ، يتحدث عن الأمانة وقلبه أقرب الى الخيانة، يتحدث عن الفضيلة والقيم والمثل والاخلاق وهو منهم براء.
وأخيرا : أقول لهذه السيدة العظيمة .. شكرا سيدتي الجميلة ، لقد ضربت للجمبع أروع الأمثلة العملية في الحرص علي العيش الحلال رغم الاحتياج الشديد للمال ..لقد إختزلت في شخصيتك كل المعاني الجميلة و القيم الإنسانية النبيلة في موقف بسيط سيبقي مؤثرا في القلوب و مخجلا للنفوس..هنيئا لك أيتها السيدة المصرية العظيمة ،، وهنيئا لكل سيدة مصرية تضرب لنا من الحين للأخر أروع الأمثلة في الأخلاق الحميدة والنفوس الطيبة المطمئنة التي تتحلى بكنز القناعة والرضا .