×
6 ربيع آخر 1446
9 أكتوبر 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

مذكرات مهاجر مجهول ـ الجزء الثاني (14)

المصريين بالخارج

قررت امي أن تعود لعمان رغم تحذيرات الطبيب. وحذرت معتز أخي وسناء بنت خالتي من إخبار ابي او اخباري انا بذلك. ولم يجرؤ معتز على اخبارنا ، و لا سناء، خوفًا من غضب امي.

وبدأت امي في أخذ الأدوية التي كتبها لها أخصائي أمراض الكبد و بها تحسنت حالتها. قالت للجميع أن حالتها تحسنت و انها ستذهب الى عملها في عمان و اذا تعبت هناك فستعود لمصر. و مع ذلك لم يكن ابي مقتنعًا و ابدى عدة مرات مخاوفه من هذا السفر.

كانت امي قد سألت اذا كان يمكن لأبي أن يجد عملاً في خصب و فعلاً قالوا لها انهم في أشد الحاجة لمهندسين مساحة مثله. كانت قد قدمت طلباً لأبي للعمل في محافظة مساندم و تمت الموافقة عليه و لم يبقى الا أن يتم ابي اوراقه بأخذ اجازة بدون مرتب من عمله في وزارة الاوقاف في مصر و لم يكن هذا سهلاً. كانت وزارة الاوقاف المصرية تحتاج لأبي بشدة لإنه كان واحداً من أربعة مهندسين مساحة فقط في كل الجمهورية الذين لهم معرفة تامة و خبرة طويلة في عقود و اماكن و خرائط الاوقاف المصرية. وكان خبيراً للوزارة في المنازعات القضائية على الاوقاف. كان يحفظ خريطة القاهرة القديمة شارعًا بشارع عن ظهر قلب ، و كان يستطيع تفسير المخطوطات الصعبة القراءة التي كتبت في العصور القديمة، بعضها كان عمره يزيد على الثلاث مئة سنة. كانت وفاته المفاجئة في سن السابعة و الستين خسارة كبيرة للوزارة التي ظل يعمل بها حتى بعد طلوعه على المعاش نظرًا لخبرته النادرة. و لا ادري ماذا فعلوا بالالفين و ستة مئة مخطوطة التي لم يمهله القدر أن يدرسها.

وكان والد امي واخوها قد اتفقا على أن تنتقل عائلة خالي للعيش مع جدي و جدتي لحاجتهما لمن يرعاهما بعد ان كانت جدتي قد ضعف نظرها جداً و اصبحت غير قادرة على طبخ الطعام و شراء حاجيات البيت و خاصة أن جدي كان مريضا بالقلب. كانا يسكنان في الدور السابع لعمارتهما التي لم يكن بها مصعد وكان جدي يصعد السبعة الادوار ببطء شديد ويرتاح كل دورين بعضًا من الوقت. اما جدتي فلم تكن تستطيع الخروج أبدًا.

ولكن جدتي نعمت و التي كانت امرأة قوية الشكيمة ، شديدة الاعتزاز بنفسها ، و كانت اكبر سنًا من جدي و متعودة على انه يحقق لها دائمًا رغباتها و لا يعصي أبداً اوامرها، رفضت هذا الانتقال بشدة. كانت تشعر انها سوف تفقد وضعها كربة البيت و لن يكون لها كلمة في منزلها بعد ذلك.
ذهبت لها امي في محاولة لإقناعها بضرورة انتقال عائلة خالي للعيش معهم و قضت معها ساعات في مناقشة لا طائل من وراءها. وأخيرًا تحولت المناقشة الى خناقة، و في آخرها قالت لها امي:"اسمعي جيداً ، إنهم سيأتون للعيش معك، سواء أبيت ام رضيت، و انا لن أسافر مرتاحة و قلبي مطمئن عليكما إلا اذا عرفت انهم سيأتون". فما كان من جدتي إلا أن دعت عليها دعاءاً رهيب اللهجة و رددته عدة مرات بينما كانت امي تستعد لتركها، و مشت وراءها و هي تعيد الدعاء بصوتٍ عالٍ حتى خرجت من باب الشقة.

حكت لي امي تفاصيل هذا اللقاء مع امها، فشعرت بغصة في حلقي و حزنت لذلك جدًا و عاتبتها، فردت علي و هي حزينة:"نعم لقد كنت شديدة عليها و انا آسفة لذلك جدًا".

عادت امي لعمان و ودعناها في مطار القاهرة ولم نكن نتصور انها ستكون آخر مرة نراها.
وصلت الى مسقط حيث قضت ثلاثة أيام في انتظار طائرة خصب. و في اول يوم بالمدرسة قال لها المشرف المصري على الإدارة التعليمية في محافظة مساندم انها ستقوم بدور ناظرة المدرسة لأن الناظرة المصرية السابقة قد قدمت استقالتها و فضلت البقاء في مصر. كانت امي رحمها الله اكثر المدرسين و المدرسات خبرة و تأهلاً لهذا المنصب. كان هذا يعني مزيدًا من العمل و حجماً اكبر من المسئولية.

ولكن هذا أثار غيرة سنية و غضبها على الكل و خاصة امي. اصبح التعايش بينهما في نفس الغرفة نوعاً من العذاب النفسي. و اصبحت الخناقات بينهما يومية. كان على امي أن تتحمل هذا الوضع مع استمرارها في القيام بأعمال الناظرة الى جانب التدريس في المدرسة و في فصول محو الامية.
و ازدادت سرقات سنية الصغيرة التي كانت تمثل لها صورة من صور الانتقام من زميلاتها، و اصبح الغرفة مليئة بالغنائم.
و بدأت الزميلات في الشكوى من هذه السرقات و شاع بين الجميع ان السارقة هي واحدة منهن. و كانت امي و سنية هما الوحيدتان اللتان لم يشكوا من حدوث سرقات لهم.

فهمت امي هذا و ضرورة ان موقفها هنا لابد وأن يوضحّ للجميع. قالت لسنية و هما وحدهما في الغرفة: " سنية لازم تبطلي الحاجات اللي بتعمليها دي، لأني سأخبر الجميع و الا فسوف يتهمونني انا أيضاً". ردت سنية:"أي حاجات؟". و تعجبت امي من وقاحة هذه المرأة و قالت لها و هي تنظر في عينيها:"السرقات". احتقن وجه سنية من الغضب و قالت بصوت كفحيح الافعى:"لو فتحت بقك بكلمة واحدة انا هاقتلك، فاهمة وإلا لأ".

في هذه الأثناء بدأت انا في الانتظام بالدراسة في إعدادي طب عين شمس، و كان علينا أن نقضي اسبوعين او ثلاثة، لا اتذكر بالظبط، في تدريب عسكري في ساحات الجامعة. اعطوني بدلة عسكرية خضراء و حذاء ميري، و كانت هذه التدريبات ممتعة و مفيدة، و كنا ننهي اليوم عادة بمباراة كرة قدم في ملعب الجامعة بالأحذية الميري.

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الأربعاء 03:29 صـ
6 ربيع آخر 1446 هـ 09 أكتوبر 2024 م
مصر
الفجر 04:27
الشروق 05:53
الظهر 11:42
العصر 15:02
المغرب 17:31
العشاء 18:48