في استراحة الجمعة محسن طاحون يكتب عن ”الإسراف”
محسن طاحون المصريين بالخارج
موضوعنا هذا الاسبوع يتناول قضية هامة جداً .. أفسدت حياة الكثيرين .. وهدمت الكثير من البيوت .. إنه الإسراف .. سلوك وعادة ذميمة تنم عن عدم الوعي والأنانية .. فالواجدُ يُسرف، والذي لا يجدُ يقترضُ من أجل أنْ يُسْرفَ ويلبِّي متطلبات أُسْرته من الكماليَّات،وما دفعني للكتابة في هذا الموضوع بعض المشاكل العائلية التي دُعيت لحلها فوجدت أن السبب الاساسي في المشكلة هوالإسراف سواء من الزوجة أومن الزوج .. فالإسراف سلوك ليس له جنسية معينة.
ففي إحدى المشاكل وجدت زوجة مسرفة بشكل ملفت كما لوكانت خُلقت لذلك والأدهى والأمر ضعف زوجها أمام رغباتها مما دفعه للسحب ببطاقته الائتمانية مال ليقضي به رغباتها فتورط الرجل في دائرة من الديون نكدت عليه حياته ونغصت معيشته فدب الخلاف بينهما ومع ذلك هي ماضية في سلوكها العجيب ولا تتوقف.. وكأنها تنتقم منه بصرف أمواله ..
وفي مشكلة أخرى وجدت زوج لا يهمه إلا نفسه وإشباع رغباته الشخصية إذ وجدته مقصراً في متطلبات بيته بشكل ملفت جعل الزوجة تأن من تقصيره وعدم تلبية إحتياجات البيت .. فكل همه إقتناء الملابس الفاخرة ..وتغير السيارة من وقت لأخر ويخسر مال ويدخل في إرتباطات طويلة الأجل لسداد قيمة السياراة الجديدة .. ولا يفكر في توفير جزء من المال لشراء مسكن لهم ببلد المنشأ وكأنه سوف يعيش هنا للأبد .. ليس لديه مفهوم للأولويات .. وقليل ما يصطحب أسرته للنزهه وفي بعض الأحيان يتركهم يخرجوا مع أسر صديقه لهم وهومواظب على الذهاب إلى جلساؤه في المقهى .. سلوك عجيب وغريب ..
من طبيعة بعض الناس التوسع في النفقات والمبالغة في الإستهلاك ، وهدر الأموال عند أول شعور بالثراء أواليسر ولا يعرفون أي معنى لوفرة المال إذ لم يصاحبها إستهلاك أكثر ، ورفاهية أشمل وتمتع بالكماليات أوسع .
ولا يدور في خلدوهم طبيعة الدنيا التي لا تدوم لأحد على منوال واحد .. بل تتبدل الأحوال وتنقلب الحياة أحيانا من نهاية عظمي إلى نهاية صغرى أي ينقلب الثراء إلى عُسرة وضيق وإحتياج ..
والفترة الماضية خير دليل على هذا .. إذ تبدلت أحوال الكثيرين بشكل لم يكن يتوقعوه وخلال فترة قصيرة من الزمن .. فزمن الكورونا قلب الموازين .. والبعض إنتبه وتحكم بزمام أموره فنجا ، والبعض ظل مغيب حتى غاصت سفينه في دوامة المشاكل والهموم ..
وقد وردت إشارة واضحة بكتاب المولى عز وجل عن طبيعة الإنسان وإسرافه عند الجدة وتجاوز حدود القصد والإعتدال :
﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى ﴾
العلق: 6 - 7
﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾
الشورى: 27
وجاء في نبذ الإسراف قوله تعالى :
﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾
الأعراف: 31
وقال النبي عليه الصلاة والسلام -:
((والقصْدَ القصْدَ تَبْلُغوا))؛
أخرجه البخاري
ومن أوجه الإسراف ، الإسراف في شراء الأطعمة وأكلها أورَمْيِها من مواطنِ النهي الجَلِي في القرآن؛
﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾
الأنعام: 141.
كذا الإسرافُ في الملابس والمراكب والأثاث وغيرها : ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]،
وقال النبي – صل الله عليه وسلم -:
((كلوا وتصدَّقوا والْبسوا في غير إسرافٍ ولا مخيلة))؛ رواه النسائي، وابن ماجه
ولتعلموا إن حفظ المال فيه حفظ الدين والعِرض والشرف ، ومن أجل ذلك قال الحكماء : من حَفظَ ماله فقد حفظ الأكرمين الدين والعرض . ومن المهم ان نرتب أولوياتنا بعيداً عن العواطف ورغباتنا الشخصية فنبدأ بالاهم ثم المهم وهكذا
اخْشَوْشِنوافإنَّ النِّعمَةَ لا تدومُ.