في استراحة الجمعة ... التغافل.. بقلم محسن طاحون
محسن طاحون المصريين بالخارجتثور الكثير من المشاكل لأسباب تافهه .. لان الناس مجبولين على الزلات و الاخطاء .. و لكن لو انتبهنا قليلا لتجنبنا الكثير منها .. لذا وجب الحديث عن التغافل ..
و التغافل فنٌّ خُلُقيٌّ من فنون التعامل لا يتقنه إلا العظماء، و أصحاب النفوس الراقية .. و الشخصيات القوية و إن لم تتقن التجاهل ستخسر الكثير و أولهم عافيتك ..
لذا فإن غضُّ الطرف عن أخطاء الآخرين والتغاضي عنها هو الأسلوب البديل للمواجهة التي ربما ينتج عنها عراك وبغض وقطيعة و احيانا قضايا بالمحاكم.
ولذا فالإنسان الكريم المتحلي بالحكمة و الرشاد دائمًا يترفَّع عن مجاراة مَن يُسيء إليه، خاصة ممَّن يرجو مودَّتهم، ويرجو لهم الخير، ويُحسن الظن بهم،
و قال الإمام أحمد -رحمه الله-
: «تسعة أعشار الخُلق في التغافل»،
فالتغافل عن زلَّات الناس وأخطائهم و هفواتهم وترك النظر والتدقيق في صغائر الأمور لازم من لوازم الحياة المستقرة .. و قد يراه البعض ضعفاً .. و هذا غير صحيح فالامر السهل هو العكس .. فالتغافل قد يقلب الموازين، فيجعل ذلك المسيء صديقًا حميمًا.
وقديمًا قال الشاعر:
ليس الغبيُّ بسَيِّدٍ في قومه
لكن سيِّدَ قومه المتغابي
و قال الشاعر بشار بن برد و هو من شعراء العصر العباسي :
اذا كنت في كل الامور معاتبا ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
فعش واحدا او صل اخاك فأنه... مقارف ذنب مرة ومجانبه
وأبلغ من كل هذا وأحكم قول ربنا جلَّ جلاله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}. المؤمنون- ٩٦
فإذا أساء إليك شخص ما ، بالقول والفعل، فلا تقابله بالإساءة، مع أنه يجوز معاقبة المسيء بمثل إساءته، و هنا ستستمر الإساءة و تتفاقم الامور الى مشاكل و قضايا ..
ولكن ادفع إساءته إليك بالإحسان منك إليه ، فإن ذلك فضل منك على المسيء،
ومن فوائد ذلك، أنه تخف الإساءة عنك، في الحال، وفي المستقبل، و قد يكون سبباً لجلب المسيء إلى الحق، وأقرب إلى ندمه وأسفه، ورجوعه بالتوبة عما فعل،
وليتصف من يعفو و يترفع بصفة الإحسان لتكون قدوة للمسيء و لتجعله يتعلم منك و يراجع نفسه فيما اقدم عليه
وأبلغ من كل هذا وأحكم قول ربنا جلَّ جلاله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}. المؤمنون- ٩٦
و خير الختام كلام المولى عز و جل فهو النبراس الذي ينير لنا الطريق و يهدينا الى الصواب و الخير كل الخير في إتباعه .. و دمتم بخير