الشعائر وإنسانية المشاعر
م.أشرف الكرم المصريين بالخارج
مرت علينا أيامًا مباركات، أطل علينا فيها شهر الصوم والبركات، وما حواه من مناسباتٍ تدعو للبهجة والسرور سواءً ذكرى انتصار العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، أو ذكرى أحداث انتصار غزوة بدرٍ أو الاجتهاد في العبادة لنلتقي ليلة افضل من ألفِ شهر،
وما تخلله أيضًا من أعيادٍ للإخوة المسيحيين بمصر أو شم النسيم،
وكلها مناسباتٍ تبعث على الفرح والسرور والفرحة والسعادة، بما يملأ القلوب تنعمًا ونعيمًا.
ونعيش مع كل هذا الزخم الجميل، شعائر واجبة الالتزام، من صلواتٍ وقيامٍ وصيام، وما تلاها من عيدٍ للفطر المبارك، وما يستتبع ذلك من واجب تقديم التهاني والمعايدات والتبريكات، وتبادلها مع الجميع لإظهار السرور وإعلان الفرحة التي يجب أن تعم بين الناس عمومّا، ولاشك أن في ذلك أعمالٌ تعبديه لازمة، يجب أن نقوم بها في تلك الأيامِ المباركة.
إلا أن أحداثًا بالفعل علينا تسير، تجعل القلب لأحزانها أسير، وتجعل المسير في طريق الفرحةِ أمر غير يسير.
إذ أن أخبارًا للوفيات تزداد، وتقترب منا كثيرٌ من الأحزان التي تجعل القلب كسير، وتمضي الأيام المباركة دون أن تفارقنا تلك الأحداثِ الأليمة على الصعيد الشخصي عند الكثير من الناس.
وعلى الصعيد
الدولي، فها هو القدس يعاني، وفيه اخوة لنا من المقدسيين يواجهون ويلات الظلم من المعتدين الآثمين، بخلاف ما نجابهه في تعنت الجارة الإثيوبية في سد النهضة ومستقبل لا ندري علامَ سينتهي بنا فيه الحال.
وغير ذلك كثيرٌ مما يبعث في النفس الشجون، ما يجعل الفرحة الصادقة والمشاعر السعيدة الدافقة شيئًا صعبًا إن لم يكن أحيانًا مستحيلًا.
لكن، ومع كل هذا التلاحم، بين ما يجب من الشعائر وما يعترك معها من إنسانية المشاعر، علينا أن نوازن بين الأمرين بلا إفراطٍ ولا تفريط،
وأرى بأهمية السير في أعمال الشعائر دون نقصانٍ أو تقليص، لأنها إعلان اتباع الله الذي أمر بإقامة شعائره، مع احترامِ مشاعرنا الإنسانية الحبيسةِ في طيات فراقِ الأحبة أو المتفاعلة مع الأخبار المحزنة، دون لوم بعضنا بعضًا على إعلانها لأنها مشاعر إنسانية قد لا نتحكم في ظهورها أحيانًا، ولو حاولنا ذلك مرارًا.
إنّ الذي فرض علينا الشعائر وأمر بإقامتها عبادةً له سبحانه، هو الذي غرس في أنفسنا مشاعرها وأعلى قيمتها وأمر باحترامها في خبايا جبر خواطر المكلومين ومن أفجعتهم فواجع الزمان في كل مكان.