أشرف الكرم يكتب : الاختلاف الحتمي...واهمال الرسالة
علاء سحلول المصريين بالخارج
بقلم : م/ أشرف الكرم
لم نواجه في أزمنتنا الأخيرة حالة من الخلاف الذي ينبني على الاختلاف، عبر العلاقات الإنسانية في مجتمعنا المعاصر ، مثلما نواجهه الآن من تلك الأزمة الثقافية والفكرية التي نعاني منها في كل مساحة من ساحات الحوار والنقاش الذي يدور بين أي مصري وآخر ، سواءاً كان على مستوى الأسرة أو دائرة العمل أوالحياة الإجتماعية في النوادي أوالمؤسسات أو الأمسيات، بما نراه من عامل مشترك، يتجلى في أن أي اختلاف يفسد قضايا للود لا تندمل.
وفي الحقيقة أجدني لا أتوجه باللوم لهذه الجموع التي تمارس رفض أي اختلاف بل واستتباع الرفض بالإساءات أحيانا ، وبالإتهامات أحيانًا أخرى ، بغية التقليل من قيمةصاحب الرأي المخالف و بالتالي الانتصار للذات المُمثَّلة في رأي و فكر هذا الذي لا يطيق تواجد من يختلف عنه.
ذلك لأن تلك الجموع لم تتدرب على كيفية التعامل مع من يختلف معها ، ولم تتلقَ أي جرعات ثقافية تحث على أن الاختلاف شيء حتمي حاصل لامحالة، وأنه إذا كان هناك اثنين فهناك رأيين ، ولم تتعلم أنه قد يكون في الرأيين صوابين وليس بالضرورة أن يكون أحدهما خطأ ، ولم نركز معها على أن الاختلاف الحتمي لا يجب أن يؤدي إلى خلاف مهما كبرت هوة ذلك الاختلاف.
وفي هذا الاطار أجد عليّ و على كل المؤسسات والأفراد ومن قبلها الدوائر الثقافية للدولة مسئولية ثقيلة مفادها وجوب أن نعيش من أجل نشر تلك الرسالة ، رسالة قبول وجود الآخر المختلف ، وأن قبول تواجده لا يعني إطلاقا "الاقتناع" بما يطرحه أو يعتقده ، بل هو قبول "تسامُح" في أن يظل من يخالفني الرأي أو العقيدة متواصلاً معي و متواجداً معي في نفس المساحة التي عليها أعيش.
وأنه ليس بمجرد طرح رأياً مخالفاً لي ، أن اتلقفه على أنه عداء أو استعداء ، فوجوب تحسين الظن في الآخرين يستوجب أن أقبل فكرة حق الآخر في طرح الرأي الذي يخالفني ، لأنه ببساطه رأيه ، وهذا حقه الذي لا يجب أن اتململ منه ، فإذا ما وجدت في نفسي شيئا من تواجد من يخالفني، فعليّ أن أُراجع نفسي و أدربها أكثر على مفهوم قبول تواجد المخالف، والسماح له في نفسي بأن يطرح ما يراه ولا أراه.
وفي الحقيقة إن مجتمعاً لا يلتفت إلى تلك الرسالة، التي أعتبرها الأهم في حياتنا اليومية ، لمجتمعٌ يتنازل عن تأصيل أسس التواصل بين أفراده ، ويتخلى عن مسئوليته في بناء الجدار المجتمعي القوي، وعليه أن ينتظر خلافاً بين أبنائه و عناصر مؤسساته على كل اختلاف في رأي أو فكرة أوتوجه بما يحتم -للأسف- عدم الوصول بالوطن إلى البناء الجماعي والسلام الاجتماعي ومفاهيم فريق العمل الذي نحتاج.