أنا غني... أنا فقير !!!
بقلم : دكتور محمد بدير الجَـلب
عند الكثير منا حساب في بنك، فيه يودع فلوس ومنه يسحب، وفي النهاية سيكون الرصيد هو قوته المالية أو ملاءته المالية(كما يسميه الاقتصاديون) ، فإما غنى بزيادة رصيدك، أو متعسر ومفلس بنقص رصيدك أو انتهاؤه.
هل فيه حد فينا فكر أنه يعمل حساب لذاته، لنفسه، لشخصيته، لأهدافه، لقوته الشخصية؟... وليه لأ؟ حساب نضع فيه أهدافنا التي تحققت ، فتكون رصيد يقوينا ويشحننا لنصبح أقوى، ونضع فيها أيضًا إنجازاتنا لنصبح من الأغنياء، وبنفس الحسبة نسحب من هذا الرصيد نتيجة لاخفاقاتنا وعدم تحقيق أهدافنا، وأيضًا نسحب منه بسبب فشلنا في تحقيق انجازاتنا... وتكون محصلة الإيداع والسحب هي غني، أو فقير.
إن تحقيق الأهداف ورؤية الإنجازات تزيدنا قوةً وغنًا، فالأهداف التي يتم تحقيقها هي ثروة ذاتية، وقوة تدفع الشخص إلى وضع أهداف أكبر وطموح أعلى، وعندما يصل الشخص إلى هذه الدرجة سوف يشعر بأنه قوي وغني، قوي وغني بقوته الذاتية التي تجعل منه إنسان واثق في نفسه ومهاراته، وواثق كذلك في قدراته على التغلب على مشاكله، إنسان لا يشعر باليأس أو الاحباط ، ولا يستسلم للقنوط والانهزامية، إنسان ذاق حلاوة النجاح فتمسك به وقاتل حتى يحتفظ برصيد كبير في بنك قوته الشخصية.
ومثل هذا الإنسان يكره أن يسحب من رصيد بنكه، مثل الغني العصامي الذي تعب في تكوين ثروته، فهو يكره أن يسحب من رصيده، ويموت دون أن يصبح رصيده صفرًا، فتصفير الحساب يعني لكلا الشخصين أكثر من الافلاس، يعني انتهاء القوة، سواء قوة المال أو قوة الذات.
إن تضخم رصيدك البنكي هو نتيجة لتغذيته من مصادر دخل متعددة ونشاطات مبعثرة ولكنها كلها تصب في الحساب لتضخمه، وكذلك عناصر حساب قوتنا الشخصية، فيتم تغذيته من مصادر متعددة مبعثرة، ولكنها تصب في النهاية في هذا الحساب لتزيده قوة، فأهدافنا التي حققناها إذا كانت أهداف تخدم مصلحتنا الخيرة ونفوسنا الطيبة فسوف تضيف لرصيدنا قوة، وإذا كانت علاقاتنا مع الآخرين علاقات قائمة على الود والاحترام والانسانية وتقدير الآخر، فسوف تزيد رصيد حسابنا الشخصي قوة ومتانة.
وإذا كانت علاقاتنا مع الله قائمة على تقوى الله وطاعة رسوله ، وفعل الخير واجتناب المنكر فإن رصيد حسابنا الشخصي سوف يزيد ويكبر ببركة طرحها الله فيه، وإذا كانت علاقتنا مع أسرتنا أكثر حبًا ومودة ورحمة زاد رصيد سعادتنا في الدنيا وكبر معه رصيد حساب القوة لدينا، وإذا كانت إنجازاتنا شاهدة على نزاهتنا وفعل الخير وصفاء قلوبنا فسوف يزيد رصيد حسابنا الشخصي قوة.
ولأننا مررنا منذ أيام بنهاية عام تلقينا فيه كشوف من البنوك التي نتعامل معها لنراجع أرصدتنا، فهل اهتممنا بمراجعة كشوف حسابنا الشخصي أيضًا... ولأننا مع بداية عام جديد، فإننا مازلنا نملك الوقت والجهد والعزم والإرادة لنضيف لرصيدنا الشخصي كثيرًا... لنخرج في نهاية العام أغنياء ولسنا فقراء.


















