إثيوبيا وزيارة رئيس الجمهورية
بقلم : د.محمد علي بهنساوي يشرفني بمناسبة زيارة فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لدولة إثيوبيا حاليًا أن نقوم بعرض سلسلة من المقالات المختلفة عن العلاقات المصرية الإثيوبية منذ بدايات العصور الوسطى وحتى تاريخنا المعاصر متناولًا العلاقات السياسية والاقتصادية والدينية على وجه الخصوص، ولكني أحببت أن أبدأ معكم عن أصل تسمية دولة الحبشة بإثيوبيا حاليًا. لقد أطلق الكتاب والمؤرخون اليونانيون القدماء والرومان وغيرهم اسم إثيوبيا (التي تعني ذا الوجه المحروق) علي السكان من ذوي البشرة السوداء ممن سكنوا في المساحات الشاسعة الممتدة جنوبي مصر من إفريقيا غرباً إلي أسيا شرقاً. فقد ذكرها هوميروس وهيردودت وغيرهم واعتبروا أن إثيوبيا تبدأ من حدود مصر الجنوبية، بينما ذكرها ديودوروس الصقلي في مؤلفه "مكتبة التاريخ" والعالم الروماني سترابو في جغرافيته وأشارا إلي أن إثيوبيا كانت جزءًا من مصر وامتدادًا طبيعيًا لها وتقع إلي الجنوب منها. أما عن كلمة الحبشة فهي نسبة إلي قبيلة "حبشت Habashat" تلك القبيلة العربية السامية التي هاجرت من جنوب بلاد العرب عبر باب المندب في الألفية الأولى قبل الميلاد، حيث وصلت إلي المرتفعات الشرقية وأسسوا لأنفسهم مملكة حول "أكسوم"، حيث جلبوا معهم نظام كتابتهم الخاصة بهم ، والذي تطور فيما بعد إلى اللغة الجعزية. الجدير بالذكر أن هذه القبيلة "حبشت" كانت تعد من أقوي القبائل واستطاعت أن تعطي اسمها للمنطقة ، فصار سكانها يعرفون باسم الأحباش ، كما وجدت في نقوش اليمن القديمة بهذا الاسم. وفي العصر المعاصر قام الإمبراطور هيلاسلاسبي (1974 - 1930م) بتحويل اسم دولته من الحبشة إلى إثيوبيا رسميًا في عام 1955م ، وذلك بعد أن أقنعه كل من المستشار الفرنسي جان ليكلانت السكرتير الدائم للأكاديمية الفرنسية للفنون والمخطوطات ، والفرنسي جان فيركوتا عالم المصريات ومؤسس دائرة الآثار في السودان ، والفرنسي أندريه كاكوت أخصائي الكتابة الجعزية والسريانية، وقد نجح الثلاثة في إقناع الإمبراطور بأن اسم الحبشة اسم مهمش وفقير وتغيير اسم بلاده رسميًا إلى إثيوبيا. علي أية حال يمكن القول أنه يوجد إجماع لدى المؤرخين علي أن اسم الحبشة هو الاسم الصحيح لما يطلق عليه حاليًا" إثيوبيا"، لأنه يشمل مجموعة من السكان ذوي ثقافة واحدة تعيش في أرض واحدة ومذهب مسيحي واحد. وبالتالي فهو "أي الحبشة" أكثر انطباقًا على الأرض والشعب سواءً من الناحية الأثنولوجية أوالتاريخية أوالجغرافية، وعلي ذلك فمن الخطأ تاريخيًا إطلاق اسم إثيوبيا علي هذا الجزء الحبشي، فهم ليس لهم صلة بإثيوبيا، لأن الحبشة تنتمي إلي أحباش أكسوم القدماء الذين أشارت المراجع إلي انتمائهم إلي أصل يمني قديم. أما على مستوي العلاقات بين البلدين المصرية والإثيوبية فنحن نحترم حق الشعب الإثيوبي انطلاقًا من مبدأ عدم التدخل فى الشؤون الداخلية لها ، بل على العكس من ذلك فهو شعب نعتز بصداقته و بأواصر العلاقات التاريخية بيننا وبينه وخاصة على الجانب الديني ، وهو موضوع حديثنًا القادم بإذن الله.
⇧


















