بلطجة في الحرم الجامعي !
كتب : د.خاطر الشافعي
الهم بالأوطان هم بالوجود وجدواه ..يغلي المداد فيجبرني على كتابة هذا المقال في غير موعدي المتفق عليه مع إدارة الجريدة ؛ إذ كيف للعين أن تغفو ومحراب العلم المقدس تدنسه بلطجة الشوارع ، وكيف للنفس أن تطمئن وجحافل الشر تدهس بلا هوادة كل القيم التي من دونها لا أمل في تقدم ولا بصيص من ضوء نستشرف معه مستقبلا آمنا وواعدا يتماشى والجهد الرهيب الذي نرسم بمناهجه التطويرية خريطة نحقق فيها آمال الوطن من رفعة وازدهار .
طالب في جامعة الإسكندرية ضبط متلبسًا بالغش ، فقام الأستاذ بتحرير محضر غش له طبقا للقانون .. بيت الطالب النية وقام بما لا يتصوره عقل ، حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لطالب بكلية تجارة الإسكندرية قام بالاعتداء علي دكتور حرر محضر غش ضده وأصيب بإصابات بالغة، وقد أظهر الفيديو أثار الاعتداء حيث يتواجد بمكتب الدكتور الدم ، وكان الطالب يحمل طبنجة وجركن مليء بالبنزين ، وذلك بسبب قرار مجلس تأديب الجامعة بفصله عن الدراسة فصليين دراسيين لإثارته الشغب فى لجنة الامتحان .!
المحزن أن واقعة الاعتداء علي أحد الأساتذة بجامعة الإسكندرية ليست المرة الأولى ، بينما حدثت منذ أسابيع بكلية أداب الإسكندرية وطنطا وكذلك في أسوان ، وكل ذلك حدث في امتحانات الفصل الدراسي الأول في أقل من شهر .!
إن السلوكيات المشينة أصبحت سمة أساسية للأسف ، فالطلاب تأتي من مراحل التعليم العام مشبعة بسلوكيات غير أخلاقية في التعامل مع المعلم ، يأتون مشبعين بالدروس الخصوصية وعدم احترام المعلم ، وقد عايشوا حالات إعتداء على المعلمين مرت بدون عقاب رادع ، وانتهت بـ (معلش عيل وغلط ) أو بواسطة تتدخل رافعة راية السلام حرصا على مستقبل الطالب ، ولا أدري هل تم تأهيل الطلبة المعتدين بجلسات علاج نفس سلوكي أم لا ؟!
لقد ذهب الكثير من الطلبة إلى الجامعة ، وهم يعتبرون الغش حقًا مكتسبًا لهم ، وإن تم منعهم يعتبر ذلك ظلمًا من الأستاذ .!
بعض الطلاب يعتقدون أن النجاح حق مكتسب لهم ولا يحضرون المحاضرات فإذا رسبوا كان الأستاذ ظالمًا ، وتساعدهم بعض الجامعات علي ذلك برفع نسب النجاح ، فينجح الطالب الذي لا يستحق ، ويعرف أنه نجح وهو لا يستحق فيستمر علي هذا السلوك ويصبح من يمنعه من الغش ويعطيه حقه ظالما ويجب التصدي له ومعاقبته دونما اعتبار لهيبة العلم وأبوية المعلم وحرمة المكان .!
عن أي تقدم نتحدث ؟! عن أي تطوير نستشرف مستقبلًا أفضل في ظل وجود مثل تلك النماذج العفنة ترهب العلماء وتحبط الطلاب المحترمين ؟!
قد يتساءل البعض كيف دخل هذا المجرم إلى الحرم الجامعي بسلاح وجركن بنزين في ظل وجود الأمن الجامعي ؟! بالله عليكم هل الأمن يحرس مساجين ومسجلين خطر حتى يفتش كل طالب ؟! أين أهله ؟! أين متابعتهم له ؟! أين توجيههم وإرشادهم ؟! هل فقط يطلبون منه النجاح ويرهبونه بغض النظر عن الوسيلة ؟!
وطن حمل فيه طالبًا جامعيًا طبنجة بدلًا من القلم ، وجركن بنزين بدلًا من المذكرة .. هو وطن سيحترق إن لم يكن العقاب محققًا للردع الذي يمنع غير هذا المجرم من تكرار الفعل .!
إن فصل هذا المجرم واجب نحمي به محراب العلم من نفايات قاتلة ، فلمثل تلك النفايات جعلت السجون للإصلاح والتهذيب ، فلا تأخذنا بهم رحمة.
كاد المعلم أن يكون رسولًا ، وبالعلم سبقنا الغرب ، وبتطبيق القانون دونما شفقة بالمجرمين ، فيجب مقاضاة هذا المجرم جنائيًا ، ومنصة العدالة قادرة على إعلاء القيم .


















