سالم هاشم يكتب .. الدولة الحديثة… سجلّ من الصرامة والريادة
في كل مرة يُختزل فيها تاريخ مصر العريق في مشهد انتخابي مشوب بالمال السياسي، تتسلل الفوضى عبر بعض المرشحين، وتتصرف أحزاب صغيرة بلا مسؤولية، يظهر الخطر الحقيقي على الدولة ليس في التجاوز، بل في التطبيع مع التجاوز، وتقديمه للعالم على أنه المشهد الطبيعي لمصر الحديثة.
من يصف مصر بأنها “دولة ناشئة”، أو يدعي أن الانتخابات تجري بمنطق السوق السوداء، يغتال تاريخ دولة علمت العالم معنى القانون قبل أن يعرف العالم القانون نفسه. مصر ليست بلدًا جديدًا على التجربة السياسية، ولا ملعبًا للمال والرشاوى.
ماعت… أساس العدالة والحق
تعود جذور الدولة المصرية إلى مفهوم ماعت، الذي يجمع بين العدل والحق والنظام.
كان معيار الحكم والعدالة منذ القدم، وأساسًا لفهم المصريين لمسؤولية الدولة تجاه شعبها، قبل أن يعرف العالم القانون المكتوب.
الدولة الحديثة… سجلّ من الصرامة والريادة
عبر العصور، أثبتت مصر سباقها في بناء مؤسسات الدولة:
مجلس شورى النواب 1866: أول حياة نيابية عربية مكتملة الأركان.
دستور 1882: وثيقة سبقت محيطها بعقود، وأرسى أسس الدولة الحديثة.
دستور 1923: تحفة دستورية لا تزال مادة للتدريس.
دستور 2014: نظم الدولة تحت إشراف قضائي كامل، أسس هيئة انتخابات مستقلة، وجرم المال السياسي.
هذا التاريخ يؤكد أن مصر دولة راسخة، صلبة، وعريقة، وليست دولة ناشئة تتلمس طريقها في القانون والسياسة.
الفوضى في المرحلة الأولى… شاهد دامغ
المرحلة الأولى من الانتخابات كشفت عبثًا مروعًا:
مرشحون فردى بلا تاريخ سياسي استطاعوا إقصاء السياسيين الحقيقيين بالمال والرشاوى.
أحزاب صغيرة نصّبت نفسها “وصيّة على الناس”، وأصبحت أدوات ضغط وتحكم بالمشهد الانتخابي.
الطعون والشكاوى والفوضى الفردية تشكل شاهدًا دامغًا على اختلال العملية الانتخابية.
المال السياسي والرشاوى والأحزاب الطارئة لا يمكن التسامح معها، وإلا فقدت الانتخابات معناها، وتحولت إلى مزاد للنفوذ بلا برنامج سياسي.
مرشحون بلا تاريخ وأحزاب تتاجر بالمشهد
بعض المرشحين مجرد عتريس يحاول فرض زواجه على فؤادة التاريخ السياسي المصري.
الأحزاب الصغيرة، بدلًا من دعم الديمقراطية، أصبحت أدوات للهيمنة والإقصاء.
النتيجة: تدمير مصداقية العملية الانتخابية وإقصاء أصحاب الخبرة والكفاءة السياسية.
الإجراء الواجب… إلغاء الانتخابات كليًا
في ضوء هذه الشواهد، أصبح الحل واضحًا: إلغاء الانتخابات كليًا، وإعادة تنظيم العملية من الصفر، بعيدًا عن أي تأثير للمال أو النفوذ غير الشرعي، وتحت إشراف قضائي صارم.
هذا القرار ليس تهديدًا، بل واجب دستوري وأخلاقي، لحماية سمعة الدولة، وإعادة الاعتبار للسياسيين الحقيقيين، وحفظ إرث مصر التاريخ
نداء صريح للرئيس
سيدي الرئيس،
تراكم التجاوزات في المرحلة الأولى يستدعي إجراء عاجل وحاسم:
إلغاء الانتخابات كليًا في كل الدوائر التي شابها العبث والمال السياسي.
إنهاء أي تحالفات حزبية مسيئة للعملية الديمقراطية.
إعادة الاعتبار للسياسيين الحقيقيين الذين أُقصوا عمدًا.
هذه الإجراءات تؤكد أن هيبة الدولة فوق كل اعتبار، وأن مصر لن تتهاون مع أي عبث سياسي أو مالي.
ختاماً
إلغاء الانتخابات كليًا ليس مجرد إجراء شكلي، بل رسالة قوية وواضحة للعالم وللداخل:
مصر لا تقبل أن تُدار العملية السياسية بالمال.
أحزاب صغيرة لا يمكنها فرض هيمنتها على الشعب باسم الديمقراطية.
المرشحون الدخلاء بلا تاريخ سياسي لن يكون لهم موضع في المشهد السياسي.
هذا القرار يفرض الاحترام ويعيد التوازن، ويؤكد أن هيبة الدولة فوق كل اعتبار، وأن مصر ستظل صلبة في وجه كل عبث سياسي.
مصر ليست دولة ناشئة، وليست ملعبًا للمال أو الرشاوى.
هي دولة قديمة، راسخة، وعريقة… وقادرة دائمًا على إعادة الحق ووقف الباطل قبل أن يتحول إلى واقع مفروض.


















