×
12 ذو القعدة 1445
19 مايو 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

فدائيون وحبل المشنقة

المصريين بالخارج

بطل حكايتنا اليوم محمود العيسوي فدائي ولد في عام 1920م بقرية بنى غربانة التابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية، وحصل على شهادة الحقوق عام 1939 ودبلوم القانون الخاص عام 1940، ودبلوم القانون العام بتفوق عام 1941، وأعد رسالة للدكتوراه فى الحقوق بعنوان(مركز مصر الدولى بعد إبرام معاهدة سنة 1936)، لم يدري أنه يوماً ما سيغتال رجل من أخلص الوطنيين في تاريخ مصر، وهو رئيس الوزراء الدكتور أحمد ماهر باشا، إذاً نحن أمام شاب تملؤه الحماسة والوطنية، يغتال أحد قيادات حزب الوفد اللذين عملوا تحت لواء سعد زغلول، وضلع أساسي ومن أهم مؤسسي الجهاز السري لثورة 19، فمن هو أحمد ماهر؟.

احمد ماهر باشا رئيس الوزراء المغتال في 24 فبراير 1945م، هو ابن محمد ماهر باشا حكمدار القاهرة، وأخو علي ماهر باشا رئيس الديوان الملكي، وأول رئيس للوزاء بعد ثورة يوليو 1952م، ولد احمد ماهر في عام 1885 أو 1888 على خلاف في القول، وتخرج في مدرسة الحقوق عام 1908، ثم عمل بالمحاماة قبل سفره الى فرنسا للحصول على الدكتوراة في القانون من جامعة مونبيلييه، انضم بعد ذلك الى حزب الوفد تحت زعامة سعد باشا زغلول، وأصبح عضواً في الجهاز السري لثورة 19 والذي أسسه عمه عبد الرحمن فهمي، وكان هذا الجهاز مسئولاً عن الإغتيالات، فهو بمثابة الجناح العسكري للثورة، واشترك احمد ماهر من خلال الجهاز في عمليات كثيرة، كان أشهرها عملية إغتيال السير لي ستاك الحاكم العام للسودان، وفي هذه القضية ترافع عنه هو وصديقه محمود فهمي النقراشي المحامي الوفدي الشهير آنذاك مصطفى النحاس باشا، فتم تبرئة احمد ماهر، والنقراشي، لكنهم نسوا في غمرة ذلك عاملاً وهب كل حياته للدفاع عن قضية مصر، هو الشاب محمد فهمي علي الطوخي، فحكم بإعدامه رغم كونه لم يشترك في هذه العملية تحديداً، وهي نقيصة لصقت بثورة 19 وجهازها السري، كذلك برز اسم احمد ماهر في قضية دولت فهمي، والتي ذكرتها في مقال سابق، ولولاها لإعترف عليه عبد القادر شحاته، وإنتهى دور الجهاز السري وهو لا يزال في المهد، ورغم ذلك تركها الجهاز السري أيضاً تلقى مصيرها المحتوم على يد أخويها شكاً منهم في سلوكها، كل ذلك وغيره كثير يقطع بوطنية احمد ماهر دون ريب، فلماذا قتله الشاب الوطني محمود العيسوي بعد ذلك؟؟؟؟؟؟؟.

في الواقع أنه قد تختلف الرؤى في الموضوع الواحد، فيراه أحدنا على نحو ما، ويراه آخرون على نحو مغاير تماماً، وربما يراه ثالث غير متفق مع هذا ولا ذاك، فكُلُ ينظر اليه من زاويته، أقول ذلك بمناسبة أنه في يوم 8 اكتوبر من عام 1944 وعلى غير توقع كلف الملك فاروق احمد ماهر بتشكيل الوزارة، والتي استمرت حتى 15 يناير 1945، ثم كلفه مرة ثانية بتشكيلها في نفس اليوم، وهي الوزارة التي استمرت ما يقرب من أربعين يوماً فقط، وحتى إغتياله في 24 فبراير، في هذا العام طلبت بريطانيا من مصر دخول الحرب الى جانبها ضد المانيا ودول المحور، مُغرية الحكومة المصرية بإشتراكها في مؤتمر سان فرانسيسكو كدولة مستقلة، مشاركة في الحرب العالمية الثانية، ورآها احمد ماهر فرصة لا يجب التفريط فيها، حتى إذا إنتهت الحرب أصبحت مصر بإعتراف إنجلترا دولة مستقلة ذات سيادة، فيعزز ذلك مطلب الجلاء، كما أنه وجدها فرصة عظيمة كذلك لتدريب الجيش المصري، وإكسابه خبرة كبيرة، وهو الذي لم يدخل حرباً منذ زمن بعيد، فيصبح قادراً على حماية قناة السويس، وهي الذريعة التي تتمسك بها بريطانيا لإحتلال مصر، واصفةً إياها بأنها غير قادرة على إدارة القناة وحمايتها.

لكن القوى الوطنية جميعها في مصر إرتأت عكس ما رآه احمد ماهر تماماً، فكيف نقف بجانب إنجلترا في حرب وهي التي تذيقنا مرار الإحتلال منذ أكثر من سبعون عاماً، كيف نقف بجانب من نهب خيراتنا، وإعتدى على شرفنا، وإنتهك أعراضنا، ثم إنها حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل كما قال الشيخ مصطفى المراغي في ذلك الوقت، ناهيك عن أن ذلك يعني تخصيص كل موارد مصر لخدمة الجيش البريطاني في الحرب، وترك المصريين يتضورون جوعاً، كانت هذه نقطة الخلاف بين احمد ماهر والقوى الوطنيه، لا يستطيع أحد أن يقدح في وطنية أيهما، لكنها كما قلت إختلاف للرؤى لا أكثر، وكانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، فكان إغتياله على يد محمود العيسوي، وهو الذي أفرج عنه وأخرجه من المعتقل قبل ذلك بشهادة والد محمود العيسوي، إذاً فنحن أمام فدائي يقتل أخلص الوطنيين !!!!!!!!!!!.

يوم الإغتيال.

في يوم 24 فبراير من عام 1945، كان احمد ماهر يحضر جلسة للبرلمان عقدت خصيصاً لمناقشة ذلك الأمر، محاولاً إقناع أعضاء البرلمان بالموافقة، والتي نجح فيها بالفعل، وفي أثناء سيره في البهو الفرعوني، إذا بشاب يقترب منه مطلقاً عليه ثلاث رصاصات، فأرداه قتيلاً في الحال، تم القبض على محمود العيسوي وإعترف بإنتمائه للحزب الوطني، وأنه أقدم على ذلك بسبب القرار الذي إتخذه رئيس الوزراء، لكن الشكوك ثارت حول الإخوان، فهل كان لهم دور في عملية الإغتيال، بالرغم من إعتراف العيسوي بإنتمائه للحزب الوطني، خاصة وأنه تم القبض كذلك على حسن البنا وآخرون من قيادات الجماعة، ؟.

في الواقع أنه بالرغم من أن إعترافه هذا برأ حسن البنا ورفاقه، إلا أن هناك من يؤكد تورط الجماعة في عملية الإغتيال هذه، وهناك من يقطع بنفي ذلك تماماً عنها، والغريب أن من يؤكد ذلك، ومن ينفيه، ينتمون الى جماعة الإخوان، بل هم قيادات بارزة فيها، فمن نصدق؟، غير أن وزير الخارجية السابق في عهد مبارك، أحمد ماهر السيد وهو حفيد احمد ماهر باشا ينفي تلك التهمة عن الإخوان، ويؤكد إنتماء العيسوي للحزب الوطني الذي أسسه مصطفى كامل، على كل الأحوال فالله عنده يقين ذلك والعلم به، ولنترك ذلك للتاريخ فربما وقع تحت أيدينا، أو أيدي من يأتي بعدنا ما يكشف الحقيقة مؤكداً ذلك، أو نافياً.

يوم المحاكمة.

تم تكليف محمود فهمى النقراشى بتأليف الوزارة، وهو صديق ورفيق كفاح احمد ماهر باشا، فأمر بتشكيل محكمة عسكرية للنظر في القضية، وترأس المحكمة محمود منصور بك، وعضوية حسن حمدي بك وعسكريين آخرين، ترافع ممثل النيابة عبدالرحمن الطوير قائلاً:. (قضية اليوم هى قضية الشهيد والبغيض، أما الشهيد فهو أحمد ماهر، وأما البغيض فهو هذا الشقى الماثل أمامكم، وأستغفر الله أن أذكر إسميهما معاً، غير أن التاريخ سيفرق بين الإسمين، فيرفع اسم أحمد ماهر إلى السماء، وسيضع التاريخ هذا المعتدى القاتل يوم ولد ويوم يموت بين المجرمين الآثمين)، فرد الدكتور علي بدوى عميد كلية الحقوق، ومحامي العيسوي وإستاذه منفعلاً:.(لسنا هنا فى مقام تقدير الفضائل الشخصية لكل واحد من الناس ولا لبيان العيوب الشخصية، ولسنا أمام قضية تعيس وشهيد أو شقى وسعيد، إنما نحن أمام قضية تتعاطى بأمر خطير، قضية آمن بها المتهم، وإذا كان أحمد ماهر صاحب رسالة فإن المتهم إعتقد وآمن بفكرة تسلطت عليه، واعتقد المتهم وأعتقد أنا أيضاً معه أن مبعث ما طلبه احمد ماهر هو وحي الإنجليز).

وأثناء شهادة الشهود شعر العيسوي بأن المحكمة تهاجمه، فطلب ردها لأنه لا يطمئن لها، لكن المحكمة رفضت، فقال المتهم:. أنا أعفى أستاذى على بك من المرافعة، فرفض على بدوى واستمر فى الدفاع عنه.

وجاء يوم القصاص، يوم السبت الموافق 28 يوليو 1945، لم يمر على حادثة الإغتيال سوى أشهر قليلة، وصدر حكم محكمة جنايات القاهرة على القاتل محمود العيسوى –25 عاما-ومقيم بالقاهرة بالإعدام ومصادرة السلاح والطلقات المضبوطة، وذلك فى القضية 373 جنايات عسكرية /1945 السيدة زينب، وبمجرد سماع محمود العيسوى الحكم نادى بأعلى صوته على محاميه قائلا، ما تسيبنيش يا على بك، إعمل أي حاجة من أجلي.

عندما سار الحراس بمحمود العيسوى إلى المشنقة، وجه له السؤال المعتاد عما يريد، فطلب أن يسمحوا له بالصلاة، فتوضأ وصلى الصبح، وتوجه إلى حبل المشنقة، ثم توجه الى الحاضرين بكلمته الأخيرة قائلاً:.أنا لا يهمنى إلا حكم التاريخ، وأرجو من الصحفيين ألا يشوهوا سمعتى كما شوهوا القضية، وكلمتى لهم ألا تفتروا على ميت، تم تنفيذ الحكم وكان ذلك يوم 18 سبتمبر عام 1945 ، لتنتهي حياة فدائي أودى بحياة وطني، فأيهما أصاب، وأيهما أخطأ، علم ذلك عند الله، فلنترك له الحكم وهو خير الحاكمين.

محمود العيسوي المنوفية أحمد ماهر باشا حزب الوفد سعد زغلول

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الأحد 06:28 صـ
12 ذو القعدة 1445 هـ 19 مايو 2024 م
مصر
الفجر 03:19
الشروق 04:59
الظهر 11:52
العصر 15:28
المغرب 18:44
العشاء 20:13